أبدت أنقرة استياءها حيال تقدم الجهود السياسية والديبلوماسية لمواجهة "حزب العمال الكردستاني"، إذ أكد الرئيس التركي عبدالله غل أن صبر بلاده"بدأ ينفد"، فيما اعتبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في بوخارست أن قرار التدخل عسكرياً في شمال العراق"يعود"إلى تركيا فقط، رافضاً دعوة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أنقرة إلى ضبط النفس. جاء ذلك في حين أكد مسؤول أميركي بذل بلاده جهوداً لضمان اطلاق الجنود الأتراك الثمانية الذين يحتجزهم"العمال الكردستاني"، وطالب السفير الأميركي في بغداد ريان كروكر السلطات الكردية لمنع تمويل المتمردين، واعتقالهم لدى دخولهم الى المنطقة الحدودية الجبلية ومغادرتها. وقال أردوغان لدى زيارته رومانيا:"بالطبع يمكنها رايس أن تعرب عن الأمل بأن لا تشن تركيا عملية خارج حدودها غير أن القرار في شأن ضرورة مثل هذا التدخل يعود إلينا". وقارن رئيس الوزراء التركي هذه القضية بالتدخل الأميركي في العراق، وقال:"ألا يتساءل الناس عما يبحث الأميركيون في العراق على بعد عشرة آلاف كلم من ديارهم؟ أنا متضايق من حزب العمال الكردستاني. فما الذي أزعج الأميركيين في العراق؟". وأكد أن بلاده مصممة على التدخل عسكرياً في شمال العراق"متى اقتضى الوضع"ذلك. وأوضح أردوغان خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروماني كالين تاريسينو"أن قواتنا مصممة على القيام بهذه الخطوة تبعاً لمقتضيات الوضع"، مشيراً إلى"أن هدفنا هو منظمة حزب العمال الكردستاني الارهابية وليس المدنيين أو سلامة العراق ووحدته"، معتبراً أن"القادة العراقيين لن يستمروا في إيواء هذه المنظمة التي وجدت ملاذاً في شمال العراق". وجاءت تصريحات أردوغان بعيد تصريحات الرئيس التركي عبدالله غل في أنقرة التي أكد فيها أن صبر بلاده"يكاد ينفد"، وأنه مصمم على اجتثاث قواعد"حزب العمال الكردستاني"في كردستان العراق. ويقوم أردوغان بزيارة تستمر يومين إلى رومانيا التقى خلالها الرئيس الروماني تريان باسيسكو. وكان الرئيس عبدالله غل أكد أن تركيا"نفد صبرها"ومصممة على اجتثاث قواعد متمردي"حزب العمال الكردستاني"في شمال العراق، وذلك قبل محادثات سيجريها وفد عراقي في أنقرة لتفادي ضربة عسكرية ضد المتمردين. وقال غل في اجتماع للدول المطلة على البحر الاسود في أنقرة:"نحترم وحدة العراق وسلامة أراضيه لكن صبرنا نفد، ولن نقبل باستخدام الاراضي العراقية لنشاطات إرهابية". وأضاف:"نحن مصممون تماماً على اتخاذ كل الاجراءات الضرورية لوضع حد لهذا التهديد". وفيما ترد تقارير بأن تركيا تحشد مزيداً من القوات والعتاد قرب الحدود العراقية، أوصى مجلس الأمن القومي التركي الحكومة بعد اجتماع ليل أول من أمس بفرض عقوبات اقتصادية على منطقة الحكم الذاتي الكردية العراقية. كما أوصى المجلس الاستشاري المؤلف من كبار وزراء الحكومة والمسؤولين العسكريين بفرض"اجراءات اقتصادية ضد الاكراد الذين يدعمون في شكل مباشر أو غير مباشر هذه المنظمة الانفصالية". وتتبع الحكومة عادة توصيات المجلس. وتزود تركياالعراق والمنطقة الكردية خصوصاً بمعظم إمداداتها من الكهرباء والماء والطعام. وتعتبر تركيا أكبر شريك تجاري للعراق. وذكرت وسائل الاعلام أن أنقرة، ورغبة منها في عدم الاضرار بالعلاقات التجارية مع بقية أنحاء العراق، تنوي تحويل خطوط النقل البرية من معبر خابور الحدودي مع العراق الى معابر أخرى على الحدود السورية لتجنب المرور في المنطقة الكردية. وعلى الصعيد العسكري، أعلن الجيش التركي أنه أحبط ليل الثلثاء الماضي هجوماً جديداً شنه"حزب العمال الكردستاني"في جنوب شرقي تركيا، وأكد أنباء نشرتها الصحف. وأفادت قيادة الاركان أن الجيش نجح في"تعطيل أكثر من 30 إرهابياً"، في إشارة الى المقاتلين الأكراد الانفصاليين. وذكرت الصحف أن 30 متمرداً على الأقل قُتلوا. وأضافت في بيانها أن الجيش"رصد مجموعة كبيرة من الارهابيين الثلثاء الساعة العاشرة ليلاً فيما كانت تستعد لهجوم على موقع في يسيلوفا قرب الحدود التركية العراقية". وتابعت أن"مجموعة الارهابيين تعرضت إلى إطلاق نار معزز بالمدفعية والمدرعات وأسلحة ثقيلة أخرى"، لافتة إلى أن الجنود واصلوا إطلاق النار على المتمردين، فيما فر هؤلاء باتجاه الاراضي العراقية. وأفادت صحف تركية أن عدد مقاتلي"حزب العمال الكردستاني"الذين شنوا الهجوم تراوح ما بين 40 و100 متمرد، قُتل منهم 30، وأشارت الى أن طائرات تركية من طراز"أف-16"انطلقت من قاعدة جوية في ديار بكر لقصف معاقل"حزب العمال الكردستاني"على الحدود التركية، أول من أمس وضربت كذلك أهدافاً داخل العراق، إلا أنه لم يتسن التأكد من ذلك من مصدر رسمي. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن الولاياتالمتحدة"تبذل كل ما في وسعها"للافراج عن ثمانية جنود أتراك يحتجزهم المتمردون الأكراد منذ الاحد الماضي بعدما نصبوا مكمناً قُتل خلاله 12 جندياً تركياً. وصرح ماثيو بريزا نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون آسيا وأوروبا"بأن حكومتي مستاءة من الهجوم الذي وقع أخيراً". وأضاف:"نبذل كل ما في وسعنا ونعمل مع الحكومتين التركية والعراقية لضمان الافراج عن الرهائن المتبقين". وجاءت تصريحات بريزا في اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الاقتصادي للدول المطلة على البحر الأسود.