في 14 تموز يوليو الماضي، كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يحتفل بالعيد الوطني الفرنسي في حديقة قصر الاليزيه، وذلك بعد مضي أسابيع معدودة على توليه لمنصبه. وفي ذاك النهار أطل ساركوزي على مدعويه والى جانبه زوجته سيسيليا وابنتاها من زوجها الراحل، النجم الفرنسي جاك مارتان. فالتفت ساركوزي الى زوجته وأعلن أمام الحضور في حديقة القصر مدى حبه لسيسيليا وابنتيها وتغنى بجمالها. وكان ساركوزي صادقاً في تغنيه بزوجته، الجميلة والأنيقة، اضافة الى كونها لعبت دوراً أساسياً في حياته الزوجية والسياسية. فسيسيليا شخصية ذكية وقوية، كانت تعطيه باستمرار نصائح لاختيار فريق عمله أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية وفي حياته السياسية، وبدا واضحاً أن علاقتهما كانت وثيقة وقوية. ومن الطبيعي أن تكون علاقة رجل في سدة الرئاسة بزوجته موضع اهتمام الإعلام الفرنسي خصوصاً أن الاعلام الفرنسي يقارن علاقة ساركوزي وزوجته بالرئيس الأميركي الراحل جون كنيدي وزوجته. فقد كتب البعض عن سيسيليا أنها"جاكي كنيدي"الفرنسية، وطغت اخبارهما على الملف النووي الايراني وارتفاع قيمة اليورو وأنباء الاضراب الكبير الذي سيشل فرنسا غداً الخميس وزيارة وزير الخارجية برنار كوشنير ونظرائه الأوروبيين الى لبنان. واصبح محط الاهتمام الرئيسي للوسط الإعلامي هو أين اختفت سيسيليا وما سبب غيابها وصحة الشائعات حول مشاكلها الزوجية. الناطق الرسمي باسم الرئاسة، دافيد مارتينون، وهو صديق مقرب للزوجين، بدا محرجاً خلال مؤتمره الصحافي الاسبوعي، حيث توالت عليه الأسئلة من قبل الصحافيين الفرنسيين والأجانب حول صحة المعلومات عن انفصال سيسيليا عن زوجها وأسباب غيابها. وعلى مدى مؤتمره الصحافي ردد مارتينون"ليس لدي أي تعليق على هذا الموضوع الشخصي"، لكنه أكد ان سيسيليا لن ترافق زوجها في زيارة الدولة التي يقوم بها الاثنين المقبل الى المغرب، حيث يستقبله العاهل المغربي وزوجته. وسبق لسيسيليا ان اعتذرت في اللحظة الأخيرة عن حضور غداء خاص أقامه الرئيس جورج بوش وزوجته لورا على شرف ساركوزي وزوجته أثناء إجازتهما في الولاياتالمتحدة. وبررت سيسيليا غيابها عن هذا الغداء بالقول إنها مصابة بالتهاب في الحلق. وأصبح واضحاً ان علاقة الرئيس بزوجته باتت موضوعاً علنياً، وذلك على رغم التقليد السائد في الاعلام الفرنسي بالاحجام عن تناول المسائل الشخصية المتعلقة بالمسؤولين. فقضية مازارين بانجو، الابنة غير الشرعية للرئيس الراحل فرانسوا ميتران، لم يكشف عنها علناً الا في السنة الأخيرة من عهده، حيث كان مريضاً ورغب في الاعلان عن ابوته لابنته، فتم تسريب موعد غداء بينه وبينها لمناسبة عيد ميلادها في أحد مطاعم باريس، فنشرت مجلة"باري ماتش"صوره معها وكشفت في الوقت نفسه أمر علاقته السرية مع آن بانجو، والدتها. أما الآن فإن اهتمام الإعلام بساركوزي وزوجته مرده الى أن سيسيليا جميلة وأنيقة وزوجها رئيس شاب وأنيق، ويمثلان جيلاً جديداً من المسؤولين الفرنسيين. وقبل الإعلان الرسمي عن انفصالهما الذي قد يأتي في موعد يحدده الرئيس بنفسه، فإن الكلام عن علاقتهما لن يتوقف في الإعلام. حتى أن زميلة في اذاعة فرنسية روت كيف تركز اهتمام اذاعتها على غياب سيسيليا خلال زيارة ساركوزي الى بلغاريا حيث التقى الممرضات اللواتي ساهمت زوجته في اطلاق سراحهن من ليبيا. كما طلب القائمون على الوسائل الاعلامية من الصحافيين، الذين رافقوا ساركوزي لتغطية هذه الزيارة، الاهتمام بموضوع واحد وهو غياب سيسيليا لأنه الموضوع الأكثر أهمية للقراء والمستمعين. فعلاقة الرئيس بزوجته واحتمال انفصالهما قضية شخصية ومؤلمة، خصوصاً أنها مطروحة علناً، إلا أن الضجيج حولها لن يتوقف الا بعد صدور إعلان رسمي بهذا الشأن. واضافة الى أنه رئيس، فإن ساركوزي قبل كل شيء انسان يريد مراعاة ظروفه الشخصية، وله من سيسيليا ابن يدعى لوي، وهو يرغب كأي أب حماية حياته العائلية. فإعلان الطلاق أو الانفصال ليس بالسهل لأي زوجين عاديين، فكيف إذا كان رئيساً شاباً تشكل قصة طلاقه سابقة في تاريخ الرؤساء في فرنسا، هذا اضافة الى مشاعره كزوج وأب يتألم ويتوتر ويستاء وينفعل أمام نهاية علاقة زوجية كانت قوية. لكن لسوء الحظ، فإن الإعلام لا يصبر ولا يتفهم لأنه جعل من هذه القضية موضوع تساؤل وطني. ومن حق ساركوزي أن يقرر متى يكشف لشعبه عن نهاية حياته الزوجية، لأنها تعنيه وتعني أولاده قبل كل شيء.