في وقت كان يعمل لإخماد حرائق الضواحي واستعادة سمعته بين الفرنسيين، كان وزير الداخلية نيكولا ساركوزي منهمكاً في"إطفاء"فضيحة تتعلق بحياته الشخصية، وذلك بالتدخل لدى احدى دور النشر ل"تأجيل"نشرها كتاباً يتناول سيرة زوجته المنفصلة عنه سيسيليا. وافادت صحف الفضائح الفرنسية امس، ان دار"فيرست"للنشر قررت تعليق صدور الكتاب وعنوانه"سيسيليا ساركوزي بين القلب والعقل"الذي وضعته الصحافية فاليري دومان، وذلك نتيجة لقاء بين الوزير وفنسان بربار المسؤول عن دار النشر، في 9 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، اي في أوج أحداث الضواحي. وفي حين رفضت وزارة الداخلية التعليق على النبأ، بادرت سيسيليا الى تأكيده، بقولها انها"اتصلت بنيكولا وطلبت منه"التدخل، لأنها"صدمت"بمضمون بعض المقاطع المتعلقة بحياتها الخاصة في الكتاب الذي طبعت منه 25 ألف نسخة تنتظر طريقها الى المكتبات. وشكل هذا التطور سابقة، ذلك ان دور النشر الفرنسية غير معتادة على هذا النوع من التدخل، والسوابق في هذا المجال نادرة جداً، قد يكون أحدثها، تدخل أسرة الرئيس الراحل فرانسوا ميتران عام 1996، لمنع نشر كتاب طبيبه الخاص انطوان غوبلير، الذي يروي كيف عمل على مدى سنوات لإخفاء اصابة الرئيس الراحل بالسرطان. وأكدت سيسيليا التي تقيم بين نيويوركوباريس منذ انفصالها عن زوجها، انها لم تعد ترغب في"تناول الإعلام حياتنا الخاصة ولا الحديث عنها". وكان الاعلام الفرنسي بادر الى استغلال تفاصيل الانفصال، وكرس مساحات واسعة لتغطيتها، بعدما كان ساركوزي وسيسيليا السباقين الى"فتح شهية"الرأي العام للاطلاع على ما يدور بينهما. ونشرت مجلة"باري ماتش"على صفحتها الأولى صورة لسيسيليا مع"صديق"لها في نيويورك، ثم نشرت"فرانس سوار"اسم"صديقة"ساركوزي، فتحولت قصة انفصالهما الى محور لأحاديث متداولة وسط الرأي العام، ومحور لأسئلة مباشرة توجه الى الوزير خلال لقاءاته الاعلامية. وفي محاولة لمنع الاعلام من الاسترسال، أقام ساركوزي دعوى قضائية ضد"فرانس سوار"وأيضاً ضد وكالة الصحافة الفرنسية التي أوردت اسم صديقته. وبعد هدوء تام على هذه"الجبهة"في ظل أحداث الضواحي، طفت فضائح ساركوزي الى الواجهة عبر قضية الكتاب، خصوصاً ان الصحافية دومان أكدت رفضها الانصياع الى قرار عدم نشر كتابها الذي تقول انها أعدته بالتعاون مع سيسيليا. وأشارت الصحافية الى انها عازمة على احالة هذه القضية الى القضاء، مؤكدة ان لديها تسجيلات تثبت خلافاً لما ذكرته سيسيليا، انهما التقتا مرات وتحدثتا مطولاً بواسطة الهاتف. وذكرت انها اطلعت سيسيليا على فصول الكتاب الذي يتناول طفولتها في باريس، ثم زواجها من النجم التلفزيوني جاك مارتان ولاحقاً من ساركوزي وصعودهما السياسي حتى انفصالهما. وقالت دومان انها وفي ضوء تحفظات لسيسيليا عن الفصلين الأخيرين من الكتاب واللذين يتناولان علاقتها بصديقها، أدخلت تعديلات عليهما، من دون أن تبلغها بذلك. وافادت صحيفة"لوباريزيان"ان دومان حاولت الاتصال بسيسيليا، لاستيضاح الأمر، ولكن من دون جدوى، وتلقت من الأخيرة الرسالة الهاتفية الآتية:"لا أقبل تصرفاتك ولا أقوالك"، وهو ما وصفته الصحيفة بإعلان حرب. لكن دومان تبدو عازمة على الرد على هذا الإعلان بإعلان مماثل، ولن يكون بإمكان ساركوزي الاعتماد على قوات الأمن لتطويق الموضوع، كما فعل في الضواحي.