هدير طائرة مروحية حربية فوق سطوح المنازل يصم الآذان، ومن بعيد تسمع أصوات انفجارات واشتباكات. وهذه الجلبة هي ضجيج الحياة اليومية في بغداد. وفي أحد الأحياء، تتناهى فجأة الى مسمع المارين، وسط الضوضاء والضجيج، معزوفة الموسيقي البولندي الشهير، شوبان. فالأوركسترا الوطنية العراقية، وهي توقفت عن العزف بعد اختطاف عازفين فيها وهرب اثنين آخرين الى الخارج، تتابع تدريباتها الموسيقية للمرة الاولى بعد توقف اضطراري. وتبعث موسيقى الأوركسترا الحياة الثقافية العراقية التي يخنقها استشراء العنف، وعمليات القتل، وتعصب الطوائف. والأوركسترا العراقية، وهي أسست في 1959، كانت من أشهر فرق الموسيقى بالشرق الأوسط. واستقطبت الى صفوفها عازفين أوروبيين وأميركيين جنوبيين وآسيويين. وغداة الاجتياح الأميركي في 2003، سرقت معظم أدوات موسيقى الأوركسترا العراقية الوطنية، ودمرت أعمال العنف ما تبقى منها. ووقف الجنود الأميركيون موقف المتفرج من عمليات السرقة، ولم يقبضوا على اللصوص. فواشنطن أرادت ان تبدو عمليات النهب والسرقة حركة احتجاج شعبي على نظام صدام حسين. وتلقت الأوركسترا هبات من جهات خارجية موّلت استئناف أنشطتها الفنية. ومنذ 2003 الى يومنا هذا، نزح 25 عازفاً في الأوركسترا الى خارج العراق. ويتمرن أعضاء اوركسترا العراق الوطنية على عزف مقطوعات شوبان وبيتهوفن ودفوراك ودوك إيلينغتون وجورج غيرشوين. وتعزف الاوركسترا معزوفة موسيقار عراقي، وهي معزوفة حزينة وبطيئة الوقع لتتفادى جذب انتباه القتلة والمفجرين. عن كيم سينغوبتا، "اندبندنت" البريطانية، 10/10/2007