علا صوت الموسيقى في بغداد على أصوات الانفجارات والسيارات المفخخة والعنف الذي يضرب في عاصمة الرشيد منذ أكثر من 7 سنوات مساء أول من أمس ، اذ احتفلت بمرور 200 سنة على ولادة «شاعر البيانو» و «ملك الموسيقى الرومانسية» الموسيقي فريدريك شوبان. وهذه السنة التي أريد لها أن تكون سنة شوبان لنشر أثاره الموسيقية لم تكن عاصمة زرياب وإسحاق الموصلي بمنأى عنه، اذ شاركت العالم في احتفائه بالموسيقي الذي استقر جسده في العاصمة الفرنسية باريس وقلبه في كنيسة «الصليب المقدس» في العاصمة البولندية وارسو، البلد الذي ولد فيه. وحضر الاحتفال الذي أقيم في «البيت الفرنسي» في بغداد، وزراء ونواب عراقيون ، وسفراء الدول المعتمدون في بغداد فضلاً عن عشرات من الفنانيين والمثقفين والصحافيين العراقيين. وعبر السفير الفرنسي لدى بغداد بوريس بوالون عن أمله بأن «تسهم مثل هذه الاحتفالات في اعادة الحياة الثقافية الى بغداد وأن ينتهي العنف الى الأبد»، معتبراً ان « هذه الحفلة هي جزء من التعاون الثقافي بين باريس وبغداد». وافتتح الحفلة الفنان العراقي أحمد الحسيني أستاذ آلة البيانو في مدرسة الموسيقى والباليه وصوليست البيانو في الأوركسترا السمفونية الوطنية العراقية، وعزف بعض المقطوعات الموسيقية ل «شوبان»، ليؤكد ان الموسيقى هي القاسم المشترك بين الشعوب التي لا تعترف بالحواجز والحدود. ثم تلته عازفة البيانو العالمية عضو اكاديمية «كادينا بيا» الفرنسية فانيسا فاغنير التي سحرت الجمهور، ليس بأناقتها الباريسية فقط، وإنما بعزفها الذي حلق بخيال الحاضرين بعيداً ليعود بهم الى زمن بغداد الجميل، الذي فقدوه وأستبدلت بالموسيقى أصوات أزيز الرصاص ودخان المفخخات. العازفة فاغنير التي عزفت في ميونيخ وبودابيست وبروكسيل ولوكسمبورغ والمكسيك وشنغهاي، اضافة الى مسرح الشانزليزييه وكبريات صالات باريس، قالت ل «الحياة» انها « لم تر أي فرق بين العزف في باريس او أي مدينة في العالم وبين العزف في بغداد لأن الموسيقى هي الموسيقى» . وأضافت ان « أهلي وأصدقائي نصحوني بعدم المجيء الى بغداد واعتبروا توجهي الى العراق جنوناً، ولا أخفي أنني كنت مرعوبة قليلاً لكنني أصررت على المجيء وأنا سعيدة بالعزف في بغداد ، وسأعود إليها قريباً». وينحدر الموسيقي فريديريك شوبان من أب فرنسي وأم بولندية. وولد عام 1810 في منطقة تدعى «غيلازوفا فولا»، تبعد 50 كلم عن العاصمة وارسو. وظهرت عبقريته الموسيقية على البيانو مبكراً اذ عزف أول مقطوعة موسيقية وهو في عمر ثماني سنوات. ويرى النقاد أن من أهم أعماله «المازوركا والبولنديات وليليات». وفي عام 1831 غادر وارسو في شكل نهائي الى باريس ليستقر فيها، حتى وفاته عام 1849. وعلى رغم مغادرته مسقط رأسه بولندا، الا انها ظلت تعيش في وجدانه، ليؤلف لها أهم سمفونياته «عصر البطولة البولندية»، وظهر التراث البولندي في كل موسيقاه. ومن أهم مؤلفاته الموسيقية الأخرى «الافتتاحية ال24»، التي لقبت ب «ملكة الافتتاحيات»، لشدة تعلق ملوك أوروبا آنذاك بها.