فيما تواصل التوتر في العلاقات التركية - الأميركية، برز مؤشران إلى تهدئة موقتة على الحدود التركية - العراقية، تمثل الأول بتوقف القصف المدفعي على قرى يتمركز فيها متمردو"حزب العمال الكردستاني"، والثاني بتلميح الجيش التركي إلى عدم تلقيه بعد تفويضاً حكومياً بشن عملية في شمال العراق. جاء ذلك في حين اجتمعت الحكومة التركية في انقرة لصوغ مذكرة ستعرض على البرلمان للحصول على تخويل لفترة عام لشن عمليات عسكرية في شمال العراق حيث يتمركز 3500 متمرد من"حزب العمال الكردستاني". وأكد مسؤولون في إقليم كردستان شمال العراق عدم ورود"أي تقارير إضافية عن القصف بعد هجوم ليل أول من أمس على قرية كاني ماسي 40 كلم شمال شرقي دهوك". وكان مصدر في حرس الحدود العراقي أعلن أن القوات التركية قصفت قرية حدودية عراقية من دون الإشارة إلى وقوع إصابات، لافتاً إلى أن"القصف بدأ تدريجياً حوالى العاشرة مساء ليل الاحد - الاثنين، واستمر في صورة متقطعة لمدة ساعة، ولم يسفر عن اصابات، لكنه ألحق أضراراً في بعض المنازل". وأضاف المسؤول في الجيش العراقي أن قرية كاني ماسي أصبحت شبه مهجورة وقت الهجوم لأن السكان غادروها بعد ساعات من القصف. كما تعرضت قرى قرب مدينتي زاخو 470 كلم شمال بغداد والعمادية 15 كلم عن الحدود و50كلم شمال شرقي دهوك ليل السبت - الاحد إلى قصف متقطع. يذكر أن"حزب العمال الكردستاني"الذي تعتبره تركياوالولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي"منظمة ارهابية"، أعلن عام 1984 الكفاح المسلح بهدف الانفصال، ودخل في نزاع مسلح مع الجيش التركي أوقع حتى الآن 37 ألف قتيل. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان أبدى يوم الجمعة الماضي استعداده لمواجهة الانتقادات الدولية إذا قررت بلاده التحرك ضد قواعد"العمال الكردستاني"في شمال العراق. وتتهم انقرة هذا الحزب باتخاذ شمال العراق قاعدة لشن هجمات داخل تركيا أودت بحياة 15 جندياً الأسبوع الماضي. وفي أنقرة، قال الجنرال أرجين سايجون نائب رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش التركي إن من السابق لأوانه الحديث عن توقيت هذه العملية المحتملة أو نطاقها، وأضاف:"إذا فوضنا بتنفيذ هذه المهمة، سندرس نطاقها. وليس ممكناً الحديث عن ذلك الآن". وكانت الولاياتالمتحدة حضت تركيا على الامتناع عن شن أي عملية عسكرية كبيرة في شمال العراق، لكن العلاقات توترت بين واشنطنوأنقرة بعدما صدر قرار من لجنة تابعة لمجلس النواب الأمريكي يصف قتل الأرمن على أيدي العثمانيين عام 1915 بأنه"ابادة جماعية". وقال سايجون إن تحديد رد فعل تركيا على مشروع القرار الأميركي في خصوص مسألة إبادة الأرمن أمر يرجع الى الحكومة. وتنفي تركيا وقوع"ابادة جماعية"بل تلقي اللوم في مقتل الأرمن على صراع عرقي أعقب تعاونهم مع الجيش الروسي ضد السلطة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى. ويقول ديبلوماسيون إن من بين الاجراءات التي يمكن أن تتخذها تركيا رداً على ذلك، منع الولاياتالمتحدة من دخول قاعدة أنجرليك الجوية وإلغاء عقود شراء وتقليص الزيارات الثنائية ومنع الطائرات الأميركية من استخدام المجال الجوي التركي ووقف التدريبات العسكرية المشتركة. وتعتمد الولاياتالمتحدة في شكل كبير على القواعد التركية لتعزيز جهودها في العراق حيث ينتشر أكثر من 160 ألف جندي أميركي. وتشكو أنقرة منذ فترة طويلة من أن واشنطن لم تبذل ما يكفي من الجهود سواء من جانبها أم عبر الحكومة العراقية للتصدي لمتمردي"حزب العمال الكردستاني"في شمال العراق.