تلقى رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون ضربة قاسية بعدما اتهمه سلفه توني بلير بأنه يفتقد الى الرؤية السياسية وبأنه أخفق في كسب تأييد سياسي لأنه زعيم"أجوف". ولم يمهل بلير خليفته طويلاً اذ شنّ هذا الهجوم المرير عليه بعد ما يزيد على مئة يوم من حكمه فقط، وذلك من خلال تسريبات متعمدة لأعوان رئيس الحكومة السابق ووزراء سابقين موالين له. وفي الوقت ذاته كان استطلاعان جديدان للرأي، يؤكدان استمرار صعود شعبية حزب المحافظين المعارض على"العمال"الحاكم بنسبة كبيرة غير مسبوقة منذ فترة طويلة، بعد انتهاء شهر العسل القصير لبراون. وأظهر الاستطلاع الأول الذي نشرت نتائجه صحيفة"ذي صنداي تلغراف"وأجرته مؤسسة"آي سي أم"ان المحافظين حصلوا على تأييد شعبي نسبته 43 في المئة، في مقابل 36 في المئة للعمال، وتراجع للديموقراطيين الأحرار الى نسبة 14 في المئة فقط. الا ان الاستطلاع نفسه أوضح ان براون لا يزال يعتبر الزعيم الأقوى مقارنة بديفيد كاميرون زعيم المحافظين اذ سجل رئيس الوزراء تأييداً نسبته 52 في المئة في مقابل 32 في المئة للثاني. أما صحيفة"ذي ميل أون صنداي"فنشرت استطلاعاً آخر للرأي يظهر ان المحافظين تقدموا بمعدل أربع نقاط على العمال 41 في المئة في مقابل 37 في المئة. جاء هذا التدهور في شعبية براون بعد تراجعه عن الدعوة الى انتخابات مبكرة، وتعهد المحافظون بخفض ضرائب الإرث. ولذا فإن الأسبوع الماضي كان يعتبر الأسوأ خلال حكم براون القصير. وهو اعترف بذلك فعلاً عندما واجه الصحافة يوم الاثنين الماضي. وركزت وسائل الإعلام البريطانية على الهجوم غير المسبوق لبلير وأنصاره في حزب العمال على براون، ما يعيد الى الأذهان الخلافات المريرة السابقة بين الصديقين اللدودين على مدى السنوات العشر الماضية. ومن خلال تسريباتهم الى الصحف، قال أصدقاء بلير انه ليس مرتاحاً لتعمد براون طمس ارثه التاريخي وكذلك الإصرار على إعلان عزمه على التغبير، ما يثير المخاوف من أنه يريد التحول عن سياسات رئيس الوزراء السابق الإصلاحية. وفي الوقت ذاته، أوضح وزير العدل السابق اللورد فالكون وهو أحد اقرب أصدقاء بلير، ان من الضروري لبراون ان"يحدد رؤيته السياسية بالنسبة الى مستقبل بريطانيا". وقال فالكونر ان"التجديد لا يحدث من خلال تغيير الزعامة فقط". يذكر ان فالكونر الذي أدلى بهذه التصريحات الى صحيفة"ذي صنداي تايمز"، فقد منصبه الوزاري بعد تولي براون الحكم. وقارن بعض أعوان بلير براون بنائب الرئيس الأميركي السابق آل غور الذي خسر الانتخابات الرئاسية في عام 2000، لأنه تعمد الابتعاد عن سياسات الرئيس السابق بيل كلينتون. ويخشى اعوان بلير من"الحديث عن التغيير"وطمس أي إنجازات لرئيس الوزراء السابق، ما قد يؤدي الى خسارة العمال للانتخابات البرلمانية التالية لأن الناخب البريطاني"لا يزال يقع تحت سحر بلير"على رغم المعارضة الشديدة للحرب في العراق. ... وهجوم من باروسو في الوقت ذاته، شن رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو هجوماً نادراًَ ضد رئيس الوزراء البريطاني، واتهمه بتعريض الحرب على الإرهاب للخطر، وذلك عشية قمة الاتحاد الأوروبي في العاصمة البرتغالية لشبونة. وفي مقابلة مع صيحفة"ذي اوبزرفر"، قال باروسو الذي زار لندن الأسبوع الماضي، إن إصرار بريطانيا على الانسحاب الاختياري من بنود في اتفاق إصلاح الاتحاد الأوروبي لإحداث تعاون أكبر بين الدول الأعضاء حول القانون والنظام،"يضع عقبات أمام الحرب على شبكات الإرهاب في أوروبا". وأعرب باروسو عن اعتقاده ان"موقف براون خاطئ، ويبدو في بعض الأحيان متناقضاً، لأن بريطانيا كانت دائماً أول من يطالب باتخاذ إجراء دولي ضد الإرهاب، لكنها تبدو الآن غير ملتزمة كسائر دول الاتحاد بالجهود الأوروبية المشتركة".