تواصل إسرائيل البحث عن ذرائع لتبرير مسبق لفشل مؤتمر أنابوليس المتوقع نهاية الشهر المقبل فتبرئ ساحتها وتحيل المسؤولية لغيرها، في وقت تؤكد التقارير الصحافية أنها ليست مستعدة للتجاوب مع الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية وفي مقدمها صوغ"بيان مشترك"يتناول ملامح حل القضايا الجوهرية للصراع. وبعد يوم على تصعيد شعبة الاستخبارات العسكرية ضد السلطة الفلسطينية وقادتها و"ضعفهم"، جاء دور التصعيد على مصر واعتبار"تعمدها"عدم وقف تهريب الأسلحة من سيناء على القطاع"مشكلة استراتيجية"قد تنسف فرص نجاح مؤتمر أنابوليس، كما بلّغ وزير الأمن الداخلي آفي ديختر مبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط توني بلير في لقائهما في القدسالمحتلة أمس. ونقل عن الوزير الإسرائيلي قوله إن مصر قادرة على وقف ظاهرة تهريب السلاح"خلال يوم واحد لو كانت لديها رغبة جدية في ذلك". واستخف ب"تظاهر"أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية"وكأنها تعمل ضد الإرهاب وعلى بسط النظام"، معتبراً فرض النظام ووقف الفلتان الأمني شرطاً أساسياً لتطبيق"خريطة الطريق"الدولية. وأفادت صحيفة"هآرتس"ان إسرائيل نقلت أخيراً رسالة إلى واشنطن حذرت فيها من أن مواصلة تهريب السلاح وخبراء السلاح إلى القطاع ستعرض انعقاد المؤتمر في أنابوليس إلى الخطر، وناشدتها معالجة الموضوع مع القاهرة. وأضافت أن الرسالة عكست"إحباطاً إسرائيلياً"من سلوك مصر تجاه حركة"حماس"، سواء في مسألة تهريب السلاح أو على الصعيد السياسي ورعاية القاهرة لقاءات مصالحة بين"حماس"و"فتح"، ما يتعارض برأيها والجهود الدولية لتدعيم مكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو الغرض من مؤتمر أنابوليس. من جهته، أعرب بلير عن تفاؤله حيال نجاح مؤتمر أنابوليس في التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وقال في حديث خص به"يديعوت احرونوت"، كبرى الصحف الإسرائيلية، أمس إن"الوثيقة"الجاري التفاوض في شأنها بين الفلسطينيين والإسرائيليين لعرضها على مؤتمر أنابوليس"يجب أن تكون جوهرية تعيد الثقة بالعملية السلمية وتشير إلى تقدم". وأضاف:"من جهة هناك الفلسطينيون الذين يبحثون عن أفق سياسي وعن أمل، وفي الجانب الآخر يقف الإسرائيليون القلقون من احتمال أنهم يُدفعون بسرعة نحو الحل الدائم". ورأى ان"الوثيقة"يجب أن تشكل خشبة قفز إلى أمام لمواصلة المفاوضات، معتبرا ان مؤتمر الدول المانحة في كانون الأول لا يقل أهمية عن"مؤتمر أنابوليس"بالنسبة الى الفلسطينيين. وأبدى بلير"تفهمه"للمخاوف الأمنية الإسرائيلية، وقال إنه توصل إلى قناعة بأنه في المسائل الأمنية التي تخص إسرائيل لا ينبغي على الأخيرة تقديم تنازلات، داعياً الإسرائيليين في الوقت ذاته إلى"تفهم الضائقة الاقتصادية إلى درجة اليأس التي يئن تحت وطأتها الفلسطينيون". وتابع أن ثمة تغييرين كبيرين حصلا أخيراً في المنطقة لا يعيرهما كثيرون الاهتمام المستحق، لكنهما يتيحان احتمالات نجاح التفاوض، يتمثل الأول في وجود قيادة فلسطينية برئاسة عباس الذي"يسعى الى السلام الحقيقي بكل ما أوتي من قوة"ورئيس حكومته سلام فياض"ذي القدرات التنفيذية الهائلة". أما الثاني فهو تغيير استراتيجي في المنطقة تمثل في ازدياد التطرف"ما يجعل دولاً معتدلة لم تؤمن قبل أربعين عاماً بالسلام مع إسرائيل ترى اليوم فرصاً للتوصل إليه حيال التطرف المتزايد". واعتبر بلير أن مهمته الحالية في الشرق الأوسط تنحصر في"المساعدة"فقط لأن الدور الأهم في المفاوضات هو للأميركيين. وزاد أن قبوله المهمة ينبع من رؤيته الصراع العربي -الإسرائيلي أهم صراع في العالم في القرن الحالي،"صراع بين التطرف والاعتدال وبين الديكتاتورية والديموقراطية، وبين العداء والانعزالية بين الدول والتعاون بينها". من جانبه، حذر رئيس الطاقم الفلسطيني المفاوض أحمد قريع أبو علاء في حديث خاص للصحيفة نفسها من عواقب فشل مؤتمر أنابوليس"لأن فشلاً كهذا سيؤدي إلى تحطمنا جميعاً". وحدد الخطوط الحمراء الفلسطينية في ما يلي:"لن تقوم دولة فلسطينية من دون القدس أو في الضفة الغربية فقط... ولا معنى للدولة بلا القطاع. يجب الحفاظ على الوحدة الجغرافية والديموغرافية والسياسية مع القطاع... لن نوافق على دولة موقتة أو على اتفاق مرحلي... وفي حدودنا الغربية الخط الأخضر ستحصل تعديلات متفق عليها في إشارة إلى موافقة فلسطينية بتبادل الأراضي المقامة عليها كبرى المستوطنات بأراض إسرائيلية... ولن يكون اتفاق من دون حل مشكلة المستوطنات وقضية اللاجئين. ولن نتوصل إلى اتفاق من دون حل قضايا الأرض والحدود". وزاد ان الفلسطينيين يطالبون بتحديد جدول زمني لبدء المفاوضات وانتهائها وبلجنة متابعة دولية ترافق تطبيق القرارات.