استبق الكرملين القمة الروسية - الفرنسية المقررة اليوم، بالتأكيد على "الاهمية القصوى" لتعزيز التنسيق بين البلدين في مختلف المجالات، والامل في مواصلة"الحوار البناء والمفتوح"بين الرئيسين نيكولا ساركوزي وفلاديمير بوتين. وفيما اتجهت الانظار نحو"الملفات الخلافية"بين موسكووباريس، شدد مسؤولون روس على اهمية البحث عن"نقاط تقاطع في المواقف تعزز الحوار الثنائي". ويلتقي بوتين وساركوزي في موسكو اليوم، للبحث في جملة ملفات وصفتها مصادر ديبلوماسية فرنسية في موسكو بأنها تتمحور حول المسائل"الجيو-استراتيجية". وهذه اول زيارة يقوم بها ساركوزي الى العاصمة الروسية منذ توليه الرئاسة، لكنه سيكون ثاني لقاء يجمع الرئيسين بعدما كانا عقدا محادثات مطولة في حزيران يونيو الماضي على هامش قمة الدول الصناعية الكبرى . ومهد الكرملين للقمة امس، بالتأكيد على"الاهمية القصوى التي توليها موسكو للزيارة"خصوصاً، بعدما شهدت الفترة الاخيرة"نشاطاً متزايداً في السياسة الخارجية الفرنسية". ولفت مساعد الرئيس الروسي سيرغي بريخودكو الى اهتمام بلاده بتعزيز التعاون الاقتصادي التجاري بين البلدين وتوسيع مجالات التنسيق في متخلف المجالات خصوصاً على صعيد المشكلات الدولية الساخنة، وأعرب عن امل موسكو بأن"يتواصل الحوار البناء والمفتوح"الذي بدأه الزعيمان خلال لقائهما السابق ، مشيراً الى ان علاقات موسكووباريس"اتسمت بالديمومة والتواصل بصرف النظر عن كل التطورات السياسية والمتغيرات على رأسي هرم السلطة في البلدين". وأوضح ان الرئيسين الروسي بوتين وساركوزي سيركزان خلال المحادثات على مدى يومين على مناقشة المشاريع الاستثمارية التي من المفروض أن تنقل العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى مستوى"استراتيجي". مشاريع مشتركة وأشار المسؤول الروسي إلى أنه بين المشاريع الكبرى المطروحة - مشروع إطلاق صواريخ النقل الروسية"سويوز"من مطار"كورا"الفضائي وصناعة الطائرة الإقليمية سوبر جيت- 100"والتعاون في إنشاء طرق وخطوط سكك حديد سريعة". ولفت مراقبون الى ان تصريحات بريخودكو عكست حرصاً روسياً على اطلاق حوار يهدف الى تقريب وجهات النظر بين موسكووباريس خصوصاً في الملفات الخلافية الاساسية وهي موضوع برنامج ايران النووي ومسألة استقلال اقليم كوسوفو. وكانت اوساط روسية اعتبرت ان محادثات الجانبين ستكون"صعبة"بسبب التباعد الواضح في موقفي البلدين حيال عدد من الملفات الاقليمية والدولية. الملفات الساخنة وفي مقابل تركيز الجانب الروسي على الحديث عن الجوانب المتفق عليها مثل تعزيز التعاون الاقتصادي التجاري والمشاريع الاستثمارية المشتركة ، اشار ديبلوماسيون فرنسيون في موسكو الى ان القمة ستتناول الموضوعات"التي تحظى بأهمية استراتيجية بالنسبة إلى البلدين"وقال السفير الفرنسي في موسكو ستانسلاس دي لابولي ان القمة الروسية - الفرنسية ستركز على المسائل الساخنة اكثر من الملفات الاقتصادية، موضحاً ان الملفات الاساسية التي تسعى باريس إلى مناقشتها هي ايران وكوسوفو والتسوية في الشرق الاوسط ولبنان والعراق ودارفور. وكان محللون روس اعتبروا ان"العقدة"الاساسية في الملفات المطروحة هما الموقف من تشديد العقوبات على ايران ومنح كوسوفو الاستقلال ، وهما ملفان تعارضهما موسكو، فيما يحظيان بحماسة من جانب باريس. ولفت مصدر روسي الى ان المشكلة التي يواجهها بوتين حالياً هي ان" موقف فرنسا هذا تحول الى ثقل موازن للموقف الروسي في اوروبا"وأن باريس تتحول تدريجاً الى اقرب حليف للموقف الامريكي تجاه الملفات الدولية والاقليمية الساخنة . واعتبر المصدر ان مواقف باريسوموسكو متقاربة في"عدد محدود من هذه الملفات"وان هوة الخلاف بين البلدين تتسع لتطاول موضوعات اخرى مثل ملف واردات الطاقة الروسية الى اوروبا وعلاقات موسكو بجيرانها، اضافة الى مسألة الديمقراطية في روسيا. ودفع ذلك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى استباق المحادثات بالتأكيد على ان"المهم ان نبحث عن نقاط التقاطع في المسائل الخلافية وان يكون الاستعداد للحوار متوافراً". وكان ساركوزي وجه انتقادات مباشرة الى الكرملين في هذه المسائل ، وطالب بوتين ب"توضيح موقف روسيا من مسألة الشيشان وموقفيها تجاه جورجيا وأوكرانيا". وقال إنه"لا يتفق على الإطلاق مع تصريح الرئيس الروسي الذي أشار فيه إلى أن انهيار الاتحاد السوفياتي يعتبر من أكبر مآسي القرن العشرين". وأضاف أن"انهيار الدكتاتورية، والاتحاد السوفياتي نظام دكتاتوري، يعني خبراً جيداً". ورد ساركوزي في حينه على سؤال حول حلفائه بقوله:"إذا سألتموني إلى من أنا قريب ، الولاياتالمتحدة أو روسيا التي تسلك السلوك الذي نراه في الشيشان؟ فأنا قريب إلى الولاياتالمتحدة". ويعارض ساركوزي كذلك سياسة الطاقة التي ينتهجها الكرملين ، وسبق له ان قال ان"روسيا تشق طريقها إلى الساحة الدولية بقسوة وفظاظة، مستغلة مزاياها في مجالي النفط والغاز".