أكدت موسكوولندن عزمهما على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات. وشكلت زيارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير للعاصمة الروسية في مستهل جولة اوروبية يقوم بها، مناسبة لدفع العلاقات بين البلدين بعد عامين من الفتور بسبب الملف العراقي والمسألة الشيشانية. وكانت آخر جولة محادثات مطولة اجراها الزعيمان قبل عامين، خلال زيارة بلير الاخيرة الى موسكو في حزيران يونيو 2003. واستغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حينها المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده الزعيمان في ختام محادثاتهما لتوجيه انتقادات عنيفة لسياسة التحالف في العراق. وتسبب ذلك في فتور زاده منح لندن لجوءاً سياسياً للناشط الشيشاني البارز احمد زاكايف وكذلك للبليونير اليهودي الروسي برويس بيريزوفسكي المناهض للكرملين. في المقابل صعدت لندن من لهجتها في انتقاذ موسكو بسبب ما وصف انه تراجع عن مبادئ الديموقراطية وحرية الكلمة وحقوق الانسان في روسيا. وعلى رغم ان الزعيمين التقيا على هامش قمة الثمانية الكبار في الولاياتالمتحدة العام الماضي، فان ذلك اللقاء لم يسفر عن تحسين الاجواء بينهما. وجاء غياب بلير عن احتفالات عيد النصر على النازية في موسكو الشهر الماضي، ليزيد من حال الفتور. لكن اجواء الاستقبال الدافئة امس، عكست حرصاً روسياً على انجاح اعمال القمة ووضع التعاون بين البلدين، اذ اجرى الزعيمان جلسة محادثات مطولة في البيت الريفي للرئيس الروسي على اطراف موسكو. وأكد بوتين في مستهل اللقاء عزم بلاده توطيد التعاون مع بريطانيا في مختلف المجالات، ولفت الى الدور المهم الذي يمكن ان تقوم به لندن بدءاً من مطلع الشهر المقبل بعد توليها رئاسة الاتحاد الاوروبي وخلال تنظيم اعمال قمة الثمانية الكبار المقبلة المقررة في اسكوتلندا في السادس من الشهر المقبل. وشغل ملف التحضير للقمة حيزاً اساسياً من محادثات الزعيمين. ولفتت مصادر في الكرملين الى تقارب كبير في وجهات نظر الطرفين ازاء الملفات الاساسية التي ستناقش خلال القمة. ووصفت المصادر بريطانيا بأنها شريك استراتيجي مهم للروس في الاتحاد الاوروبي. وتطرق البحث كذلك الى المبادرة التي اطلقتها لندن لتقليص ديون الدول الفقيرة والتي ستشكل واحداً من محاور البحث خلال قمة الثمانية المقبلة. وأكد الرئيس الروسي في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع بلير في ختام المحادثات، دعم بلاده للمبادرة البريطانية وقال انه سيعطي توجيهات لوزارة المالية الروسية بالعمل مع نظيراتها في بريطانيا ومجموعة الثمانية، لبلورة اتفاق مشترك ازاء هذه المسألة. وأشار بوتين الى تقارب كبير في وجهات نظر الطرفين حيال ملف آخر طرحته لندن يتعلق بتعزيز التعاون بين الدول المعنية بتطبيق اتفاق"كيوتو"المناخي. من جانبه، شدد بلير على ان بلاده ستعمل على مواصلة تعزيز العلاقات بين روسيا والاتحاد الاوروبي على مختلف الصعد. ولفت الى قناعته بأن الجدل القائم حالياً حول الدستور الاوروبي لا يجب ان ينعكس سلباً على العلاقات الاوروبية - الروسية، مشيراً الى اهمية تطوير العلاقات خصوصاً على صعيد تطبيق خطط"خرائط الطريق"التي اقرها الطرفان اخيراً لانشاء اربع فضاءات مشتركة بين اوروبا وروسيا. وكان البحث تطرق كذلك الى مسألة مد انبوب لنقل النفط الروسي الى الشمال الاوروبي. وقالت مصادر روسية ان موسكو تأمل في دفع المحادثات الجارية حول هذا الملف، خصوصاً ان شركة"بريتيش بتروليوم"سيكون لها دور مهم في تنفيذ المشروع. ولفتت المصادر الى"التطور المهم"الذي شهده التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الماضي، اذ بلغ حجمه اكثر من تسعة بلايين دولار بزيادة تفوق 44 في المئة عن العام الذي سبقه. وتوجه بلير فور انتهاء محادثاته في موسكو الى برلين، محطته الثانية في الجولة التي تشمل ايضاً باريس ولوكسمبورغ، في اطار التحضيرات البريطانية لقمة الثمانية الكبار.