تستعد الغالبية الديموقراطية الجديدة في الكونغرس الأميركي لأول مواجهة كبرى مع الرئيس الأميركي جورج بوش في خصوص سياسته في العراق، بعدما رأت أن الحرب في هذا البلد المضطرب "معقدة" ما يقتضي إنهاؤها. ويأتي هذا الموقف الديموقراطي قبل أيام من إعلان بوش عن استراتيجيته الجديدة لتحقيق النصر في العراق، والتي يعتقد بأنها ستشمل خطة لتعزيز وجود القوات الأميركية في مدينة بغداد بارسال حوالي 20 ألف جندي إضافي وتقديم مساعدات جديدة بملايين الدولارات لخلق الوظائف للعراقيين. ويتوقع أن يكشف الرئيس الاميركي عن خطته الجديدة في خطاب متلفز الأربعاء المقبل. إلا أن زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد أوضح في الخطاب الاسبوعي للديموقراطيين أول من أمس أن الغالبية الديموقراطية في الكونغرس ترى أن الحل هو في إخراج القوات الأميركية من العراق وليس بإرسال مزيد منها الى هذا البلد. وقال ريد:"سعياً إلى تحقيق نتائج سيواجه الكونغرس الجديد العديد من التحديات هذا العام، لكن أهمها هو العمل مع الرئيس بوش لانهاء الحرب المعقدة في العراق". وخلافاً للرئيس الاميركي، أقر ريد بأن العراق يشهد"حرباً أهلية". وقال إن أي محاولة لحل المشكلة عبر"زيادة"عديد القوات الاميركية"ستكون خطأ كبيراً". وزاد أن"العسكريين المحترفين يقولون لنا إنه لا يوجد حل عسكري بحت للوضع في العراق، ولا يمكن حل الوضع هناك إلا سياسياً. يقولون إن زيادة عديد القوات القتالية وسط هذه الحرب الأهلية يقوض جهودنا لدفع العراقيين لتولي المسؤولية"في بلادهم. وأشار الى أن الجنود الاميركيين وعائلاتهم ضحوا كثيراً من أجل العراق وحان الوقت"ليقوم العراقيون بدورهم". وأضاف ريد:"بدلاً من ارسال مزيد من القوات الى العراق، نأمل في أن يوضح الرئيس للحكومة العراقية أن الوقت حان ليتولى العراقيون مسؤولية أكبر عن مستقبلهم، وأن يعلن البدء بانسحاب تدرجي لقواتنا خلال الأشهر الأربعة أو الستة المقبلة". لكن ريد لم يقل إن الديموقراطيين سيستخدمون سلطتهم الجديدة في الكونغرس لمنع تمويل عملية نشر أي قوات جديدة في العراق اذا اختارت الادارة الأميركية أن تزيد عديد قواتها في هذا البلد. إلا أنه وعد بأن يستخدم الديموقراطيون الجلسات التي سيعقدها الكونغرس"لتوجيه أسئلة صعبة والمطالبة بحلول حقيقية ومواصلة العمل لانهاء هذه الحرب". وكان الرئيس بوش تجنب أول من أمس مناقشة مسألة العراق في كلمته الاذاعية الاسبوعية التي ركز فيها على ضرورة التعاون بين ادارته الجمهورية والكونغرس الديموقراطي الجديد. وبدلاً من ذلك، عرض بوش على الديموقراطيين مشاركته في الجهود للتخلص من العجز في الموازنة وتحسين التعليم. الى ذلك، رأى القائد السابق لقوات حلف شمال الاطلسي الناتو في كوسوفو الجنرال ويسلي كلارك أن التعزيزات التي يفكر بوش في ارسالها الى العراق"ليست كافية"وستصل"متأخرة جداً"، ولن تؤدي سوى الى تفاقم الوضع بالنسبة إلى قوات التحالف. وقال كلارك الذي تولى قيادة قوات الحلف من 1997 الى 2000 في حديث إلى صحيفة"اندبندنت أون صنداي"إنه"لم يكن هناك يوماً قوات كافية في العراق". وأضاف أن "40 ألف رجل كانوا ينتشرون في إقليم كوسوفو الذي يبلغ عدد سكانه مليوني نسمة. وقياساً الى ذلك، يتطلب عدد السكان في العراق نشر قوة تضم 500 ألف رجل على الأقل". وتابع أن"إرسال عشرين الف جندي اضافي لا يكفي، ويأتي متأخراً جداً". ورأى أن"ارسال مزيد من القوات سيضعف القوات الاميركية، ويسبب مزيداً من التراجع في معنوياتها، ويجعلها تواجه مزيداً من كراهية العراقيين"، مشيراً الى أن"مرحلة ارسال مزيد من القوات قد ولت". وحذرت صحيفة"واشنطن بوست"في افتتاحيتها أمس من أنه"اذا ما اختار الرئيس بوش التصعيد، فعليه أن يبذل جهداً أكبر لشرح المهمة". وأظهر استطلاع اجرته شبكة"سي بي اس"الاخبارية في اول ايام العام الجديد أن عشرين في المئة فقط من الاميركيين يعتقدون بأن بوش لديه خطة واضحة للعمل في العراق، فيما قال 76 في المئة منهم إنه ليس لديه خطة. وجاءت النتائج اسوأ بالنسبة الى الديموقراطيين إذ قال 82 في المئة إن الغالبية الديموقراطية الجديدة في الكونغرس ليس لديها أي فكرة عما ستفعله في العراق.