قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر، أمس، على أحلام مؤسسي 12 حزباً سياسياً جديداً كانوا يسعون إلى ضمها إلى 23 حزباً تتمتع بالشرعية لكن لا تأثير لها في ظل سيطرة الحزب الوطني الحاكم. وفاجأت المحكمة مؤسسي هذه الأحزاب، وعلى رأسها "الوسط" و "الكرامة"، برفض طعونهم على رغم أن تقرير هيئة مفوضي الدولة أوصى بالموافقة على قيام"الوسط"لما تضمنه من "أفكار جديدة" و"برنامج متميز". وكان مؤسسو"الوسط"الجديد لجأوا منذ أكثر من 11 عاماً إلى القضاء للحصول على ترخيص بقيام حزبهم. وهذه المرة الثالثة التي تفشل فيها محاولات المؤسسين، وكانت الأولى في 10 كانون الثاني يناير 1996 والثانية في 11 أيار مايو 1998 والثالثة في 14 أيار 2004. وقضت المحكمة الإدارية برفض الطعون المقدمة من أحزاب"الوسط الجديد"و"الأمل الديموقراطي"و"الاصلاح الديموقراطي"و"القومي المصري"و"القومي الحر"و"التحالف الوطني والقومي"و"نهضة مصر الكنانة"و"السلام الوطني"و"نهضة مصر"و"الحرية الديموقراطية". كما قضت بصحة انعقاد المؤتمر العام لحزب"الشعب الديموقراطي"لكنها رفضت تأسيسه، وبعدم قبول طعن حزب"الكرامة"لرفعه بعد الميعاد. إلا أنها أكدت في حكمها انه يحق لطالبي التأسيس التقدم مرة أخرى لشؤون الاحزاب السياسية بعد استيفاء الشروط والضوابط التي استحدثها المشرع. وأرجعت المحكمة قرارها إلى تعديلات أدخلت على القانون الخاص بالأحزاب تطلب أن يكون الإخطار بتأسيس الحزب موقعاً من ألف عضو من المؤسسين على الأقل ومن عشر محافظات على الأقل بما لا يقل عن خمسين عضواً من كل محافظة وذلك بعد أن كان النص القانوني قبل التعديل يكتفي بأن يكون الإخطار بتأسيس الحزب موقعاً من خمسين عضواً من اعضائه المؤسسين. ويضع قانون الأحزاب الحالي قيوداً على الحقوق الأساسية من قبيل حرية التجمع والتنظيم والتعبير. وهو يفرض أن"لا يتعارض برنامج الحزب مع الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي"، وأن"يمثل إضافة إلى الحياة السياسية وفقاً لأهدافه وأساليبه المحددة". واعتبر وكيل مؤسسي حزب"الوسط"أبو العلا ماضي الحكم دليلاً على أن السلطة"غير جادة في الإصلاح"، وأكد أن الحكم"أثبت أننا في حاجة إلى قضاء مستقل". وطالب في تصريحات إلى الصحافيين عقب الحكم بإلغاء القانون الخاص بالأحزاب السياسية، مشيراً إلى أنه يمنح محكمة من درجة واحدة الحكم في حين لا يمكن الطعن فيها. وقال:"نحن وحزب الكرامة من أكثر الأحزاب تميزاً وما تريده الحكومة هو أحزاب كارتونية، ونحن لن نتراجع عن موقفنا وسنحاول مرة أخرى للخروج بالوسط إلى النور". وقال المفكّر عبدالوهاب المسيري معلّقا على الحكم:"إنه غباء من الحكومة لأنها تريد أن تظل الساحة خالية لها تتحرك فيها كما تشاء". وحذر من"الكبت"الذي يمارس على المعارضة لأن من شأنه أن"يولّد انفجاراً كبيراً لا تحمد عقباه ولن ينجو منه أحد". ورأى وكيل مؤسسي حزب"الكرامة العربية"حمدين صباحي أن الحكم يؤكد"عدم وجود أي أمل في التعددية الحزبية في مصر". وقال للصحافيين:"هذا الحكم يغلق أي باب في سبيل الأمل المنشود نحو أي تطور سياسي ويثبت زيف وادعاءات الحزب الوطني"، وأكد أن"الكرامة"حزب يستند في شرعيته الى الدستور. على صعيد اخر، بدا أن آمال قوى المعارضة في مصر في إجراء تغييرات على تعديلات دستورية اقترحها الرئيس حسني مبارك وبدأت لجان البرلمان في مناقشتها ستتبدد، إذ وافقت اللجنة العامة في مجلس الشعب البرلمان في أول اجتماع لها أمس السبت، للبحث في طلب رئيس الجمهورية ادخال تعديل على 34 مادة في الدستور، على عدم تحديد نظام اقتصادي للدولة في الدستور، وتركت للحزب الذي يحكم البلاد تحديد النظام الذي يتفق مع برنامجه. وأكد رئيس البرلمان الدكتور أحمد فتحي سرور أن اللجنة حققت رغبة الرئيس مبارك في تحقيق التلاؤم بين نصوص الدستور والأوضاع الاقتصادية المعاصرة وعدم تغيير جيل حالي بجيل قادم أو سابق، وتأكيد مبدأ المواطنة بدل تحالف قوى الشعب، وإضافة نص يحظر ممارسة نشاط سياسي أو حزبي على أساس ديني، وتمكين المرأة من التمثيل المناسب في البرلمان من دون إضافة ذلك إلى الدستور.