أعد الرئيس جورج بوش، بتعيينه قائدين جديدين لقيادة الجهود العسكرية الاميركية في العراق، المسرح أمام تغيير كبير في الاستراتيجية، لكن محللين شككوا في مدى التأثير الذي يمكن أن يحدثه أي قائد عسكري أميركي في مسار الحرب في هذه المرحلة. ويتولى الاميرال وليام فالون منصب قائد القيادة الوسطى في الجيش الاميركي، وهي القيادة الاقليمية التي تشرف على عمليات الجيش الاميركي في منطقة الشرق الاوسط، وسيرقى اللفتنانت جنرال ديفيد بتريوس ليصبح قائداً للقوات الاميركية بالعراق. ولفالون خبرة بالفعل في رئاسة قيادة مشتركة تضم وحدات من الجيش والبحرية ومشاة البحرية والقوات الجوية حيث يشغل حالياً منصب قائد قيادة المحيط الهادي في الجيش الاميركي. وعلى رغم أن فالون سيكون له دور كبير في التخطيط العسكري في العراق الا أنه سيواجه أيضاً قدراً كبيراً من التحديات الاخرى في مجال قيادته الجديد من بينها الحرب في أفغانستان والمخاوف الاميركية المتزايدة من البرنامج النووي الايراني. وذلك يعني أن قدرا كبيرا من الاهتمام بالعمليات العسكرية في العراق سيركز على بتريوس. ويشتهر بتريوس، الذي يتعامل بحميمية مع وسائل الاعلام ويجمع بين الخبرة القتالية والبحثية حيث حصل على الدكتوراه من جامعة برينستون، بأنه يولي القوة العسكرية اهتماماً أكبر بكثير من مسألة استخدام القوة. وقاد بتريوس الفرقة 101 المحمولة جواً اثناء غزو العراق العام 2003 وكان موضع تقدير لتعاونه الوثيق مع زعماء محليين لتحقيق الاستقرار في مدينة الموصل الشمالية ومشاركته في كل شيء بداية من التخصيص الى الانتخابات المحلية. وقال لرويترز العام 2003، من مقر قيادته في الموصل الذي كان واحدا من قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين،"نعرف أنه في هذا النوع من الجهود يتعين تحقيق انتصارات مبكرة وتحقيق قوة دفع مبكرة ثم يتعين الحفاظ عليها". وقاد بتريوس في وقت لاحق جهود تدريب قوات الامن العراقية وأشرف في الآونة الاخيرة على مراجعة شاملة لدليل عسكري أميركي في شأن محاربة المسلحين يؤكد على فهم السياسة والثقافة المحليتين. لكنه يواجه مزيجاً من المشكلات الامنية أكثر اهلاكاً وتعقيداً عما واجهه اثناء مهامه السابقة في العراق. فالهجمات على القوات الاميركية والعراقية وعلى المدنيين العراقيين في أعلى مستوياتها منذ الغزو كما حل العنف الطائفي بين الشيعة والسنة محل هجمات المسلحين السنة وهجمات"القاعدة"كأكبر تهديد. وقال انتوني كوردسمان، المحلل العسكري في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وهو مركز أبحاث مقره واشنطن،"يمكن التعويل على أن الجنرال بتريوس سيكون مؤهلاً للمهمة بأقصى ما يمكن، لكن من الواضح تماما انه مقبل على وضع لم يعد فيه للولايات المتحدة أي سيطرة على الامور". وأضاف كوردسمان، وهو باحث بارز في الشؤون العسكرية في واشنطن،"العمليات العسكرية الاميركية جزء واحد فقط من المعادلة وهي ليست الجزء المسيطر في تلك المعادلة". ويفكر بوش في زيادة قصيرة الامد للقوات الاميركية في العراق بما يصل الى 20 ألف جندي في اطار استراتيجيته الجديدة المتوقع ان يُعلن عنها هذا الاسبوع. لكن المحللين يقولون ان تلك الخطوة وحدها لن يكون لها سوى تأثير محدود في أفضل الاحوال. ويرون أن أفضل حل للتوترات الطائفية هو تحقيق المصالحة بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية. ويضيفون أن تلك العملية مسؤولية الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة وليست مسؤولية القوات الاميركية في العراق التي يبلغ قوامها 132 ألف جندي. وقال لورنس كورب، مساعد سابق لوزير الدفاع الاميركي ويعمل الآن في مركز التقدم الاميركي:"يمكن وضع أحد أفراد مشاة البحرية أو جندي أميركي على ناصية كل شارع في بغداد، لكن لن يحدث ذلك فرقا قبل أن يحققوا المصالحة".