هي عصابة لم تُؤسَّس لا للقتل ولا للسرقة ولا للاغتيالات السياسية أو الابتزاز أو الترهيب أو التخويف. عصابة"هَوِّيلو"كما تطلق على نفسها، وُجِدت من اجل الضحك والمرح والابتسام وافتعال المقالب فقط لا غير. وتنص المادة الأولى من مبادئها على ان كل تصرفات أفراد العصابة - وإن كانت فظَّة ومسيئة الى الغير - هي مشروعة طالما تُوصِل الى فعل الضحك. مركز عمليات"هوِّيلو"هو قاعات السينما في بيروت، حيث يكثر الضحايا. وتتألف العصابة من خمسة مراهقين لم تتخط سن أكبرهم العشرين، وهم: فرج، وحسين، وفؤاد، وكامل ومارون. "لسنا من محبي السياسة أو متابعيها"يقول كامل، ويضيف فرج"ولا من هواة النرجيلة أو ممارسة الرياضة". ويستكمل مارون ما بدأه صديقاه ليعبر عن مدى شغفهم بارتكاب المقالب والمواقف الطريفة وحبهم للضحك. يجتمعون عادة في أيام العطل المدرسيَّة في منزل حسين، يصفِّفون شعرهم بمثبت الشعر وكأن تياراً كهربائياً صعقهم، يرتدون السراويل الواسعة يجرونها وراءهم وينطلقون. يشترون ثلاث بطاقات لدخول الصالة على رغم انهم خمسة! يفسر فؤاد الأمر ويقول إن شراء خمس بطاقات أمر مكلف، لذا يعمدون الى شراء ثلاث ويلهون الحارس بينما يدخل اثنان خلسة القاعة وبالمبلغ المتبقي يشترون الفوشار لأسباب"تكتيكية وتخريبية". في القاعة تنتشر العصابة ويفصل حسين أنواع المشاهدين:"منهم من يحضر لمشاهدة فيلم شيق وقضاء وقت ممتع، ومنهم من يأتي هرباً من تشنجات البلد وأخبارها المزعجة وهو النوع الأكثر عرضة للغضب السريع، ومنهم من يحضر للانفراد بصديقته في آخر مقاعد القاعة، ومنهم من يأتي ليُعكِّر مزاج كل من سبق ذكرهم كأمثالنا". والمقالب والمشاغبات التي يقوم بها أفراد عصابة"هوِّيلو"إما جماعية أو فردية. فقد تكون جماعية مثلاً حين تُظهر الشاشة جسد فتاة عارية أو مشهداً حميماً، فيبدأون الصراخ والتصفير والتصفيق والتعليقات الساخرة كپ"دخيلو"وپ"تقبري عظامي"، وقد تكون فردية كرشق المشاهدين بالفوشار والاختباء وراء المقعد. مقلب رقم 1 يتذكَّر مارون وهو غارق في الضحك يوم وضعوا على الكرسي الفارغ أفعى بلاستيكية، فما إن جلست الفتاة وشعرت بأن شيئاً ما تحتها يلامسها حتى بدأت بالصراخ وهمَّت بالركض كالمجنونة في القاعة وهي تصرخ بأعلى صوتها: أفعى، أفعى. أما اكثر ما أضحكهم، يقول فؤاد، فيوم تحولت صالة السينما الى عملية كر وفر، وأضيئت الأنوار وتوقّف عرض الفيلم، حين ادخل كامل معه فأراً الى الصالة وأفلته لحظة البداية، فعلا صراخ الصبايا لمرور الفأر من بين اقدامهن، وقام المسؤولون والحرّاس بملاحقته ولم يمسكوا به الا بعد مرور نصف ساعة من الضحك المتواصل للعصابة. يشعر افراد"هويلو"بأن مقالبهم غالباً ما تكون قاسية، الا انها"لا تُوصل الى الموت"كما يقولون. مقلب رقم 2 يعترف الشبان ان الأجرأ بينهم في صنع المقالب هو كامل، بخاصة انه يتمتّع بمخيِّلة واسعة وخفة يد، ففي إحدى المرات ربط قدم أحد المشاهدين بالمقعد، وما إن انتهى العرض وهمَّ الرجل بالوقوف حتى وقع على الأرض وأوقع معه العصابة أرضاً من شدة الضحك. ولأفلام الرعب ترتيبات خاصة، إذ تعمد"هوِّيلو"الى الجلوس خلف مجموعة من الفتيات. ويقول فرج محاولاً ان يمسك نفسه من شدة الضحك انهم ينتظرون مشهداً مرعباً ليصرخوا بأعلى أصواتهم"آآآآآآآآآآآآآآه". وفي إحدى المرات حين صرخت العصابة بصوت منسجم، أصيبت الفتيات بالرعب والذعر، فقذفن علب الفوشار بحركة لا إرادية الى الأمام، لتصيب رؤوس المشاهدين أمامهن وعمَّت الصالة موجة عارمة من الهرج والمرج. مقلب رقم3 الا ان المقالب لا تُحاك فقط على قياس المشاهدين، بل انها تُنفَّذ في أحد أفراد العصابة حالما تسنح الفرصة. ويسرد فرج أهم المقالب التي حدثت مع حسين، حين دعا صديقته الى مشاهدة أحد الأفلام الرومانسية وللاختلاء بها، وذلك بالطبع من دون علم أفراد العصابة تفادياً لمقالبهم. الا ان حظه العاثر لم يسعفه وعلمت"هوِّيلو"بمخطط حسين. فما كان منهم الا ان تبعوه ووجدوه في آخر صف من الصالة يغازل صديقته ويهمّ بتقبيلها. فبدأوا بالتوافد عليه تباعاً وسلَّموا بحرارة وأطالوا السلام, تاركين بين الواحد والآخر فاصلاً من خمس دقائق. فلا يكاد ينغمس في الحديث مجدداً حتى يقاطعه وافد جديد. ويقول مارون وهو يقهقه فيما حسين ينظر الى السماء ويهز برأسه، ان ذروة الموقف الفكاهي للعصابة والتراجيدي لحسين، حين جلسوا جميعاً الى جانبه وبدأوا بالحديث معه عن المدرسة والصبايا ومعلمة الرياضيات وغرامها بغبائه، فقامت صديقته غاضبة وغادرت، وغرق الجميع بالضحك، عدا حسين الذي بدأ بالتفكير كيف يرد الصاع صاعين!