في عام 1997، أطلقت لعبة "تومب رايدر" Tomb Raider في نسختها الرسمية الأولى. وصممت بالأبعاد الثلاثة ومع تحكّم هائل بالرسوم وبالمسار الزمني للأحداث التي ترسم دراما تلك اللعبة. فضلاً عن ذلك، حرص المصمّمون على العناية بالمواصفات الفردية للشخصية الرئيسية للعب: الفتاة المتمرسة"لارا كروفت"، الأنثى البشرية الفريدة. وتلاعب المبرمجون بالأخيلة عبر التركيز على إدماج التوهيم الجنسي لتلك الأنثى التي تمزج بين إثارة الرغبات الحارة وسخونة العنف الذي يتضمن الكثير من استخدام الجسد أيضاً. وساهم مزيج الجنس الخفي والعنف المُعلن في جعل"لارا كروفت"أنثى تستدرج التعلّق بها عاطفياً، وخصوصاً من الشباب والمراهقين الذين يشكّلون الجمهور الرئيسي لألعاب الكومبيوتر. وقد باعت لعبة"تومب رايد"الأولى أكثر من سبعة ملايين نسخة. وسرعان ما صارت من كلاسيكيات الألعاب الالكترونية. وباتت جزءاً من المقياس الذي يستعمله الجمهور في تقويم تلك الالعاب"على غرار ما يمكن القول ان لعبة"فلايت سيميوليتور"Flight Simulator هي مقياس لالعاب المُحاكاة الافتراضية. لقد أعطت"تومب رايد" حيوية كبيرة لمنصة الألعاب"بلاي ستايشن"PlayStation التي تصنعها شركة"سوني"اليابانية، كما غيّرت الطريقة التي يمارس فيها الناس الألعاب الرقمية. ويصعب إغفال واقع أن هوليوود التقطت"تومب رايدر"وحولتها إلى سلسلة من الأفلام السينمائية، أدّت دور"لارا كروفت"فيها الممثلة الاميركية انجلينا جولي، وساهمت في الشهرة المدوّية لتلك النجمة. ولا يخلو من دلالة ان جمهور السينما ينظر إلى جولي باعتبارها من أكثر النجمات جاذبية واغراءً، ما يعني أن التوهيم الجنسي في شخصية"لارا كروفت"لم يكن نزوة ولا فنتازيا عبثية. ولقد باتت شخصية"الجميلة المقاتلة"جزءاً من تركيب كثير من الالعاب الالكترونية لاحقاً. وفي السياق السينمائي، يمكن إدراج"تومب رايد"ضمن باكورة الألعاب الافتراضية التي تحوّلت إلى أشرطة هوليوودية, ولم يسبقها سوى قلّة من الألعاب مثل"مورتال كومباكت"Mortal Compact، التي جسّد شخصيتها الرئيسية على الشاشة الممثل الفرنسي كريستوفر لامبير. بعد عشر سنوات: المغامرة مستمرة... على مدار عقد من الزمن، حرصت شركة"كريستال دايناميكس"على تطوير لعبة"تومب رايد"، مع إضفاء المزيد من الأبعاد والقدرات الى شخصية"لارا كروفت"على وجه الخصوص. ومع مرور عقد من السنوات على إطلاقها، صنعت"كريستال دايناميكس"نسخة جديدة من تلك اللعبة حملت عنوان"لارا كروفت تومب رايد: انيفيرساري"Lara Croft Tomb Raider: Anniversary، وترجمتها"لارا كروفت تومب رايدر: الذكرى""والتي يتبيّن فيها حرص الشركة على الاستمرار في التلاعب بالعناصر عينها التي ظهرت في اللعبة الأولى. وحسّنت تلك الشركة من اداء محرّك الألعاب"تومب رايدر: ليجيند"Tomb Raider: Legend . وتتآزر الرسوم الثلاثية الابعاد والتكنولوجيا الرقمية وفيزياء التلاعب البصري في رفع مغامرة"لارا كروفت"ومطاردتها إلى مستوى رفيع، خصوصاً مع دعم الجوانب التي تُمكن كل مستخدم من صنع"لارا كروفت"خاصة به، فكأنه يشتغل على مصنوعة يدوية أسطورية! تتابع"تومب رايد"مغامرات الشابة"لارا كروفت"التي تسعى الى العثور على مصنوعة يدوية قديمة تُسمى"سكيون"Scion مع استعانتها بخدمات مجموعة قوية من القدرات. وبعد أن تكتشف"لارا"أنها استُعملت أداة في مخطّط كبير، تأخذ الأمور على عاتقها وتقرّر اكتشاف السرّ الذي تخبئه تلك المصنوعة الغامضة. ويمكن النظر الى نسخة الذكرى العاشرة كإعادة تصوير للعبة الأولى. ويتحكّم اللاعبون بشخصية"لارا"التي تظهر مُدجّجة بالأسلحة لتقضي على أعدائها، وكذلك لتحول دون وقوع المصنوعة الغامضة في الأيدي غير المناسبة. ستكون الرواية والمستويات والأعداء معروفين لدى أولئك الذين يذكرون لعبة الفيديو الأساسية التي كانوا يلعبونها على منصتي"بلاي ستايشن"والپ"سيغا ساتورن". ولا يعني ذلك أن لعبة"تومب رايدر الذكرى"وقعت في مطب التكرار، فقد عمل فريق صنع اللعبة على الرواية لجعلها أكثر درامية. ولم تتضح حتى الآن الأبعاد الكاملة للتعديلات التي أُدخلت على الحبكة الرئيسية للعبة. وفي المقابل، يظهر أن سعي"لارا"خلف"سكيون"يجعلها تسافر إلى أماكن عدّة تمتد من البيرو إلى المناطق الاثرية في اليونان. بصرياً، يستعين الفريق بمحرّك الرسوم"تومب رايدر ليجيند"الذي ينجح في منح تفاصيل دقيقة في تصميم حركات اللعب ومستوياته. وتبدو"لارا"في الشريط الإعلاني القصير عن اللعبة مميّزة كالعادة مع رداء السباحة الذي يتألف من قطعة واحدة والذي يعرفه الجمهور جيداً"مع السروال القصير البنّي وجرابي مسدّسيها. وتبدو حركتها سلسة سواء أكانت تركض أم تصارع أم تضرب الماء بقدميها خلال السباحة. ولحسن الحظّ يحافظ شكلها على اللمسات الواقعية التي رأيناها في اللعبة الأصيلة، مع عدم المُبالغة في... التفاصيل! كما تعد شركة"كريستال دايناميكس"أن يبدو مظهر الحيوانات العدوّة أفضل، لتصبح الدببة والذئاب أقرب إلى حيوانات مفترسة واقعية منها إلى خربشات ضوئية مُنفّرة. أولئك الذين يعرفون معارك"تومب رايد" يدركون أنها تعتمد على السيناريوات السريعة الحركة، إضافة إلى مزيج من الأحجيات الصعبة. ولذا، يضمّ التصميم الجديد للعبة فيوضاً من هذا المزيج. فمثلاً، نجد"لارا"في إحدى الغرف تبحث عن مزالج لفتح باب ما، فيما تحاول أن تتفادى أسهم السمّ التي تنطلق من الجدران في الوقت نفسه، فضلاً عن الذئاب الجائعة التي تبحث عن الطعام. وتتطلب بعض الحالات الأخرى توقيتاً دقيقاً للغاية للمرور عبر جدران تنغلق بصورة مفاجئة، وخلفها حفر مليئة بالأشواك! ويمكن اللاعبين تفقّد لائحة القوائم الفرعية في أيّ وقت للتمكن من الدخول إلى عدد من أدوات"لارا". وتضمّ هذه الأدوات مسدّسيها الأمينين والرزم الطبّية وأغراضاً أخرى تساعدها خلال رحلتها. وتستمرّ الإشارات الصوتية بلعب دور كبير في مغامرة"تومب رايد"، فتنطلق مقطوعات موسيقية مشوّقة عندما تجد"لارا"نفسها في موقع خطر. كما يؤمل أن تجذب اللاعبين أصوات النيران والعدو وأصوات طبيعية أخرى، مثل سقوط الصخور وتدفق المياه وغيرها. وتُضاف إلى اللعبة حوارات تجريها"لارا"بنفسها، وتتراوح بين تنهّدات صغيرة عندما تسحب نفسها لبلوغ حافّة وتلميحات شفوية تساعد اللاعب على التقدّم عبر المستويات المختلفة من اللعب. يتركنا هذا مع سؤالين حول لعبة"تومب رايدر الذكرى"في وضعها الحالي. ففي البداية السؤال الأهم هو: هل سيضمّ القرص المُدمج للعبة نوعاً من عرض تاريخي لأحداث الماضي؟ فلربما راق للبعض رؤية عرض لتاريخ لعبة"تومب رايد"منذ بدايتها. وقد يأمل آخرون أن يُعطي طوبي غارد، مبتكر"لارا كروفت"، بعض النواحي النفسية عن بطلة لعبته. ويتمحور السؤال الثاني حول المنصّات التي تستوعب لعبة"تومب رايدر الذكرى". وراهناً، تتواءم"بلاي ستايشن 2"و"بلاي ستايشن بورتابل"، وكلاهما من صنع"سوني"، وحدهما مع لعبة"تومب رايدر الذكرى". ولم تصرح شركة"كريستال دايناميكس"رسمياً عن مدى تواؤم اللعبة مع منصات"اكس بوكس 360"و"نينتندو"وغيرهما. وبغض النظر عن المنصّة، تسعى لعبة"تومب رايدر الذكرى"الى أن تكون مميّزة فعلياً، وتقدّم تحيّة إلى احدى بطلات ألعاب هذا الجيل الأكثر تميّزاً وتعدّداً في المواهب. وإذا نجحت شركة"كريستال دايناميكس"في رهاناتها على لعبة"تومب رايد الذكرى"، فقد يحظى ممارسو الألعاب الالكترونية بمغامرة على مستوى شهرة"لارا كروفت". القسم العلمي - بالتعاون مع مركز الترجمة في "دار الحياة"