سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"المحاكم" تلجأ إلى "تورا بورا" على الحدود الكينية بعدما دخلت القوات الحكومية والاثيوبية معقلها الأخير . إسلاميو الصومال "إلى الأدغال" بعد تجنيبهم كيسمايو "حمام دم"
فر الإسلاميون الصوماليون من كيسمايو، معقلهم الأخير في جنوب البلاد، وتوجهوا نحو الحدود الكينية أمس الإثنين، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها تعني انهم سيلجأون إلى تكتيك حرب العصابات بدل الدخول في مواجهة مفتوحة مع قوات الحكومة الانتقالية المدعومة بجنود اثيوبيين معززين بدبابات وطائرات حربية. واختفى آلاف عدة من المقاتلين الإسلاميين الذين انسحبوا الخميس من العاصمة مقديشو ليتمركزوا على بعد 500 كيلومتر الى الجنوب قرب ميناء كيسمايو، مرة أخرى اثناء الليل بعد تبادل قصف مدفعي مع القوات الاثيوبية والحكومية المتقدمة في مدينة جيليب الاستراتيجية التي تبعد نحو مئة كلم شمال كيسمايو. وقال سكان إن زعماء مجلس"المحاكم الاسلامية"ومقاتليهم الذين طردوا من مقديشو الخميس بعد احتلالها لستة أشهر، توجهوا جنوباً على امتداد ساحل المحيط الهندي نحو كينيا المجاورة وتوعدوا بالرد بتكتيك حرب العصابات. وقال بعض سكان كيسمايو ان الإسلاميين اتجهوا الى منطقة بور جابو على الجانب الصومالي من الحدود. وقال أحد السكان:"إذا ذهبوا إلى هناك سيكون من الصعب جداً على الاثيوبيين التمكن منهم"، مقارناً المنطقة بمنطقة تورا بورا الوعرة في أفغانستان حيث اختبأ مقاتلو"طالبان"و"القاعدة"خلال الحرب الأميركية ضدهم في 2001. وقال العقيد في القوات الصومالية الحكومية عبدالرزاق اسدادود لوكالة"فرانس برس"في اتصال هاتفي اجري معه من مقديشو"سيطرت قواتنا على كيسمايو بكاملها". وقال أحد السكان ويدعى محمد بيني:"نرى الآن القوات الحكومية والاثيوبيين في كيسمايو ... لقد سيطروا على المدينة والسكان يحتفلون بوصولهم ويغنون". وذكر العقيد الصومالي ان الاسلاميين فروا من كيسمايو و"نحن نطاردهم". وقال وزير الدفاع الصومالي العقيد عبدالقادر عدن شير، المعروف أيضاً باسم"برّي هيرعالي"، في اتصال هاتفي خلال توجهه أمس في قافلة عسكرية إلى كيسمايو، انه بالغ السرور بما يحصل. وأضاف:"إنني سعيد لعودتي إلى كيسمايو بعد فترة غياب قصيرة". وأفيد أن بعض سكان كيسمايو استغل فرار الإسلاميين لنهب مخازن أسلحتهم. وقال محمد أمين، وهو أحد عشرات السكان الذين شوهدوا وهم يأخذون أسلحة تركها الإسلاميون وراءهم،"لقد أتيت لأرى هل يمكنني أن أحصل على أي شيء يمكن بيعه". وسيطرت القوات الاثيوبية والصومالية مساء الأحد على جيليب الواقعة على مسافة مئة كلم شمال كيسمايو والتي تشكل منفذاً استراتيجياً اليها. وقال الزعيم العشائري في كيسمايو محمد شيخ حسين"شاهدت المقاتلين الاسلاميين يغادرون المدينة بعدما هزموا في جيليب، لقد تخلوا عن كيسمايو من دون حمام دم". وأضاف:"آلاف الناس في الشوارع يتساءلون أين اختفى الاسلاميون الذين كانوا يسيطرون على المدينة"منذ نهاية ايلول سبتمبر. وعبر العديد من السكان عن فرحتهم بتحرير المدينة من الاسلاميين غير ان اثنين منهم قتلا برصاص اسلاميين فتحوا النار اثناء فرارهم. وقال ليليلا شيخ آدم أحد سكان كيسمايو ان"الاسلاميين كانوا غاضبين جداً من السكان الذين كانوا يهتفون"لا نحتاج اليكم، نحن بحاجة الى الحكومة". ففتحوا النار وقتلوا شخصين". وأوضح بيلي عبدالله العضو السابق في ميليشيا"تحالف وادي جوبا"التي كانت تسيطر على المنطقة قبل وصول الاسلاميين:"نزل آلاف الأشخاص الى الشوارع للاحتفال. انهم سعيدون بانتصار الحكومة وهزيمة الاسلاميين". وخسرت المحاكم الاسلامية خلال عشرة أيام من المعارك ضد القوات الاثيوبية المتحالفة مع القوات الصومالية كل المناطق التي كانت تسيطر عليها منذ اشهر واضطرت الخميس الى الفرار من العاصمة مقديشو. وأوقعت المواجهات مئات القتلى منذ 20 كانون الأول ديسمبر. وأكد القائد الاسلامي شيخ يعقوب معلم اسحق الإثنين خسارة كيسمايو مؤكداً انه"تكتيك عسكري". وأوضح في اتصال هاتفي اجري معه من مقديشو"إننا في الأدغال حيث يمكننا تنظيم هجمات المقاومة"، رافضاً تحديد مكان وجوده. وأضاف:"نحن في الصومال ... لا تظنوا ان المحاكم الاسلامية هجرت البلاد. لقد اخلينا المدن لكننا لا نزال نتحرك وسيواجه اعداؤنا حركة تمرد". والصومال مدمرة بفعل حرب أهلية مستمرة منذ 16 عاماً وأسفرت عن سقوط 300 الف قتيل على اقل تقدير، وهي محرومة من حكومة مركزية منذ الانقلاب الذي اطاح الجنرال محمد سياد بري عام 1991. وعجزت الحكومة الانتقالية برئاسة جيدي منذ تشكيلها عام 2004 عن بسط سيطرتها على هذه الدولة الفقيرة من القرن الاقريقي المحاذية لاثيوبيا. قوات أفريقية وفي العاصمة مقديشو جددت الحكومة الصومالية دعوتها إلى إرسال قوة حفظ سلام أفريقية للمساعدة في اعادة الاستقرار للبلاد التي تعاني من الفوضى. وقال رئيس الوزراء علي محمد جيدي للصحافيين ان الحكومة ترغب في حضور مراقبين عسكريين تابعين للاتحاد الأفريقي وقوات حفظ سلام لتقديم المساعدة في أقرب وقت ممكن. وقال"اننا نتشاور مع الاتحاد الأفريقي ودوله الأعضاء. نود قدوم مراقبين عسكريين وقوات سلام في أسرع وقت ممكن لمساعدتنا"، مضيفاً"اننا بحاجة اليهم لنشر السلام والاستقرار في البلاد". وقال جيدي إن الحكومة الصومالية ستبدأ اعتباراً من اليوم الثلثاء بنزع السلاح في مقديشو. وأكد جيدي ان"الحرب ستنتهي عندما نكون طردنا الارهابيين الدوليين أو قبضنا عليهم". وأضاف إن"العمليات جارية في الوقت الحاضر لطرد الإرهابيين"، موضحاً"اننا نتعاون مع دول الجوار لمعالجة مسألة الإرهابيين في المنطقة وثمة توافق"بهذا الصدد، في إشارة خصوصا الى كينيا الى حيث"يتوجه الارهابيون"على حد قوله. وحضت الحكومة الصوماليةكينيا على اغلاق حدودها الشمالية الشرقية واعتقال أي اسلاميين يحاولون العبور. لكن يصعب حراسة هذه الحدود الطويلة حيث يعيش سكان يتحدرون من أصول صومالية على الجانب الكيني من الحدود ويعبرها البدو بسهولة. وقال ديبلوماسيون أن زوارق أميركية تقوم بدوريات في البحر قبالة الصومال ربما لمنع زعماء مجلس"المحاكم الإسلامية"أو انصارهم من المتشددين الاجانب من الفرار. وربما تخلى بعض المقاتلين الاسلاميين عن زيهم الموحد واختفوا في أدغال الصومال. وعرضت الحكومة الصومالية العفو عن المقاتلين الذين يسلمون أسلحتهم. وقال عبدالرحمن ديناري، الناطق باسم الحكومة، إن حكومته تطلب من الحكومة الكينية اغلاق حدودها إذ أن فلول مقاتلي"المحاكم"بزعامة الشيخ حسن ضاهر عويس تتجه صوب الحدود الكينية. وحض الحكومة الكينية على القبض على من يتسلل الى كينيا وتسليمه لحكومة الصومال. وتوج تراجع الإسلاميين بتقدم ملحوظ للقوات الاثيوبية والقوات الحكومية المشتركة. وقبل اسبوعين فقط بدا الإسلاميون على وشك هزيمة الحكومة التي لم تتمتع بأي سيطرة خارج قاعدتها في بلدة بيداوة. ويقول ديبلوماسيون ان تدخل اثيوبيا، القوة العسكرية في القرن الافريقي والتي تمتع دخولها الى الصومال بدعم أميركي ضمني، قلب الموازين. وتسببت الضربات الجوية والقصف المدفعي السريع في هزيمة الإسلاميين. وفي نيروبي أبدى المسؤولون حذراً في إبداء رد الفعل على أحداث الليلة قبل الماضية في الصومال. وقال مساعد وزير الخارجية كيمبي جيتورا ل"رويترز":"نحن نتابع الموقف. موقف كينيا في هذا الشأن واضح تماماً. نحن لا ننحاز إلى طرف معين في الوقت الراهن". وتابع:"هناك حكومة في الصومال".