فر آلاف الأشخاص أمس الأحد من جبهات القتال الجديدة بين الحكومة الصومالية و"المحاكم الإسلامية"في جنوب البلاد، في وقت تقدمت فيه قوات الحكومة تدعمها قوة اثيوبية معززة بالدبابات والطائرات الحربية في اتجاه المعقل الأخير للإسلاميين في كيسمايو. وقال رئيس الحكومة علي محمد جيدي إن القوات الحكومية ستسعى إلى اعتقال ثلاثة مطلوبين من"القاعدة"متهمين بالتورط في تفجير سفارتي أميركا في شرق افريقيا عام 1998 مما أوقع أكثر من 250 قتيلاً. وأكد أن الإسلاميين في كيسمايو، ثالث أكبر مدن الصومال، يؤمنون الحماية للثلاثة وهم فضل عبدالله محمد وصالح علي صالح نبهان وأبو طه السوداني. وقال جيدي لوكالة "أسوشييتد برس":"نود أن نعتقل أو نقتل هؤلاء الأشخاص مهما كان الثمن ... إنهم لب المشكلة". أما وكالة"فرانس برس"فنقلت عنه ان"قواتنا المشتركة تطارد الارهابيين الدوليين. لن نتوقف قبل ان نطردهم جميعهم من بلدنا". وأضاف ان"كل الارهابيين الدوليين، كل المدرجين على القوائم الدولية، مستهدفون ايضاً"، في اشارة ضمنية الى زعيم الاسلاميين الصوماليين الشيخ ضاهر عويس المدرج في لوائح إرهاب دولية. وتحدث جيدي الأحد مع سفير الولاياتالمتحدة في كينيا مايكل رانيبيرغر في شأن إقفال الحدود الكينية مع الصومال لمنع فرار المطلوبين الثلاثة من"القاعدة". وقال جيدي:"سنسلّمهم إلى الولاياتالمتحدة إذا اعتقلناهم أحياء. ... نعرف أنهم في كيسمايو". وينفي قادة الحركة الإسلامية في الصومال أي ارتباط لهم بتنظيم"القاعدة"الذي يقوده أسامة بن لادن. لكن الرجل الثاني في"القاعدة"الدكتور أيمن الظواهري دعا في كلمة بُثّت عبر شبكة الانترنت السبت مسلمي الصومال والمسلمين في العالم كله إلى مواصلة القتال ضد من سماهم"الكفار والصليبيين". ورد جيدي باتهام الظواهري بمحاولة زعزعة استقرار الصومال وجيرانه. وعلى رغم أن جيدي دعا إلى حوار مع الإسلاميين الصوماليين السبت، إلا انه حذّر من أن أي مقاومة منهم ستواجه بالقوة. وشوهد صوماليون يحملون امتعهتم وأغراضهم على أيديهم وهم ينزحون خارج مدينة جيليب الجنوبية وهي مفتاح الوصول الى مدينة كيسمايو الساحلية حيث يتحصن ما يقرب من ثلاثة آلاف إسلامي استعداداً لمعركة فاصلة مع الحكومة والاثيوبيين. وهذه المدينة الواقعة على ضفاف نهر جوبا تشكل منفذاً استراتيجياً لكيسمايو، وهي عند مفترق الطريق الآتية من مدينة بوالي وتلك المؤدية الى مقديشو. وقال موظف الإغاثة المحلي عثمان محمد ل"رويترز":"فر ثلثا سكان جيليب من البلدة. ويمكنني أن أقول ان 4700 شخص فروا... والناس يفرون بما يستطيعون حمله من ممتلكات كالفراش والماء والغذاء". وروى إسماعيل فرح وهو من سكان جيليب"ان نساء واطفالاً يغادرون المدينة بشاحنات ... لتجنب اعمال العنف". وأضاف:"اصطحب أيضاً اطفالي الى خارج المدينة لأننا خائفون. ان الحرب باتت وشيكة في هذه المنطقة". وقال هوا يوسف وهو ايضاً من ابناء المدينة"ان جميع افراد عائلتي هربوا من المدينة". وأكد عثمان حسين وهو كذلك من سكان المدينة ان العديد من عناصر الميليشيات الاسلامية يجوبون شوارع جيليب وهم مدججون بالسلاح. وأوضح حسين"ان السكان يقولون ان معارك ستدور في الأيام المقبلة ... ولدينا معلومات مفادها انهم أي الاثيوبيين الذين يدعمون الحكومة الصومالية يأتون للسيطرة على المدينة ونخشى وقوع معركة". وقال الشيخ عبدي دايو عبدي المسؤول عن منطقة جيليب المعين من قبل الاسلاميين ل"فرانس برس"ان"المقاتلين الاسلاميين اتخذوا مواقع لهم في الجوار وأقسموا اليمين على الدفاع عن الاقليم". وأكد احد زعماء مدينة باراوي الواقعة عند منتصف الطريق بين مقديشو وكيسمايو في اتصال هاتفي اجرته معه"فرانس برس"من العاصمة الصومالية تحرك القوات في اتجاه كيسمايو. وروى حسين مورالي الذي كان موجوداً"عند جانب الطريق"ان عشرات الآليات المصفحة والدبابات"اجتازت باراوي في اتجاه كيسمايو". وخلال الليل تحدث بعض سكان كيسمايو عن تحليق للطائرات العسكرية فوق المدينة الساحلية. وتملك اثيوبيا التي كانت تدور سابقاً في الفلك السوفياتي، طائرات مطاردة روسية من نوع سوخوي - 27 وطائرات هجومية من نوع ميغ - 23وأخرى قديمة من نوع ميغ - 21 تؤمن لقواتها سيطرة على الاجواء في مواجهة الاسلاميين. ومع حلول بعد ظهر أمس كانت القوات الحكومية والاثيوبية على بعد 20 كلم فقط من جيليب، وتتقدم من جهتين مختلفتين عبر بلدتي مالندا وذا توباكو، بحسب ما قال الجندي حسن علي في اتصال هاتفي مع"اسوشييتد برس". وفي الأيام العشرة الماضية اُرغم الإسلاميون على مغادرة العاصمة مقديشو والعديد من المدن المهمة في الجنوب في وجه هجمات تقودها اثيوبيا، القوة العسكرية الأكبر في المنطقة. وأعلن نائب رئيس الحكومة الصومالية محمد حسين عيديد الأحد لوكالة"فرانس برس"في مقديشو:"سنحاصر كيسمايو 500 كلم جنوب مقديشو كما سنبقي على باب الحوار مفتوحاً لكي ينزعوا الاسلاميين سلاحهم". وتابع قائلاً"ان قواتنا تنتشر حالياً في بوالي"180 كلم شمال كيسمايو. وفي مقديشو كان الوضع هادئاً نسبياً صباح أمس. لكن مدنيين هما رجل وطفلة قتلا بانفجار مساء السبت قال شهود انه ناجم عن قنبلة يدوية. لكن مصادر أخرى ذكرت ان الانفجار ناجم عن صاروخ موجه اُطلق على موقع للقوات الحكومية والاثيوبية لكنه أخطأ هدفه وأصاب منزلاً فقتل رجلاً وطفلة. في غضون ذلك، شهدت كينيا جهوداً ديبلوماسية لتأمين نهاية سلمية ل12 يوماً من القتال في الصومال. وقال مسؤولون إسلاميون تحدثوا شرط عدم كشف هويتهم ان مسؤول الشؤون الخارجية في"المحاكم"إبراهيم حسن أدو موجود حالياً في نيروبي لإجراء محادثات في خصوص التطورات الصومالية. وسيجري رئيس البرلمان الانتقالي الصومالي شيخ شريف حسن عدن، المتعاطف مع الإسلاميين، محادثات أيضاً في كينيا الموجود فيها حالياً.