يقوم مستوطنون بترخيص من بلدية القدس ببناء كنيس يهودي في الحي الاسلامي قبالة الصخرة المشرفة في القدسالشرقية العربية، هو الاول منذ الاحتلال الاسرائيلي للمدينة عام 1967. وبدأ بناء الكنيس الذي تشيده جمعية"عطيرت كوهانيم"اليهودية بمشاركة عمال عرب، قرب باب القطانين، احد مداخل الحرم الشريف، اذ غطت الموقع شوادر واغلقت ابواب دكاكين في المكان، ورفعت لافتات كتب عليها بالعبرية:"موقع بناء. الاقتراب خطر". وقال مصدر في جمعية"عطيرت كوهانيم"لم يود الكشف عن اسمه:"هناك ترخيص لبناء معهد ديني لمؤسسة خاصة، وطبعا سيحتوي على كنيس". وفي رد على سؤال لوكالة"فرانس برس"عن بناء الكنيس، قال الناطق باسم بلدية القدس رافي شامير:"كل ما يخص بناء الكنيس صحيحا، وحصلوا المستوطنون على كل الاوراق والتراخيص". واعتبر خميس عبد الجواد 35 عاما الذي يقيم في منزل مجاور لمكان البناء ان"اسرائيل وضعت يدها على الموقع الذي يضم بقايا كنيس هدم عام 1936 في زلزال وسلمته الى الجمعيات اليهودية الاستيطانية بجوار بيتنا". واضاف عبد الجواد الذي يملك ارضا وقفية يفصلها جدار عن بقايا الكنيس القديم ان"المستوطنين هدموا الجدار بحجة انه آيل للسقوط ويشكل خطرا على المارة وتعهدوا ان يعيدوا بناءه". وقال ان المستوطنين"غطوا المكان بالشوادر والسياج ومنعونا من الدخول على اعتبار انه منطقة خطر... لكننا اكتشفنا انهم صبوا الاسمنت والحديد كأساسات لبناء الكنيس على ارضنا". واوضح انهم"ابرزوا رخص بناء كنيس من اربع طبقات صادرة عن بلدية القدس وادعوا ان اساسات الاسمنت في ارضنا ستقوي بناء الكنيس ... وحفروا تحت الارض انفاقا وفرغوا مياه بئرنا واستولوا عليها". وتابع:"عندها تشاجرنا مع المستوطنين الذين استدعوا الشرطة". واتهم المستوطنين بأنهم"يريدون تغيير معالم القدس"، موضحا ان"بناء كنيس من اربع طبقات يهدف الى تغطية قبة الصخرة التي لا تبعد عن المكان اكثر من مئة وخمسين مترا". واكد:"على جثتي فقط يبنون الكنيس في ارضي". اما مدير اوقاف القدس عدنان الحسيني، فقال لوكالة"فرانس برس"ان"المستوطنين قدموا قبل اربع سنوات خريطة للبلدية تتضمن بناء ضخما مع قبة عالية يغير معالم القدس بالكامل. اعترضنا عليه واوقفت البلدية المشروع". لكنه اضاف:"نحن لا نستطيع الحصول على معلومات. انهم المستوطنين يحصلون على رخص بطرق سرية وملتوية"، مؤكدا:"سنستأنف اعتراضنا على البناء وسنوقف تعديهم على الارض الوقفية". من جهته، قال وليد الزربا 52 عاما الذي يبعد بيته امتاراً عن مكان البناء ان"المستوطنين بدأوا منذ نحو شهر بتشييد جدران الكنيس وقاموا بأعمال بناء في قطعة الارض الوقفية ... التي تبلغ مساحتها سبعين مترا مربعا". واضاف ان"الامر استدعى تدخلنا، خصوصا بعد ان بدا واضحا ان الباب الرئيسي للكنيس اليهودي هو من جهة الارض الوقفية، حسبما رأينا على مخطط البناء". وضمت اسرائيل القدسالشرقية بعد احتلالها عام 1967، ويبلغ عدد سكانها حاليا نحو 700 الف نسمة، ثلثاهم من اليهود، وثلثهم الآخر من الفلسطينيين. ويقيم نحو مئتي الف اسرائيلي في 12 حيا استيطانيا في الشطر العربي من المدينة الذي لم تعترف الاسرة الدولية بضمه. وقال المصدر في"عطيرت كوهانيم"ان"الحكومة الاسرائيلية تؤمن لليهود الذين يسكنون الاحياء الاسلامية والمسيحية حراسة شخصية"، موضحا ان"الشرطة وضعت 300 كاميرا داخل البلدة القديمة لمتابعة امننا". واكد:"لدينا ترخيص لبناء 300 وحدة سكنية في مكان مقر الشرطة في رأس العامود في الحي الاسلامي بعد ان تغادر الشرطة المبنى قريبا ... ومخطط لبناء 300 وحدة سكنية اخرى في نهاية حي رأس العامود قبالة الجدار الفاصل مع الضفة الغربية، لم نحصل على رخص للبناء فيه بعد". ورفعت اعلام اسرائيلية على اسطح منازل المستوطنين في القدسالشرقية وبدلت بلدية القدس اسماء شوارع مثل شارع الواد الذي اصبح اسمه"هغاي"، وشارع خان الزيت السوق المركزي في القدس القديمة الذي اصبح"حباد". وقال الباحث الفلسطيني خليل التفكجي ان اسرائيل اقامت منذ 1967"حزاما استيطانيا"مساحته 24 كيلومترا مربعا تشكل 35 في المئة من مجمل مساحة المدينة التي اصبحت تضم"سبعين بؤرة استيطانية". وتحدث عن"تعاون وثيق بين الشرطة والبلدية الاسرائيلية والحكومات والجمعيات لتكثيف وتيرة التهويد القدس"، مشيرا الى ان"البلدية لا تمنح رخص بناء للفلسطينيين وتهدم منازلهم، بينما تسهل عمليات البناء للمستوطنين في كل مكان". ولا يقتصر الاستيطان في القدس القديمة على الاحياء الاسلامية بل وصل الى الاحياء المسيحية. وتسببت قضية تأجير فندقين و27 متجرا في باب الخليل في القدس القديمة لمدة 99 عاما لجمعيات يهودية استيطانية باطاحة بطريرك الروم الارثوذوكس ايرينيوس في ايار مايو عام 2005. وقال رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذوكس في القدس المطران عطا الله حنا:"نتابع املاكنا في المحاكم، خصوصا ان اسرائيل سلبت مئات الدونمات والاملاك الوقفية للكنيسة". واضاف:"نحن لا نعترف بالسيادة الاسرائيلية على القدسالمحتلة، اذ ان كل ما يتم في ظل الاحتلال من اجراءات لتهويد المدينة هو باطل وغير شرعي".