أكد حاكم البنك المركزي اللبناني رياض سلامة في حديث خاص مع"الحياة"على هامش الاجتماع التحضيري لمؤتمر"باريس -3"، أن حضور هذا المؤتمر الذي تشارك فيه دول عدة، والاهتمام به لإنجاحه، سيؤديان الى دعم مالي يساعد لبنان على تحقيق الإصلاحات المطلوبة. وأضاف ان ما يرجوه لبنان من مؤتمر"باريس -3"هو تحرير بعض الأموال خلال 2007 مسبقاً، على ان يكون الجزء الثاني من الأموال مرتبطاً بالإصلاحات التي لن تطبق إلا عبر التوافق السياسي، وأنه تم تداول هذه الفكرة في المؤتمر التحضيري وقد يؤكدها مؤتمر"باريس -3". وأشار سلامة الى ان استحقاق الدين اللبناني لهذه السنة يبلغ 3 بلايين دولار بالعملة الصعبة و5 بلايين دولار بالليرة اللبنانية. لكنه أوضح ان السوق اللبنانية قادرة على تجديد جزء من هذا المبلغ، إذا تأمن الدعم المالي المسبق. وقال ان الفرص الضائعة على لبنان نتيجة الاعتصامات وتحرك الشارع، أدت الى تراجع النمو الى ما بين صفر و1 في المئة، بينما كان النمو الاقتصادي المرتقب في نهاية العام الماضي، أكثر من 6 في المئة. وعن قول الرئيس اللبناني اميل لحود ان الحكومة لم تطبق أي برنامج إصلاحي بعد"باريس -2"، أجاب سلامة ان المؤتمر كان مبنياً على ورقة إصلاحية أُقرت في مجلس الوزراء في لبنان، وفي ما بعد طبق الجزء النقدي منها، ولم تطبق الإصلاحات المرتبطة ببنية الدولة اللبنانية. ودعا سلامة الى التوافق السياسي الذي سيسمح بتطبيق الإصلاحات المطلوبة. وفي ما يأتي نص المقابلة: صرح الرئيس الفرنسي لپ"الحياة"انه كان متفائلاً بعد المؤتمر التحضيري لپ"باريس -3"، فهل يمكن ان توضح ماذا تحقق من خلاله؟ - اعطى الاجتماع التحضيري لمؤتمر"باريس-3"الذي عُقد في باريس في بداية الأسبوع، مؤشرات تبين منها ان على رغم المشاكل الداخلية التي يعيشها لبنان، حضرت دول كبرى واكبت دعم لبنان منذ مؤتمر نيويورك في 2005، إضافة الى دول جديدة مثل الصين واليابان وتركيا وقبرص. ان وجود هذه الدول كان للاطلاع عن كثب على البرنامج الحكومي اللبناني الذي عُرض بتفاصيله أمامهم ونال تأييدهم. ولا شك في ان هذا الاهتمام، إضافة الى المشاركة الكثيفة المرتقبة في مؤتمر"باريس -3"، سيؤديان الى دعم مالي يساعد لبنان على تحقيق الإصلاحات المطلوبة. هل تعتقد ان نتيجة"باريس -3"ستكون دعم لبنان بپ3 بلايين دولار لمساعدته على تسديد استحقاق دينه لپ2007، وكيف ذلك؟ - كان العرض الذي قدمناه خلال الاجتماع التحضيري يحمل اشارة الى أن تنفيذ الإصلاحات يأخذ مداه عبر التوافق السياسي في لبنان، ما يتطلب أجواء سياسية أفضل مما نشهده حالياً. وللمحافظة على استقرار قاعدة الفوائد والتصنيف الائتماني للبنان ومنعاً لخفضها، هناك تمن بحصول لبنان على بعض الأموال خلال 2007 - مسبق - على أن يكون الجزء الثاني مرتبطاً بالإصلاحات. وتداول المجتمعون هذه الفكرة في الاجتماع التحضيري في باريس، ولاقت قبولاً منهم. ويمكن التأكد من هذا الأمر عند عقد المؤتمر في 25 كانون الثاني يناير. هل يعني قولك"تحرير جزء من الأموال"مبلغ 3 بلايين دولار المستحقة. - لا يمكننا اليوم تأكيد أي رقم، لأن الوفود استمعت الى طلبات الفريق اللبناني خلال الاجتماع التحضيري ولا يمكننا الاطلاع على الأرقام إلا بعد عقد"باريس - 3". ولكن ما هو حجم الدين اللبناني المستحق لهذه السنة؟ - الدين المستحق وبالعملات الأجنبية 3 بلايين دولار، وبالليرة اللبنانية نحو 5 بلايين دولار. لكن السوق اللبنانية قادرة على تجديد جزء كبير من المبلغين، خصوصاً اذا تقرر دعم مسبق ما. ولا ننس أن لبنان جدد في 2006 استحقاقات كانت أكبر من هذه السنة بلغت 16 بليون دولار. قال الرئيس لحود إنه لم يكن هناك أي برنامج إصلاحي بعد"باريس - 2"وأنه لم يعطل شيئاً مثلما قيل لأنه لم يكن موجوداً، فما رأيك؟ - عندما عقد مؤتمر"باريس - 2"، كان مبنياً على ورقة إصلاحية أقرت في مجلس الوزراء وفي ما بعد طبق الجزء النقدي منها، ما ادى الى انخفاض الفوائد بحدود 50 في المئة لكن لم تطبق الإصلاحات التي كانت مرتبطة ببنية الدولة اللبنانية. وأنا لا أرغب في هذه الظروف تحميل مسؤوليات لأي جهة، لأننا في النهاية ندعو الى مزيد من التوافق ليسهل القيام بالإصلاحات المطلوبة، وأي تحرك غير مسؤول له سلبياته على صعيد الشارع. اذا بقي الجو السياسي على ما هو عليه الآن واستمرت الاعتصامات، فما تأثير ذلك في إنجازات"باريس - 3"المرتقبة؟ - الوضع القائم حالياً يسمح بتنفيذ الإصلاحات. لذا لا بد من التوافق لأنه يعيد تحريك المؤسسات الدستورية، التي هي الآلة الصحيحة والضرورية لتمويل المشروع الإصلاحي الى قوانين ومراسيم تنفيذية. وپ"باريس- 3"فرصة للبنان ويهمنا ألا تفوّت، وتوقيت عقد المؤتمر مرتبط بالإرادة الدولية التي يمكن ألا تتكرر. فالمهم في هذه المرحلة أن تؤمن أرضية معينة لتمويل الاقتصاد اللبناني من خارج الأسواق اللبنانية، على أن تكون الخطوة الثانية تنفيذ الإصلاحات عندها يحصل الاتفاق السياسي في لبنان، لأن أي برنامج اقتصادي قابل للتحسين والتعديل، طالما يتجه الى ضبط العجز السنوي ووقف تنامي المديونية في شكل يسمح بأن يصل لبنان خلال خمس سنوات الى استقرار في مديونيته، وهذا ما يريده الجميع، فالنتائج المنتظرة من"باريس - 3"مهمة لكل لبنان. ما هو مستوى تأثير الاعتصامات والتظاهرات التي تقوم بها المعارضة في لبنان في الوضع المالي والاقتصادي فيه؟ - هناك فرص ضاعت على لبنان من خلال التحرك في الشارع. لكن أرقام 2006 كانت جيدة. فعلى الصعيد المصرفي هناك زيادة 7 في المئة في الودائع التي بلغت 65 بليون دولار، والأموال الخاصة في المصارف زادت 6 بلايين دولار وهذا مهم ويطمئن على سلامة القطاع المصرفي. وسيكون في ميزان المدفوعات فائض يفوق بليونين وپ500 مليون دولار وقاعدة الفوائد بقيت مستقرة. وتأثير تحركات الشارع كان على مستوى نمو الاقتصاد اللبناني الذي كان مرتقباً أن يتعدى 6 في المئة، بينما انتهت السنة بين نمو معدوم وسالب واحد في المئة. وبالفعل لبنان يملك إمكانات مهمة ليعيد تحقيق التقدم الاقتصادي لأنه حافظ على قدرته التمويلية. لكن طالما هناك اضطرابات، سياسية أو أمنية، فإنها ستؤثر في نمو اقتصاده.