علمت "الحياة" من مصادر مطّلعة ان السعودية تعد دراسات شاملة لتقديمها إلى القمة العربية المقبلة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في مدينة شرم الشيخ في مصر. وتهدف الخطوة الى "تغيير الوضع المأسوي" وتضارب القرارات وتشتت الجهود العربية. وبدأت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية خطوات التحضير للقمة العربية الدورية ال19 برئاسة السعودية، في دولة المقر. وكانت القمة الأخيرة في الخرطوم التي انعقدت في نهاية آذار مارس الماضي، قررت، بناء على طلب الوفد السعودي، عقد القمة الدورية في شرم الشيخ. وأكد المندوب السعودي الدائم لدى الجامعة السفير أحمد قطان، أنه التقى الأمين العام للجامعة السيد عمرو موسى، لوضع جدول أعمال الاجتماعات التحضيرية وتحديد مواعيدها، مشيراً إلى أنه اقترح على موسى رغبة بلاده في أن تُعقد القمة في الأسبوع الثالث من آذار. وطبقاً لمصادر ديبلوماسية عربية تحدثت إلى"الحياة"، ستشهد القمة المقبلة اتخاذ جملة قرارات سياسية واقتصادية تتعلق بالإصلاح، وأخرى تتعلق بمسيرة تطوير العمل العربي المشترك، والإصلاح الداخلي لكل دولة. وتحدثت المصادر عن صعوبة تحديد القرارات السياسية الحساسة في ظل التهاب التوتر الداخلي في كل من فلسطين والعراق ولبنان، إضافة إلى الوضع في الصومال والسودان، وتطورات الملف النووي، ومستقبل الدور السوري في المنطقة. وطبقاً للمصادر، عبر الملك عبدالله الذي سيرأس القمة للمرة الأولى منذ توليه مقاليد الحكم صيف العام 2005 عن"حرصه الشديد على حضور القادة العرب كافة". وأكد مصدر سعودي نية الملك عبدالله إرسال نسخة من الدراسات المتكاملة إلى كل الرؤساء العرب، مع وثيقة دعوتهم رسميا الى حضور قمة شرم الشيخ. وكان الملك عبدالله كلّف وزير خارجيته الأمير سعود الفيصل في تموز يوليو الماضي، بوضع"دراسات"متكاملة تعالج أوضاع العمل العربي المشترك، بما يضمن صلابة قرارات القمة العربية ونفاذها إقليمياً ودولياً. وأعلن سعود الفيصل في آب أغسطس الماضي عن طبيعة التكليف وسياقه. إذ عرض وضع الجامعة ودورها الحالي مقارنة بالأهداف السامية التي أُسّست من أجلها. ولاحظ أنه"مع توسّع الجامعة وتوسّع العضوية فيها، وما لحق بالدول العربية من تقلبات سياسية أدت إلى ضغوطات داخلية أثرت في المسار العربي المشترك... قسمت الدول العربية إلى رجعية وتقدمية، ودول الصمود والتصدي، وتصنيفات أخرى، ما أدى إلى شلل العمل العربي المشترك، إذ أصبح يتعامل بشكل ردود فعل مرتجلة مع ما يواجهه من مشكلات وأزمات، بدلاً من التعاطي معها وفق منظور استراتيجي مشترك ينسجم مع انتمائنا العربي... إننا أمام تهديد بفقدان هويتنا، وأضحت بعض الدول تنشئ علاقات مع أطراف أخرى أوثق من العلاقات بين الدول الأعضاء، لذلك وجّه خادم الحرمين الشريفين بأن تعد الدراسات المطلوبة لتغيير هذا الوضع المأسوي، الذي جعل شعوب المنطقة في حيرة وارتباك حول مصالحها ونظرتها للعجز الظاهر في تعاطي حكوماتها مع التحديات". مشيراً إلى أن"هذا ما نقوم الآن بعمله، وسيعرض عند انتهائه على قادة الدول العربية للنظر فيه". وبحسب المصادر الديبلوماسية، ستشهد قمة شرم الشيخ إقرار مشروع القمة العربية التشاورية كل نصف عام، كما ستقر مزيداً من مشاريع تطوير التعليم وإصلاحه المرفوعة للقمة من المجلس العربي الأعلى المكلف هذا الملف، وإقرار مزيد من مشاريع التكامل الاقتصادي، والدعوة إلى المزيد من الإصلاحات في القطاعات كافة. وكانت القمة العربية غير العادية التي انعقدت في تشرين الأول أكتوبر 2000 في القاهرة، قررت إضافة تعديل على ميثاق الجامعة العربية ينص على الانعقاد الدوري للقمة العربية في شهر آذار من كل عام. وتعهدت الرياض في قمة الخرطوم العام الماضي بتحمل كلفة بناء مقر دائم لانعقاد القمة العربية على الساحل الشرقي لمصر، رغبة منها في رفع الكلفة المالية الباهظة عن كواهل معظم الدول العربية، نتيجة لاستضافة القمم الدورية في عواصمها، إضافة إلى إراحة مجتمع القاهرة وزوارها من الخضوع للإجراءات الأمنية الصارمة المرافقة لانعقاد القمة فيها.