في كانكون، 2003، رقص مندوبو الدول الافريقية وحلفاؤهم فرحاً في قاعة المؤتمرات عند إعلان فشل مفاوضات التجارة الدولية. وبدت الدول الاكثر فقراً في منظمة التجارة العالمية أقل حماسة، حين إعلان المدير العام، باسكال لامي، في 24 تموز يوليو، تعليق دورة المفاوضات المعروفة بمفاوضات"الدوحة"الى أجل غير محدد. وفي الواقع، اذا أوحت النماذج الاقتصادية المختلفة أن نجاح المفاوضات يصب في مصلحة مجموعة مستوردين محدودة، مثل الصين والبرازيل، فإن فشلها يقلق عدداً كبيراً من الدول النامية. والحق أن تعليق المفاوضات يوشك أن يصدع النظام الاقتصادي الحالي، القائم على تعدد الاطراف، وتقوية شبكة ازدهرت أخيراً هي العقود التفضيلية. وبحسب التقديرات فالعقود التفضيلية الناجزة ال 250 وهي ضعفا نظيرها قبل عشر سنوات، تبلغ نصف التجارة العالمية، على رغم أن القوانين تقيد التبادل التجاري، وخصوصاً تجارة الدول الفقيرة. ويرى محللون كثر أن العقود الاقليمية والثنائية تتيح للدول القوية إحكام قبضتها على الدول الفقيرة. فالولاياتالمتحدة، مثلاً، تطالب شركاءها باحترام حقوق الملكية الفكرية احتراماً يتخطى الزامات منظمة التجارة العالمية. وهي منعت تشيلي من مراقبة حركة رؤوس الاموال، والمراقبة هي هي ضابط ايقاع اقتصاد تشيلي. وفي إطار العقد الثنائي بينها وبين سنغافورة، وسع الولاياتالمتحدة رفع الحظر عن استخدام العلكة في البلاد، وأجبرت السلطات المحلية على قبول استخداماتها الطبية. والاتفاقات الموقعة في المفاوضات السابقة يتهددها إبطالها. ومن بينها"برنامج التنمية"الذي حصل الاتفاق عليه، بعد لأي، في المؤتمر الوزاري الذي التأم بهونغ كونغ في كانون الأول ديسمبر الماضي. وقوة البرنامج مصدرها تعهد الدول الغنية، والدول الأغنى بين الدول النامية، الاجازة لمنتجات الدول الفقيرة دخول أسواقها من غير شروط ولا"كوتا". ودول الاتحاد الأوروبي تلتزم هذا العهد، وأما الولاياتالمتحدة واليابان فيتوقع أن تضطر، تحت الضغط الداخلي، الى الرجوع في كلمتها. ونقضها. وعلى رغم بعض المصاعب، فإن برنامجاً كهذا كان ليكون ناجعاً في معالجة مشكلات الدول الفقيرة، خصوصاً في آسيا.وقد تفوت فرصة تغيير منظمة التجارة العالمية لمصلحة الدول النامية، وتقليص الهوة في المجال الزراعي. ولن يضطر الاتحاد الأوروبي، بعد ذلك، الى رفع دعمه للصادرات الزراعية في 2013. ولن تضطر الولاياتالمتحدة الى تقليص موازنة المساعدات الزراعية الداخلية الى 15 بليون يورو، لا بل قد تزيدها. ولا شك في ان تخفيض شروط الحماية يصب في مصلحة حفنة دول نامية ومتطورة، عليها، تالياً، التنازل بعض الشيء. ولكن كثرة الاعضاء الفقراء في منظمة التجارة العالمية، وهم غالبية، يستفيدون من"جولة مجانية"من دون مقابل. وقد يفيد رفع القيود الجمركية بعض الدول الفقيرة، ولا تضر إلا قلة. وأما الدول الناشئة الاكثر فقراً، فتعليق المفاوضات على الصيد، وتسهيل التبادل، وهي مفاوضات كان يفترض ان تزيل معوقات البيروقراطية على الحدود، يكبدها خسارة جديدة فوق خسائرها. عن فرانسيس ويليامز وألان بيتل، "فايننشيل تايمز" البريطانية 23\8\2006