ثمة واقعة تتستر عليها قطاعات من الرأي العام تضيق بوجود دولة إسرائيل، هي أعمال القصف المستمرة على شمال البلاد التي تقوم بها حركة مسلحة تمدها ايران بالعتاد والمال - وإيران هذه هي ايران محمود احمدي نجاد، داعية تدمير إسرائيل -، واستولت على جزء من لبنان، ويؤيد استيلاءها هذا شطر غير قليل من اللبنانيين. ونقل هذه الحال الى أي بلد آخر، على سبيل المثل، لا بد من ان يُفهم استحالة قبول دولة من الدول هذا الأمر. وهذا هو السبب في تأييد الرأي العام الإسرائيلي الحرب، التي بدت حرب وجود، تأييداً عاماً وشاملاً. ولكن قيادة المعارك المشروعة كانت عبثية. وهي ثمرة وهم عسكري مزمن يبعث على الظن ان سلاح الجو قادر على إحراز النصر، من طريق تدمير البنى التحتية وإحباط الخصم، من غير خسائر، وعلى هذا المثال جرى حلف شمال الأطلسي، وانتصر على الرئيس الصربي يومها، ميلوشيفيتش. وترجمة هذا المثال ادت الى عملية تصورت في عقوبة جماعية أنزلت بلبنان وسكانه المدنيين، وهزيمة نفسية لحقت بإسرائيل، وليس بپ"حزب الله". وما ينبغي الترحيب به هو التعبئة الديبلوماسية التي أثمرت إنشاء قوة فصل معززة تقودها الأممالمتحدة، أوروبية القوام، تقودها فرنسا وإيطاليا. والتعبئة هذه قرينة على استحالة تناول الشرق الأوسط في ضوء رد فعل الأمس ومسلماته. ولا ريب، اليوم شأن البارحة، في ان المسألة التي تتقدم المسائل الأخرى هي المسألة الفلسطينية. ولكن الحق ان الأخطار المحيقة تتخطى المشادة التقليدية بين اسرائيل وبعض جيرانها العرب. وتترتب الأخطار الداهمة هذه على مكانة قوة ناشئة، أي ايران، تريد امتلاك سلاح نووي تواجه به الولاياتالمتحدة المتعثرة بالفوضى العراقية التي كانت الباعث عليها. ولم تكشف ايران إلا عن بعض طاقتها على إنزال الضرر في جوارها الإقليمي والعلاقات الدولية. وتسلحها يورثها، على رغم المفارقة، قيادة الحركة القومية العربية. ولسنا إلا في مستهل انعطاف كبير، يؤمل ألا يفضي الى مجابهة عامة. عن جان ماري كولومباني رئيس تحرير "لوموند"، "شالانج" الفرنسية، 1\9\2006