غالباً ما يصادف المرء في وسط مدينة أثينا رجالاً ونساء، في العقدين الرابع والخامس، يتسامرون في المقاهي، ويناقشون استقلالية المرأة، وتردد الرجل في الارتباط والزواج. وتقول إيريني بيتروبولو 37 عاماً، مساعدة إدارية في وكالة الانباء"أسوشييتد برس"، إنها لن تتزوج من أجل انجاب طفل على رغم إدراكها أن خصوبتها تتضاءل مع مرور الاعوام، وتعلل رأيها هذا بأنها تحب عملها. ويحترم أصدقاء إيريني قرارها، ويؤيدون عزوفها عن الزواج والإنجاب. ولكن عائلة ايريني لم تحض ابنتها على العزوبية. والى وقت قريب، كان المجتمع اليوناني يدين عزوبية المرأة، ويطعن في المرأة العانس، ويظن الظنون في ميولها الجنسية. ومع دخول اليونان الاتحاد الاوروبي، وارتفاع نسبة التعليم والعمل في صفوف النساء، وخفض معدلات الخصوبة، استقلت النساء عن أسرهن، وتدنت مستويات الزواج. وشأن اليونان، يعم تأخير سن الزواج واختيار العزوبية، سنغافورة وكندا وكوريا الجنوبية. وبلغت نسبة العازبات في صفوف الجامعيات الألمانيات 30 في المئة. وتتفشى العزوبية في صفوف الألمان. وتضاعف عدد النساء غير المنجبات مرتين ببريطانيا، في العقدين الماضيين. وفي اليابان، ارتفعت نسبة غير المنجبات في أوساط اليابانيات، في سن الثلاثين، من 24 في المئة في 1986، الى 56 في المئة في 2006، وأفضى اختيار الرجال والنساء العزوبية وپ"العقم"الى انتشار كتب تتناول هذه الخيار، على غرار كتاب"أحب عدم إنجابي"، والى ظهور جمعيات تساند الازواج من دون أطفال. وسوقت الشركات منتجات خاصة في من اختاروا عدم الانجاب على غرار وسادة"الصديق كاميو"، واستبدلت شركة هوندا مقعد الأطفال في السيارة بمقعد للحيوان الأليف. ولم تقتصر مجاراة الميل الى العزوبية على الشركات الاستهلاكية، فبلغت سوق العقارات في أوستراليا ومانهاتن، بنيويورك، ووسط لندن. فغير المنجبين ميسورون مادياً أكثر من الآباء والأمهات، ويسعهم، تالياً، إنفاق مبالغ كبيرة على الشقق. وبحسب دراسة بريطانية، تنخفض قيمة الشقة السكنية خمسة في المئة إذا انتقل الى جوارها عائلة فيها مراهقون. وفي عدد من الحملات السياحية الإعلامية، تضمن الفنادق لنازليها عطلة خالية من ضوضاء الأطفال. ولا يرحب بعض المطاعم في روما باستقبال الأطفال. والحق ان العزوف عن الانجاب يخرج على التقاليد الاوروبية التاريخية. وكان نقص معدلات الانجاب يرتبط بالفقر، والحروب، وموت الرجال، وبُعدهم من زوجاتهم. وأما اليوم، فيعود انخفاض الإنجاب الى تضافر عوامل منها تغير العلاقة بين الرجال والنساء، والحياة المهنية، وأسلوب العيش، والمستوى الاقتصادي. ولم يعد انخفاض الإنجاب حكراً على المدن الغربية الكبيرة، فشاع في مجتمعات كانت تقليدية، مثل اسبانيا واليونان وإيطاليا. وفي اليابان، تعتبر النساء ترك الانجاب نوعاً من الاعتراض الصامت على معوقات مهنية تواجهها المرأة - الوالدة. فالشركات تحض موظفاتها على عدم الانجاب. وباتت كلمة"طفل"في مثابة مرادف كلمة"وحيد"او وحدة. وتفرض بعض الدول الاوروبية ضرائب مرتفعة على غير المنجبين في سعيها الى تشجيع النساء والرجال على الإنجاب. ولكن هذه السياسات عقيمة وتغفل عن أن خفض معدلات الإنجاب يرتبط بالعائلة النواتية الصغيرة. عن ستيفان ثيل، "نيوزويك" الاميركية، 4\9\2006