لا ريب في أن غموض ما يدور بين أعضاء مجموعة الدول الست روسياوالصين وألمانيا وفرنساوبريطانيا والولايات المتحدة، أو بالأحرى غموض معايير كل دولة من هذه الدول، يبعث على الحيرة في تناول الملف النووي الإيراني. فأين تنتهي خطوطهم الحمراء وما مدى"ليونتهم"؟ ومع تفاقم الازمة النووية الايرانية، في الاعوام الثلاثة الاخيرة، يواجه المحللون، المحليون والخارجيون، هذه المعضلة. فاللاعبون الدوليون لا ينتهجون نهجاً واحداً، ولا يلتزمون معياراً واحداً. وقد يعدل هؤلاء عن مواقفهم في أي لحظة. وبعد ستة اشهر على إنشاء مجموعة الدول الست، بلغ الملف الإيراني مرحلة التأزم. وبات التكهن بخطوات هؤلاء مهماً. فما الذي يقوله أعضاء مجموعة الست بعضهم الى بعض عندما يجتمعون؟ ولعل نيكولاس برنز، مساعد وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، يعتمد النقاط التالية في اجتماعات دول الست: 1 - الوقت يداهمنا، وإيران تقترب يوماً بعد يوم من حيازة الأسلحة النووية ، وإذا لم يتخذ المجتمع الدولي قراراً فورياً، عجز عن كبح إيران. 2 - يملك المجتمع الدولي قراراً صادراً عن مجلس الأمن الدولي، حظي بموافقة مجموعة الدول الست، وفي وسعه، تالياً، إصدار قرار عن مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، يحدد مهلة زمنية واضحة ويفرض شروطاً محددة على إيران، ما يتيح للمجلس الإسهام في هذه اللعبة، والحفاظ على دوره ومكانته. 3 - تسعى أميركا الى إقناع أعضاء مجلس الأمن بأن المواجهة في مجلس الأمن مع إيران هي السبيل الوحيد الى إنهاء الأزمة. فالإيرانيون يسعون الى خداع المجتمع الدولي. ورد الإيرانيون على"التكتيكات"الاميركية في مفاوضات مجموعة الست. ففي جوابهم رزمة مقترحات مجموعة الست عرضوا"الحوار على كل شيء". ورحبت المجموعة الأوروبية وروسياوالصين بالعرض الإيراني، ما عرقل دفاع أميركا عن توجهاتها. وعلى رغم ما حصل، لم تعدل أميركا عن القول ان مفاوضة إيران مضيعة للوقت. وهي تبذل قصارى جهدها في تلميع صورتها، وإبعاد تهمة التشدد. فأسوأ كابوس اميركي هو العزلة داخل مجموعة الدول الست. والحق أن أميركا وحدها تعجز عن حمل إيران على الامتثال لمطالبها. ويشدد شركاء أميركا في مجموعة"5+1"، أي الأوروبيون، على حل الأزمة النووية الإيرانية من طريق المفاوضات. فألمانيا قلقة من موضوع الحد من الانتشار النووي، ومن تضرر علاقاتها الاقتصادية الوطيدة بإيران. وأما فرنسا فهي تريد التغريد خارج السرب والتميز عن غيرها، في حين تفضل بريطانيا مساندة أميركا، اذا ما خيرت بين القارة القديمة والقارة الجديدة. وشأن روسياوالصين، يبالغ الاوروبيون في تقويم قدرة اميركا على مواجهة إيران وحدها. وعليه، يعدل الاوروبيون عن مواقفهم امام التهديدات الاميركية . ويخال الاوروبيون ان تعليق تخصيب اليورانيوم هو خطوة من خطوات واجبة على إيران. ولكنهم قد يتخلون عن هذا شرط مقابل قبول ايران تفتيش الوكالة الدولية منشآتها، والتزام بروتوكول معاهدة الحد من الانتشار النووي الإضافي. ولا شك في أن الصينوروسيا هما الأكثر اعتدالاً في مجموعة هذه الدول. وعلى رغم دعوتهما الى الصبر وإطالة المهل، تشدد الصينوروسيا على ثلاثة مبادئ: 1 - شرط فرض عقوبات على إيران هو تهديدها السلام والأمن الدوليين تهديداً حقيقياً. وعليه، ترتبط العقوبات بتقديم وكالة الطاقة الذرية الدولية البينة على النوايا الإيرانية النووية العسكرية. 2 - يتهم الروس والصينيون الأميركيين بأنهم يسعون الى خدمة مصالحهم ولا يأبهون بمصالح الغير وتضررها. فأميركا لن تتضرر من العقوبات على ايران، بسبب غياب العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما، في حين ان بقية الأفرقاء قد تتجاوز خسارتهم بلايين الدولارات. ولا تريد روسياوالصين مشاركة أميركا في خسارتها. ويرى الروس ان العقوبات لم تثمر يوماً. عن مهدية محمدي ، "كيهان" الايرانية، 24 / 9 / 2006