بدأ حزب العمال البريطاني الحاكم اعمال مؤتمره السنوي امس في مدينة مانشستر، شمال بريطانيا. وعلى عكس المؤتمرات السابقة التي اعتاد الحزب أن يعقدها في ظل انتصاراته الانتخابية التي تكررت ثلاث مرات في ظل قيادة توني بلير الذي اعاد إحياء الحزب تحت شعار"العمال الجديد"، يعقد مؤتمر هذه السنة في اجواء مختلفة تماما تسيطر عليها مرحلة ما بعد بلير والصراعات الداخلية التي بدأت مبكرة منذ اعلن رئيس الوزراء قبيل انتخابات العام الماضي بأنها ستكون الانتخابات الاخيرة التي يخوضها حزب العمال بقيادته. ويعتبر وزير المال غوردون براون 55 عاما صاحب الحظ الاوفر لخلافة بلير. وينظر المراقبون الى مؤتمر حزب العمال هذه السنة باعتباره المؤتمر الذي سيحدد هوية رئيس الحكومة المقبل. وبدأ براون التمهيد مبكرا لحملة توليه رئاسة الحكومة من خلال سلسلة من التصريحات والاحاديث الصحافية التي ادلى بها امس ومنها مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية بي. بي. سي شرح فيها مواقفه من عدد من القضايا الدولية. وبالنسبة الى العلاقات البريطانية - الاميركية، قال براون انه يؤمن بالحفاظ على"علاقات شديدة الخصوصية"بين الجانبين، لكنه اوضح ان لندن لا يجب أن تكون"عبدا"لواشنطن. واضاف:"سيكون من الخطأ من وجهة نظري ألا نقول اننا نقف بثبات مع اميركا في خوض حربها ضد عنف الارهابيين وتطرف المتشددين". وبالنسبة الى الشرق الاوسط قال براون انه كان يعمل عن كثب مع بلير على حل الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي. ويذكر ان براون كان قد قام بزيارات لاسرائيل والمناطق الفلسطينية للبحث في امكانات التعاون الاقتصادي. وقال في حديثه انه يعتقد"بأن هناك ارادة من الجانبين لدفع خطة سلام اقتصادية الى الامام"متى تم حل المسائل الامنية. وينظر الناخبون البريطانيون عموما الى براون باعتباره صاحب الفضل الاكبر في الانتعاش الاقتصادي الذي تتمتع به بريطانيا نتيجة سياساته المالية. غير أن الخطوة التي اقدم عليها، قبل اسابيع قليلة، عدد من وزراء الصف الثاني في الحكومة عندما تقدموا باستقالاتهم للضغط على بلير، اعتبرت من قبل بعض الشخصيات البارزة في الحزب خطوة سلبية بالنسبة الى مستقبل براون. فقد رأى هؤلاء ان وزير المال يقف وراءها ليضغط على"غريمه"لترك مقعد رئاسة الحكومة في وقت مبكر. واضطر بلير بعدها الى الإدلاء بتصريحات اوضح فيها ان المؤتمر الحالي للحزب سيكون المؤتمر الاخير الذي يحضره كزعيم للحزب، لكنه رفض مجددا تحديد تاريخ للتخلي عن منصبه. وتجنب بلير في تصريحاته أمس تأكيد دعمه لبراون غير انه قال عنه انه"كان وزيرا للمال ممتازا وخدم البلاد والحزب بشكل جيد جدا". وتهدد الخلافات الحالية امكانات فوز حزب العمال بولاية رابعة في الانتخابات المقبلة التي يفترض أن تجري مبدئيا في ربيع سنة 2009. فقد اشار استطلاع للرأي نشرته أمس صحيفة"ذي صانداي تايمز"الى تقدم حزب المحافظين بقيادة زعيمه الشاب ديفيد كاميرون على حزب العمال، اذ منح المحافظين 38 بالمئة مقابل 32 في المئة للعمال. وكان استطلاع مماثل نشر الاسبوع الماضي في صحيفة"ذي غارديان"المعروفة بقربها من اوساط حزب العمال، اظهر أن كاميرون يحظى بثقة الذين تم استطلاعهم اكثر من ثقتهم ببراون. غير ان الاستطلاع السيئ بالنسبة الى براون هو الذي نشرته صحيفة"ذي اوبزرفر"واظهر ان 56 بالمئة من البريطانيين يريدون ان تجري انتخابات عامة خلال ستة شهور بعد رحيل بلير. هذه الصورة هي التي دفعت بلير في حديث ادلى به امس الى تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية الى دعوة اعضاء الحزب الى وقف الجدل بشأن خلافته كي لا يجازف بخسارة الدعم الشعبي. وقال بلير:"ما اريد فعله هذا الاسبوع هو أن اقول للحزب اننا مررنا بوقت عصيب أخيراً. ارجعوا وركزوا على الناس وعلى مخاوفهم وعلى الامور التي تقلقهم بحق". ويلقي بلير خطابه الذي يعتبر بمثابة"خطاب الوداع"امام مؤتمر الحزب غدا، فيما يلقي براون خطابه اليوم.