سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تواصل ردود الفعل ... ودعوات إلى "الانتقام" ... وهجمات محدودة على كنائس . "أسف" البابا يفشل في احتواء غضب المسلمين وشيخ الأزهر يعتبر تصريحاته "جهلاً واضحاً بالإسلام"
لم ينجح"الأسف"الذي أبداه البابا بنديكتوس السادس عشر لأن"بعض مقاطع خطابه بدت مسيئة لمشاعر المسلمين"، في احتواء موجة الغضب في العالم الإسلامي. وتواصلت التظاهرات في عواصم عدة، فيما رفض كثيرون، بينهم"الإخوان المسلمون"، أسف البابا وطالبوه باعتذار واضح. واعتبر شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي ان موقف البابا ينم عن"جهل واضح بالإسلام". وفي وقت برزت دعوات إلى"الانتقام"، تعرضت كنائس في الضفة الغربية والعراق إلى هجمات طفيفة. وأعلن سكرتير دولة الفاتيكان الجديد المونسنيور تارسيسيو برتوني أمس أن البابا"آسف للغاية لكون بعض مقاطع خطابه بدت مسيئة لمشاعر المؤمنين المسلمين، وفسرت بطريقة غير مطابقة بأي من الأشكال لنياته". وقال برتوني، في أول تصريح رسمي يدلي به منذ تعيينه الجمعة على رأس ادارة الفاتيكان، إن"رأي البابا المؤيد للحوار بين الديانات والثقافات لا لبس فيه إطلاقاً". غير أن جماعة"الإخوان"رأت ان أسف البابا ليس كافياً، وطالبته باعتذار"واضح"عن تصريحاته. وقال نائب المرشد العام للجماعة الدكتور محمد حبيب"نريد اعتذاراً شخصياً. نشعر أنه أخطأ بحقنا خطأ بالغاً ولا يزول هذا الخطأ إلا بالاعتذار الشخصي". وتساءل:"هل قدم البابا اعتذاراً شخصياً عما أصدره من تصريحات وما صدر عنه من اقتباسات واضح تمام الوضوح انه مقتنع بها؟". واعتبر القيادي في الجماعة عبدالمنعم ابو الفتوح تصريحات برتوني"تضليلاً"، خصوصاً أن"سكرتير الفاتيكان قال ان البابا يأسف لأنه أسيء فهم تصريحاته في حين انه ليس هناك اي سوء فهم ... فتصريحاته تضمنت اساءة واضحة وصريحة لأكثر من بليون مسلم. لقد ارتكب البابا خطأ وعليه ان يعترف بخطأه ويعتذر إذا كان يحترم المقام البابوي". وقبل إعلان الاسف، قال شيخ الأزهر إن"هذه التصريحات تنم عن جهل واضح بالاسلام". وأضاف أنها"تنسب إلى الاسلام ما ليس فيه، ولا تسهم على نحو بناء في تعزيز الحوار بين أديان العالم وحضاراته وثقافاته". وعبر عن"بالغ استيائه لما نسب إلى البابا من اقوال أساءت للاسلام والرسول الكريم واثارت مشاعر الغضب لدى اكثر من بليون وثلاثمئة مليون مسلم حول العالم". وأكدت الكنيسة الارثوذكسية القبطية المصرية رفضها تصريحات البابا وأي مساس"برموز الاسلام"، بعد يوم من اعتبار بطريرك الأقباط البابا شنودة الثالث موقف راتسينغر"مخالفاً لتعاليم المسيح". وقال الناطق باسم البطريركية المرقسية الانبا مرقس إن الكنيسة"ترفض تماماً تصريحات بابا الفاتيكان". واضاف أن"الديانة المسيحية تأمرنا بحب الآخر مهما كانت عقيدته وكما انني احب من يمتدح السيد المسيح ينبغي ان نحترم نبي الاسلام ومن يتبعونه ولا يجوز ان نمس مشاعر الآخرين اننا نرفض الاساءة إلى نبي الاسلام وصحابته ونرفض تماما المساس بالرموز الاسلامية". وذهب قليلون إلى ما هو أبعد من إدانة التصريحات، فدعا رجل الدين الصومالي القريب من"المحاكم الإسلامية"الشيخ أبو بكر حسن مالين إلى"الانتقام"من البابا. وقال"ندعوكم أيها المسلمون أينما كنتم إلى ملاحقة البابا على تصريحاته الوحشية مثلما لاحقتم سلمان رشدي عدو الله الذي اهان ديننا"، في إشارة إلى الكاتب البريطاني صاحب كتاب"آيات شيطانية". وألقى مهاجمون مجهولون قنابل حارقة على كنيستين في مدينة نابلس في الضفة الغربية. ولم يسفر الهجومان عن أي اصابات. وقال غابي سعادة، أحد أعضاء الكنيسة الانجيلية في المدينة، ان نحو أربعة أو خمسة ملثمين كانوا يستقلون سيارة بيضاء ألقوا عدداً من القنابل الحارقة على جدار الكنيسة من دون أن يتسبب ذلك في أي خسائر. وتعرضت كنيسة تابعة للروم الارثوذكس في نابلس لهجوم مماثل، ما أدى الى اشتعال النار في أحد جدرانها وتفحم جزء منه. وانتقد جورج عوض رئيس كنيسة الروم الارثوذكس ما وصفه ب"التصرف الطفولي"، مؤكداً أن لا شأن لهم بتصريحات البابا. وقال إنه وجه انتقادات الى هذه التصريحات وان"المسلمين والمسيحيين في فلسطين أشقاء في السراء والضراء". وفي البصرة، قال مصدر في الشرطة العراقية إن قنبلة انفجرت مساء الجمعة أمام باب كنيسة في المدينة، ما أحدث اضراراً طفيفة في بابها. وأضاف ان القنبلة انفجرت عندما فتح الحارس الباب غير انه لم يصب بأذى. رسمياً، ندد الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بالبابا، معلناً أن اليمن سيعيد النظر في علاقته مع الفاتيكان إذا لم يعتذر بنديكتوس. وأعرب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن"الاستغراب والغضب الشديدين للتعبيرات الماسة بالدين الإسلامي التي نقلت عن البابا". وأكد أن"الاحترام التقليدي الذي يكنه المسلمون والعرب للفاتيكان قائم على أساس الاحترام المتبادل، وأن ما ننتظره هو أن يتعامل الفاتيكان مع كل الأديان بما تستحقه من إجلال واحترام". ودعا رئيس الوزراء الماليزي عبدالله أحمد بدوي البابا إلى الاعتذار. وقال إن"على البابا عدم الاستخفاف بالفضيحة التي أثارها". واضاف أن"الفاتيكان يجب ان يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه القضية ويتخذ الاجراءات اللازمة لتصحيح الخطأ". وطلبت إيران من البابا"تصحيح"تصريحاته، معتبرة أنها"خطأ جسيم". ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن الناطق باسم الخارجية محمد علي حسيني ان موقف البابا يشكل"تفسيراً سياسياً لديانة إلهية ونحن ندينها". وأضاف أن"تعليقاته تناقض موقفه كزعيم ديني لاحدى الديانات الالهية ونعتبر ان الامر يتعلق بخطأ جسيم"، داعياً البابا إلى"اعادة النظر سريعاً في تصريحاته وتصحيحها للتمكن من ترسيخ العلاقات بين الاديان". وأعلنت وزارة الخارجية العراقية في بيان ان"تصريحات البابا كانت موضع استغراب واسف كبير واثارت الكثير من ردود الافعال السلبية في العالم الاسلامي". وأضافت أنها"تجد هذه التصريحات غير موفقة"، ولذا بادرت بالاتصال بالسفير البابوي للاستفسار عنها وتوضيح الموقف. وأعربت عن أملها في"ان تصدر توضيحات من الفاتيكان لتبديد ردود الأفعال السلبية". دفاع ألماني وفي المقابل، دافعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وسياسيون ألمان عن تصريحات البابا، قائلين إنه أسيء فهمها. وقالت ميركل إن التصريحات"كانت مبادرة للحوار بين الاديان، وتحدث البابا لمصلحة هذا الحوار وهو شيء اؤيده واعتبره ملحا وضروريا. ما أكد عليه بنديكتوس السادس عشر كان نبذا حاسما ومطلقا لكل اشكال العنف باسم الدين". ودان مجلس الشورى المصري التصريحات"المسيئة للاسلام وسيرة الرسول الكريم". وأكد في بيان أمس أن"البابا لم يراع تداعيات هذه التصريحات، ما أدى إلى ردود أفعال احتجاجية فى العالمين الاسلامي والعربي". واعتبر أن"هذه التصريحات تعد استمرارا للحملات المتوالية التى تعادي الاسلام وتؤكد الجهل به وبتعاليمه السامية". واستنكرت الأمانة العامة لاتحاد الصحافيين العرب التصريحات، معربة في بيان عن"اندهاشها واستيائها الشديد من هذه الإساءة المتعمدة". وشددت على"ضرورة التفريق بقوة بين حرية الرأي وحملات ازدراء الأديان، خصوصاً إذا جاءت على لسان أكبر مسؤول كاثوليكي في العالم". وفي تونس، أعرب المجلس الاسلامي الاعلى، وهو هيئة استشارية حكومية، عن استيائه الشديد ورفضه لإساءة البابا. وقال في بيان أمس إن"المجلس يعرب عن استيائه الشديد ورفضه لمثل ما جاء في المحاضرة من ايحاءات تنم عن فهم خاطئ لرسالة الاسلام السمحة وتمس بمشاعر المسلمين في هذا الظرف الذي يقتضي مزيداً من دعم الحوار". كذلك، أعرب مسؤولون إسلاميون في اندونيسيا عن أسفهم لتصريحات البابا. ودعوا إلى عدم تأجيج الاجواء بين مختلف الاديان. واعتبر رئيس مجلس العلماء، وهو الهيئة الإسلامية الأعلى في اندونيسيا، معروف أمين أن"من غير المناسب ان يأتي مثل هذا التصريح من البابا". ويعتزم المجلس توجيه رسالة احتجاج الى الفاتيكان. تنديد أميركي ونددت صحيفة"نيويورك تايمز"الأميركية في افتتاحيتها بتصريحات البابا التي اعتبرتها"مفجعة وخطيرة"، وقالت إن"العالم يصغي دائماً بانتباه الى كلمات كل بابا. وعندما يزرع احدهم الالم عمداً او بسبب الاهمال فإن الامر يصبح مفجعاً وخطيراً". ورأت ان عليه"تقديم اعتذارات عميقة ومقنعة وان يبرهن على ان الكلمات يمكن ان تهدئ الاوضاع ايضا". وأشارت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية إلى"خطأ سياسي وديبلوماسي كبير"، خصوصاً أن"البابا الجديد يقدم نفسه دائما كمبشر في اوروبا التي يهيمن عليها عدم الايمان". بيد أن صحفاً ألمانية دافعت عن البابا اتساقاً مع مواقف ميركل، على رغم اعتبار بعضها خطابه"غير ملائم". ورأت صحيفة"تاغ تسايتونغ"أن"بعض الاستشهادات التي اسيء فهمها حول الاسلام"استخدمت من قبل متطرفين اسلاميين"لصب الزيت على النار". وتساءلت صحيفة"بيلد"الشعبية تحت صورة لمتظاهرين في كشمير:"لماذا يكره المسلمون بابانا؟". وتصدت الصحافة البريطانية للدفاع عن البابا بوضوح، معتبرة ان تصريحاته تم تحريفها واسيء فهمها.