لا تزال اخفاقات الحرب الإسرائيلية على لبنان ترخي بظلالها الثقيلة على المزاج العام في الدولة العبرية، كما تنعكس في عناوين الصحف ومقالات وتقارير أبرز المعلقين التي تأتي بالمزيد من التفاصيل، لتؤكد فداحة الفشل وتعزز المطالبة بتنحي قادة المستويين السياسي والعسكري، وإن كانت السهام توجه أساساً نحو رئيس الحكومة ايهود أولمرت ورئيس هيئة أركان الجيش الجنرال دان حالوتس. وكتبت صحيفة"معاريف"في عنوانها الرئيسي أمس أن عملية انزال قوات مجوقلة في بعلبك في الثاني من آب اغسطس الماضي التي توقع وزير الدفاع عمير بيرتس عند إقرارها"بأن تغيّر وجه الحرب"، لم تكن سوى عملية استعراضية"في إطار بحث المستوى السياسي عن انجاز يبدد احساس الجمهور بأن الجيش عاجز عن تحقيق انجاز جدي في حربه ضد حزب الله". وأضافت الصحيفة أنه قبل عملية الانزال بساعات تلقت إسرائيل معلومات استخبارية تفيد بأن"الأهداف من العملية الجنديان المخطوفان كما اشيع في حينه ليست في المنطقة بعلبك". ولكن، مع ذلك، تقرر تنفيذ العملية"من أجل الاستعراض فقط". ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عسكريين انتقادهم العملية"التي عرضت حياة نحو 200 جندي من وحدتي النخبة الى الخطر، فقط لأغراض دعائية". وتابعت أن العملية التي خطط لها أن تثمر جمع معلومات استخبارية عن الجنديين لم تحقق شيئاً جدياً"على رغم أن الجيش روّج للعملية قصة نجاح وقام بعرض صور، فيما أكثرَ قادته في الادلاء بتصريحات لوسائل الإعلام المختلفة". الى ذلك، وجّه عدد من كبار العسكريين المتقاعدين برتبة ميجر جنرال، أقسى الكلام لرئيس هيئة أركان الجيش الجنرال دان حالوتس الذي التقى نحو 70 منهم أمس. وطالب عدد منهم حالوتس بتحمل المسؤولية والاستقالة. وقال القائد السابق للمنطقة الجنوبية أفيغدور بن غال إنه لا يجوز لطيّار أن يصبح قائداً للجيش"لعدم قدرته على توجيه القوات البرية"، وتوجه مباشرة الى حالوتس بطلب التنحي، فرد عليه بالقول إن"ليس مفروضاً من راعي القطيع أن يكون نعجة". وانتقد ضباط آخرون إدارة الحرب الفاشلة بحسب توصيفهم"وتغيير الأوامر والمهمات تباعاً على نحو أربك الجنود". ووصف أحد المشاركين ما دار في الاجتماع الساخن بين حالوتس والعسكريين القدامى ب"حوار الطرشان". وفتحت صحيفة"معاريف"صفحاتها لقائد"المنطقة الشمالية"المستقيل الميجر جنرال أودي آدم ليرد عنه الاتهامات بالفشل ويدحرجها نحو عتبة حالوتس وهيئة الأركان"الذين أداروا الحرب من مكاتبهم المكيّفة". وقال إن قيادة المنطقة الشمالية أجرت، قبل الحرب، ثلاث مناورات ضخمة تناولت سيناريوهات مماثلة لما حصل بعد خطف الجنديين،"إلا أن تردد القيادتين العسكرية والسياسية حال دون تطبيق ما خططنا له". وأضاف أنه مع إقرار شن الحرب"لم يدرك أصحاب القرار بما يترتب عنه. لقد ظنوا أنه بوسع الطيران الحربي تحقيق كل شيء". الى ذلك، نشرت صحيفة"يديعوت أحرونوت"افادات لطيارين أقروا فيها بأنهم تركوا جنوداً ينزفون دماً على الأرض من دون أن يجرؤوا على تخليصهم خوفاً من اسقاط طائراتهم"ما أدى الى وفاة عدد منهم متأثراً بجراحه". وقال أحد الطيارين إن التعاون بين سلاح الطيران والمشاة كان شبه معدوم.