في أول إطلالة إعلامية له بعد تسلمه مهمات منصبه، اتهم الناطق باسم الخارجية الإيرانية محمد علي الحسيني الولاياتالمتحدة الأميركية بتسميم مسار المفاوضات النووية بين بلاده والمجتمع الدولي. في الوقت ذاته، اتهمت الولاياتالمتحدةالإيرانيين ب"السعي الدؤوب"إلى الحصول على قنابل نووية، معتبرة أنه بات يتعين أن يواجهوا العقوبات، في حين شدد الأوروبيون على أن الوقت لم يفت لإجراء محادثات من أجل التوصل إلى حل من طريق التفاوض. ووجه المندوب الإيراني الدائم إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية في كلمة ألقاها في اجتماع مجلس محافظي الوكالة رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي فحواها أن إيران راغبة في التوصل إلى حل سلمي لأزمة ملفها النووي عبر الطرق الديبلوماسية، داعياًَ كل الأطراف المعنية بالملف إلى دراسة رد بلاده على عرض الحوافز المقدم لها والعودة إلى طاولة المفاوضات من دون أي شروط ولا تأخير أو إبطاء. واعتبر الناطق الجديد باسم الخارجية الايرانية أن أميركا"تريد تسميم مسار المفاوضات من خلال العداء المستمر لإيران على الرغم من تشديد طهران الدائم على استمرار المفاوضات للحصول على حقوقها النووية". وجاءت تصريحات الحسيني رداً على المواقف التي أطلقتها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي اعتبرت أن تأجيل الاجتماع الذي كان مقرراً أمس، بين سكرتير مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا يشير إلى أن طهران ربما لا تفي بالطلبات الدولية لوقف تخصيب اليورانيوم. وقال الحسيني إن أميركا"تسعى الى تحقيق مصالحها من طريق حرف المفاوضات عن مسارها". وحذر من أن"مثل هذا النهج من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى عزلة الولاياتالمتحدة"، داعياً واشنطن إلى"التحلي بالمزيد من الصبر". وتأتي هذه المواقف الايرانية في وقت أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن بلاده"تؤيد محادثات غير مشروطة في النزاع النووي وأن القضية يمكن تسويتها طالما أن القوانين المعترف بها دولياً أخذت في الاعتبار". الوكالة الدولية في فيينا، طالب المندوب الإيراني الدائم إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اختتام اجتماعات مجلس محافظي الوكالة أمس، بسحب ملف بلاده النووي من التداول في نيويورك وإعادته إلى فيينا، حيث مقر الوكالة، واصفاً إحالة الملف إلى مجلس الأمن بالخطأ التاريخي. وحمل المندوب الإيراني على نظيره الأميركي غريغوري شولته ل"تسميمه"للأجواء الإيجابية الراهنة المحيطة بالملف عبر تكراره ادعاءات باطلة تتهم إيران بعدم التعاون والسعي إلى امتلاك السلاح الذري. ونفى سلطانية أن تكون أسباب إرجاء جولة المحادثات الثانية بين سولانا ولاريجاني، مرتبطة بأي محاولات إيرانية لعرقلة الحوار، مشيراً إلى أن الاجتماع عقد على درجة أقل تمثيلاً بين مسؤولين أوروبيين ونائب لاريجاني مساعد سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني محمد جواد وعيدي. إلى ذلك، أشار سلطانية الى أن الاتصالات المباشرة بين لاريجاني وسولانا قائمة ومستمرة لترتيب اجتماع لاحق. واكتفى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في جلسته الختامية، بعد استعراضه تقرير المدير العام للوكالة محمد البرادعي حول مدى تنفيذ طهران لاتفاق الضمانات المعقود بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، بصياغة بيان مشترك عبرت فيه بعض الدول عن أسفها لعدم تمكن طهران من حل كل المسائل العالقة المرتبطة بطبيعة نشاطاتها النووية. وقال ديبلوماسي من كتلة عدم الانحياز ل"الحياة"إن المجلس بأعضائه ال 35 واجه صعوبة بالغة في التوصل إلى صيغة مشتركة للبيان، إذ برز انقسام واضح في المواقف والرؤى في شكل خاص بين مجموعة عدم الانحياز والولاياتالمتحدة والدول الحليفة لها. وأشار إلى أن الخلاف تمحور حول تضمين البيان إشارة إلى احتمال اللجوء إلى فرض عقوبات على طهران في حال عدم تجاوبها مع المطالب الدولية بوقف تخصيب اليورانيوم وبين الاكتفاء بدعوتها إلى اغتنام الفرصة المتاحة أمامها للتوصل إلى حل ديبلوماسي للأزمة. لندن تتوقع تحمّل طهران العقوبات في لندن رويترز، حذر وكيل وزارة الخارجية البريطانية لشؤون الشرق الأوسط كيم هاولز من أن طهران تمتلك على الأرجح الموارد التي تمكنها من تحمل العقوبات. وقال هاولز أمام جلسة للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان:"لا يمكنني رؤية وسيلة عسكرية للتغلب على ذلك، كما أنني لست على يقين من أنه توجد وسيلة سهلة أمام الأممالمتحدة لفرض عقوبات". وأضاف ان إيران"دولة متنوعة الموارد للغاية، ولا يوجد أدنى شك لدي في أن بإمكانها التحمل لفترة طويلة جداً ومواصلة ما تفعله". وعلى رغم إيضاح واشنطن لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تحدي إيران يجب أن يتبعه اتخاذ خطوات لفرض عقوبات، فإن الدول الأوروبية الثلاث بريطانيا وفرنسا وألمانيا أسقطت الاشارة إلى إجراء عقابي ودعت إلى إجراء محادثات فرصة أخيرةعلى رغم انتهاك طهران للمهلة التي حددها مجلس الأمن لوقف التخصيب آخر الشهر الماضي. وقال المندوب الأميركي لدى الوكالة:"في ضوء سجل إيران من الخداع وافتقاد الشفافية والسلوك الاستفزازي وتجاهل التزاماتها الدولية، يتعين علينا أن نتخذ خطوات أخرى لاقناع إيران بالتخلي عن طموحاتها لامتلاك أسلحة نووية". وأضاف:"نحن مقتنعون بأن إيران تسعى بقوة من أجل الحصول على تكنولوجيا ومواد لبناء أسلحة نووية. حان الوقت كي يدعم مجلس الأمن الديبلوماسية الدولية بالعقوبات الدولية".