سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فرقتهم السياسة وجمعتهم عاشوراء ... ملايين الشيعة والسنة العراقيين يحيون استشهاد الحسين . العشائر السنية تحمي طريق "مثلث الموت" من هجمات المتطرفين على زوار كربلاء
وسط اجراءات امنية مشددة بدأ ملايين الشيعة والسنة أمس احياء ذكرى عاشوراء في مختلف مناطق العراق خصوصاً كربلاء. وتستمر هذ الشعائر الدينية، التي بلغت ذروتها مساء الاربعاء، حتى صباح اليوم الخميس الذي يصادف العاشر من محرم. وأحيا ملايين العراقيين امس ذكرى ليلة استشهاد الامام الحسين، ثالث أئمة الشيعة واصحابه في القرن السابع الميلادي، التي تسبق يوم عاشوراء التي يمارس الشيعة فيها طقوساً خاصة تعبيراً عن حزنهم ويسيرون في مواكب إلى مدينة كربلاء المقدسة 100 كلم جنوببغداد فيما يقيم الاهالي في مختلف انحاء العراق مآدب ومجالس استذكار تستمر طوال الليل حتى صباح اليوم الخميس العاشر من محرم الذي درج اجتماعياً على تعطيل كل انواع الاعمال فيه تجارياً ورسمياً. وفي بغداد اغلقت جميع الجسور ال13 التي تمر فوق نهر دجلة ووضعت نقاط التفتيش في معظم المداخل والمخارج المؤدية الى وسط العاصمة خشية وقوع اعتداءات ضد الزوار. وبدأت المواكب الحسينية تتوافد خصوصا على مسجدي الامام موسى الكاظم شمال والخلاني وسط تحيط بها عناصر مكثفة من قوات الشرطة ومغاوير وزارة الداخلية. كما انتشرت سيارات الشرطة وسيارات الاسعاف وقوات الامن في وسط العاصمة حيث منعت جميع السيارات المدنية من المرور. وساهمت العائلات السنية في عدد من مناطق بغداد في مشاركة العائلات الشيعية احياء الذكرى بتشجيع من رجال الدين لاستعادة ما عكر وشائج الاخوة بين الجانبين. وشهدت منطقة الكاظمية السنية شمال بغداد اقامة مآدب احياء ذكرى استشهاد الحسين. وقال الشيخ محمود الاعظمي، امام وخطيب احد الجوامع في الاعظمية، ل"الحياة"ان"اهالي الاعظمية مشهود لهم على امتداد عقود في المشاركة مع اخوانهم الشيعة في الكاظمية في احياء ذكرى عاشوراء"فيما سهرت عائلات عراقية سنية وشيعية حتى الصباح في مناطق المنصور وحي الجامعة والشعب وبغداد الجديدة معاً لاحياء المناسبة والاشراف على"قدور الهريسة"التي يستمر طبخها حتى الفجر. وعلى رغم الاجراءات الأمنية المكثفة أطلق مسلحون النار أمس على مجموعة من الشيعة في حي الشعلة في بغداد كانوا يحيون ذكرى عاشوراء ما أسفر عن جرح ستة اشخاص. واكتست كربلاء باللون الاسود في الوقت الذي تدفق فيه مئات الآلاف من الزائرين لاحياء ذكرى عاشوراء عند مرقد الامام الحسين. وكثفت السلطات المحلية في كربلاء استعداداتها لاستقبال الزائرين الذين يتوقع ان يصل عددهم اليوم الى مليوني شخص. وقال محافظ كربلاء عقيل الخزعلي ل"الحياة":"اتممنا الاستعدادات الامنية والصحية بمشاركة فعاليات المجتمع المدني. وتم نشر الآلاف من قوات الشرطة العراقية وقوات الجيش العراقي في جميع الطرق وصولاً الى مركز المدينة حيث تتم شعائر الزيارة. اضافة الى جهد متميز من وزارة الداخلية بارسال فوج مغاوير الداخلية لحماية المدينة ونشر المفارز الطبية في كل الطرق التي تؤدي الى المدينة". وأكد ان"الوضع الامني مستتب ومستقر". وقال قائد الشرطة العميد عبد الرزاق الطائي"لدينا ثمانية آلاف من الشرطة والجيش منتشرين في كل انحاء المدينة، بينهم الفان من الشرطة والجيش بملابس مدنية ويختلطون بالزائرين"، اضافة الى كاميرات متصلة بدائرة تلفزيونية مغلقة تراقب المنطقة. ولم تسجل القوى الامنية على الطرق المؤدية إلى كربلاء والمارة بمناطق مثلث الموت السنية اي حوادث لاستهداف المواكب الحسينية. وقال الشيخ بهاء الجنابي من وجهاء اللطيفية في اتصال مع"الحياة"امس ان"العشائر العربية في المنطقة اخذت على عاتقها حراسة الطريق لمنع المجموعات المتطرفة من تنفيذ عمليات تستهدف الزائرين واتهام السنة بها بهدف زرع الفتنة بين الطرفين". وفي كركوك 280 كلم شمال بغداد أحيا المسلمون الشيعة والسنة، من التركمان والعرب والاكراد، ذكرى عاشوراء وسط اجراءات امنية مكثفة. واعلنت الشرطة في المدينة اعتقالها خلية كانت بصدد تنفيذ هجوم انتحاري على مساجد وحسينيات الشيعة في كركوك التي كانت شهدت منذ اول ايام محرم اجواء عزاء انتشرت خلالها اللافتات والشعارات الحسينية في غير حي في المدينة. وقال العقيد سرحد قادر ل"الحياة":"تمكنت قواتنا من اعتقال خلية من أربعة عناصر من حزب البعث المنحل في قضاء الزاب التابع لكركوك ومصادرة اسلحة بحوزتهم". وفي السليمانية احيا الاكراد الفيلية الشيعة طقوس العزاء الحسيني في حسينية الحكيم بمشاركة ممثل الرئيس جلال طالباني وعدد من قادة الاحزاب الكردية. وكان النظام السابق يمنع مثل هذه المراسم ويقمع ممارسيها. وعلى مدى السنوات الثلاث التي تلت سقوط النظام السابق استعاد الشيعة ممارسة الطقوس الحسينية التي تشهد ذروتها يوم العاشر من محرم، من ضرب الصدور و"التطبير"بآلات حادة حتى اخراج الدم من الرؤوس وسط اعتراضات من رجال الدين والمثقفين الشيعة الذين يعدون هذه الظواهر غريبة على الاسلام وغير مقبولة، ووصفها بعض رجال الدين بأنها"مناظر مقززة". ويقول الشيخ عبد المنعم المصلي من مكتب المرجع الديني آية الله الشيخ محمد اسحاق الفياض ل"الحياة"ان"التطبير وضرب الزناجيل ظواهر غريبة لم يعرفها الاسلام من قبل"مشيراً الى ان"الهنود كانوا يلجأون الى هذه الأساليب في القرون الماضية ومن ثم دخلت الى ايران وتوسعت بعدها الى العراق وباقي البلدان". واضاف ان الكثير من العلماء حرم اداء هذه الطقوس مثل آية الله الخميني والسيد علي خامنئي في ايران وآية الله محمد حسين فضل الله في لبنان.