غداة أكثر من أسبوع على تفجر أزمة نشر صحيفة دنماركية رسوماً مسيئة الى النبي محمد ص وبروز ردود فعل عنيفة في أكثر من بلد مسلم، يبدأ الاتحاد الأوروبي تحركاً ديبلوماسياً في اتجاه البلدان الاسلامية، في محاولة لاحتواء التوتر. وأوضح مصدر ديبلوماسي أوروبي أن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا سيبدأ مطلع الأسبوع المقبل زيارة الى السعودية والأردن وفلسطين ومصر للتشاور مع قيادات هذه الدول وكل من الأمين العام ل"منظمة المؤتمر الاسلامي"إحسان أوغلو والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، للنظر في الوسائل الكفيلة بردم الهوة المتسعة بين أوروبا والعالم الاسلامي غداة إعادة نشر الرسوم في صحف أوروبية، واستهداف سفارات وممثليات الدنمارك والنروج في دمشق وطهران وبيروت وغزة. وفي أول موقف دولي - إسلامي مشترك، أعربت الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي و"منظمة المؤتمر الاسلامي"في بيان عن"القلق الشديد من تداعيات نشر الرسوم المسيئة الى النبي في الدنمارك قبل شهور وإعادة نشرها في عدد من الصحف الأوروبية، وما أثارته من أعمال عنف". وذكر البيان الذي وقعه سولانا وأوغلو والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أن"غضب العالم الاسلامي إزاء نشر الرسوم المسيئة يشاطره إياه الغضب جميع الأفراد والطوائف الذين يعترفون بحساسية عمق الايمان الديني". وأكد الحاجة الى"التحلي بروح المسؤولية عند معالجة المسائل ذات الأهمية الخاصة بالنسبة الى المؤمنين". وقال مصدر ديبلوماسي ل"الحياة"إن مفاوضات البيان المشترك طالت ظهر أول من أمس للبحث عن صيغة توفق بين"تفهم الجانب الأوروبي لغضب الرأي العام الاسلامي ومقتضيات مبادىء حرية الصحافة وشجب أعمال العنف". واعتبر البيان أن"اعمال العنف تجاوزت الاحتجاج السلمي"، قبل أن يدين"الاعتداءات المؤسفة التي استهدفت البعثات الديبلوماسية في دمشق وبيروت وفي الخارج"، لافتاً الى أن"الاعتداء على الاشخاص والممتلكات لا يؤدي سوى الى الاساءة للدين الاسلامي الحنيف". واعتبرت مصادر سياسية أن"تحرك الديبلوماسية الأوروبية يأتي بعد استفحال الأزمة واتساع الهوة ونسف الثقة بين الأوروبيين والمسلمين داخل الاتحاد من ناحية وبين الأخير وجيرانه في الجنوب من ناحية أخرى". وتابعت أن"تأخر التحرك الديبلوماسي الأوروبي مكن المتشددين في العالم الاسلامي من خطف أزمة الرسوم المسيئة بغرض المزايدات السياسية في أكثر من بلد، وخصوصاً في كل من سورية ولبنان وإيران". وأفادت أوساط سياسية أوروبية أن"رفض رئيس الوزراء الدنماركي الاعتذار وتلكؤ المفوضية الأوروبية في ادانة الرسوم، وخصوصاً تحفظها عن أي مبادرة تهدئة، جعلت حكومات البلدان الاسلامية في وضع صعب أمام الرأي العام المحلي"، لافتة الى أن الأزمة كشفت أن آليات الشراكة الأوروبية - المتوسطية"تفتقد الجدوى وينقصها آلية التحرك الديبلوماسي العاجل لادارة الأزمات". وفي برلين، اعتبرت الحكومة الألمانية أن دعوة صحيفة إيرانية الى نشر رسوم تسخر من المحارق النازية هي محاولة لإقحام إسرائيل في نزاع بين أوروبا والعالم الاسلامي حول الرسوم. ونقلت صحيفة"برلاينر تسايتونغ"عن غرنوت إيرلر نائب وزير الخارجية الألماني قوله:"بعد إنكار حق اسرائيل في الوجود وإنكار المحارق، يحاول المحيطون بالرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد تصعيد الموقف"، معرباً عن"قلق عميق من أن تستغل دولة صراع الحضارات كأداة لبسط هيمنتها". وبطلب من حزب الخضر، قرر البرلمان الاتحادي عقد جلسة خاصة غداً الجمعة للبحث في الخلاف القائم على نشر الرسوم وانعكاساته على الحوار بين أوروبا والدول الاسلامية. وكانت صحيفة"همشهري"الايرانية أطلقت مسابقة أول من أمس لأفضل رسم كاريكاتوري عن المحارق النازية، رداً على نشر صحف في الدنمارك وأوروبا رسوماً مسيئة الى النبي محمد ص. وفي حديث نشرته الصحافة الاسبانية، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن"إدانته"الرسوم، معتبراً أنها"تعمق الشرخ بين الأديان"، داعياً الدنمارك الى"طلب الصفح". ودان الرئيس الروسي الذي بدأ أمس زيارة الى اسبانيا تستمر يومين"الرسوم الكاريكاتورية التي تعمق الشرخ بين الأديان وتستفز مشاعر المؤمنين وتهينها". وأضاف:"حين ندين الاعتداء الجنسي على الأطفال، لا نختبئ وراء حرية التعبير"، مشيراً الى وجوب"التفكير مئة مرة قبل نشر شيء أو رسمه، واذا كانت دولة غير قادرة على منع منشورات مماثلة فعليها على الأقل أن تطلب الصفح".