استقبل نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية التركي عبدالله غُل على رأس وفد من الوزراء، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مطار أنقرة عصر أمس، وذلك قبل التوجه إلى القصر الجمهوري، حيث أقام الرئيس التركي أحمد نجدت سيزار حفلة استقبال رسمية، كما جرت العادة في تركيا لدى استقبالها كبار الزوار من رؤساء وملوك، وحضر مراسم الاحتفال الوفد السعودي المرافق للملك عبدالله بن عبدالعزيز، إلى جانب وزراء ممثلين عن الحكومة التركية. ويصل الملك عبدالله اليوم إلى مدينة اسطنبول في القسم الثاني من زيارته الرسمية الأولى من نوعها لزعيم سعودي إلى تركيا، حيث يجري مزيداً من المحادثات، ويلتقي الشخصيات التركية، يرافقه خلالها رئيس الوزراء، فيما يرجح أن تُختتم الزيارة غداً الخميس. وكان خادم الحرمين غادر مطار جدة الدولي ظهراً، فيما أصدر بياناً رسمياً أناب فيه ولي عهده نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز بمهمات إدارة البلاد وحكمها خلال فترة غياب الملك عبدالله خارجها. في هذه الأثناء وصف وزير الخارجية التركي عبدالله غل الزيارة بال"مهمة جداً"، مؤكداً وجود إرادة سياسية متبادلة بين البلدين لتعزيز العلاقات في المجالات كافة، بما فيها العسكرية والأمنية، وهو ما يؤسس لشراكة استراتيجية بينهما. بحسب تعبيره. وأضاف غل في حديث خاص إلى"الحياة"أن العلاقات بين تركيا والمملكة قديمة جداً، وأن البلدين يجمع بينهما دين واحد وثقافة واحدة، وأن للمملكة العربية السعودية معزة خاصة في قلوب الأتراك، لأنها قبلة المسلمين، ولأن المودة والمحبة تجمع بين الشعبين. وأشار إلى أن المملكة وتركيا تكملان بعضهما بعضاً من حيث موقعيهما في المنطقة"حيث تتمتع المملكة بثقل مهم في العالم الإسلامي والعربي، فيما تشكل تركيا جسراً يصل الشرق بالغرب، ويجمع بين الديموقراطية والإسلام، وهي عضو في العديد من المنظمات الدولية الغربية الفاعلة، وعليه فإن التعاون بين الدولتين سيسهم بلا شك في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ويساعد على دعم مسيرة التنمية والتطور فيها". وفي هذا الإطار، أشار غل إلى التقارب الكبير والسريع الذي شهدته العلاقات التركية - السعودية أخيراً، والذي توجته زيارة خادم الحرمين إلى أنقرة. وكان خادم الحرمين الشريفين والرئيس التركي ترأسا في حضور رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، جلسة المحادثات الرسمية الأولى بين الجانبين، بعد قليل من انتهاء مراسم الاستقبال الرسمي. إذ عرض الملك عبدالله والرئيس سيزار قضايا المنطقة والعالم، خصوصاً الحرب الإسرائيلية البشعة على لبنان وممارساتها في القتل اليومي، الذي يستهدف الفلسطينيين بإفراط. كما توقفا مطولاً أمام ما يجري في العراق الذي تربطه مع الرياضوأنقرة حدود برية، هي الأطول من نوعها مع الأراضي العراقية. كما بحثا في ملف"إيران النووي"، ومناقشة تفعيل موقف البلدين المُعلن برفض انتشار أسلحة الدمار الشامل، وضرورة تطهير منطقة الشرق الأوسط منها. وعقب المحادثات جرت مراسم التوقيع على ستة اتفاقات بين البلدين، إذ وقع وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية عبدالله غل مذكرة تفاهم للمشاورات السياسية الثنائية بين وزارتي الخارجية في البلدين. ووقع وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء رئيس هيئة إدارة المركز الوطني للوثائق والمحفوظات الأمير عبدالعزيز بن فهد وعبدالله غُل على بروتوكول تعاون بين المركز الوطني للوثائق والمحفوظات والمديرية العامة لأرشيف الدولة في رئاسة الوزراء التركية. ووقّع وزير المال الدكتور إبراهيم العساف اتفاقين ومذكرتي تفاهم هي: اتفاق تنظيم عمليات نقل الركاب والبضائع على الطرق البرية بين حكومتي البلدين، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الصحية بين وزارتي الصحة في البلدين، واتفاق بين حكومتي البلدين في شأن التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، ومذكرة تفاهم بين وزارتي المال في البلدين في شأن اتفاق تجنب الازدواج الضريبي. وأقام الرئيس التركي احمد نجدت سيزار حفلة عشاء كبيرة على شرف خادم الحرمين الشريفين، حضرها الوفد السعودي المرافق ورئيس الوزراء التركي وعدد من وزراء حكومته، كما التقى خادم الحرمين في جلسة خاصة في الفندق الذي نزل فيه في أنقرة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان. وبالعودة إلى تصريحات غل ل"الحياة"، فإنه أكد تقارب وجهات النظر بين الرياضوأنقرة في العديد من القضايا السياسية، وعلى رأسها محاربة الإرهاب"وهو ملف يشهد تعاوناً أمنياً واستخباراتياً واسعاً بين البلدين". وأكد غل أن بلاده والمملكة تتمسكان بضرورة وحدة التراب العراقي ومنع وقوع حرب طائفية في العراق، مشدداً على وجود جهود مشتركة سعودية - تركية في هذا الشأن. كما أكد مجدداً دعم البلدين للقضية الفلسطينية العادلة ودعمهما عملية السلام في الشرق الأوسط واستنكارهما العدوان الإسرائيلي على لبنان. واختتم غل تصريحاته ل"الحياة"بالقول إن التعاون والتنسيق السياسي بين المملكة وتركيا سيتطوران بشكل كبير قريباً بشكل يعكس النتائج الإيجابية المنتظرة من زيارة خادم الحرمين التاريخية إلى تركيا.