على خلاف إقبال الغربيين على التحليل النفسي، يرى العالم العربي - الاسلامي أن التحليل النفسي، وسعي الأنا إلى إدراك الذات وفهم ميولها المتنازعة، لا يليق إلا بالغرب المنحط. فالكلام على الجنس ليس مباحاً. والحق أن لا مفر للعرب من العلاج النفسي والتحليل النفسي. فبنى الاجتماع التقليدي العربية تنهار شيئاً فشيئاً على وقع التطور التقني السريع والعلمنة، وتخلف وراءها فراغاً وارتباكاً وغضباً. ويجد بعض العرب الراحة في الديانة، ويلتزمون القواعد الدينية، في حين يترك بعضهم الآخر نمط العيش التقليدي، ويقلد نموذج الاستهلاك الغربي. ولا شك في أن مشكلات الكحول والمخدرات تتفشى في العالم الاسلامي العربي وفي أوساط الجاليات المهاجرة بالغرب. وغالباً ما يعاني المرضى العرب بألمانيا من أثر الانفعالات النفسية في الجسد، وأعراضها. وبعد معاناة طويلة مع هذه المشكلات والاعراض، قد يقع عربي مقيم بألمانيا على محلل نفسي بالصدفة. فالعرب عموماً لا يعرفون شيئاً عن التحليل النفسي، ولا يدركون ماهيته. ولا تقصد بنات الجالية العربية المتدينات والمحافظات محللاً نفسياً عربياً. وهن يفضلن اللجوء الى محلل نفسي أجنبي وغريب. فالشرف يقتضي الامتناع من مجاراة الميول خارج الزواج، ومن الكلام على الرغبات والتهويمات والأحلام. وعليه، تخشى النساء بلوغ أسرارهن وخوالجهن الأهل وذوي القربى. ويظهر التمعن في سِيَر بعض الشابات الفلسطينيات اللواتي قمن بعمليات انتحارية أنهن تعرضن لعنف وقمع وإذلال في كنف العائلة. ولم يتسن لهن الدفاع عن أنفسهن أو التعبير عن الغضب أو الاستياء. ففي مراتب الاسر العربية، يحتكر الوالد العنف وحق التعبير عن الغضب. وعلى خلاف الرجال، تثابر النساء على العلاج التحليلي - النفسي بعد بدئه. فالرجال ذكوريون، ويفضلون، تالياً، السكوت عن مخاوفهم، وخصوصاً تلك المتعلقة بالنساء، وكتم قلقهم. ولا شك في أن توسل المعالج النفسي بنهج سيغموند فرويد، مؤسس مدرسة التحليل النفسي"، مفيد عند مقاربة المرضى المسلمين. فالعالم العربي عرف تفسير الأحلام منذ القدم. ولكن عدداً كبيراً من المحللين النفسيين العرب يتخلون عن إرث تفسير الأحلام العربي، ويلتزمون التفسيرات الفرويدية من دون تكييفها مع الثقافة العربية. وعلى رغم افتتانهم بالغرب، يكره العرب الغرب وحداثته. فتفوق الأوروبيين يعزز شعور المسلمين بالدونية. ويجد أبناء الجاليات الاسلامية بالغرب صعوبة في التوفيق بين القيم التقليدية المستبطنة والقيم الغربية المكتسبة. عن جهاد مزاروي محلل نفسي عربي - الماني ، "داي زيت" الألمانية ، 24/7/2006