امامي رسم كاريكاتوري في جريدة"الأندبندنت"، قُسّم في جزءين، الأول يظهر فيه رئيس الوزراء توني بلير امام جزمة كاوبوي اميركي، وهو يقول: ماذا عن وقف إطلاق النار يا جورج؟ والثاني يظهر فيه بلير وقد داس عليه الرئيس بوش وعلق في كعب الجزمة. الرسم في جريدة انكليزية رصينة يرد على تساؤل بعض القراء في رسائل عدة، واستغراب بعض آخر ان أقول ان بلير هو"بودل"، أي كلب مدلل، عند بوش، فالواقع انني لم أقل هذا وإنما نقلته عن الصحف البريطانية، وإذا كنت قلته مرة او اثنتين، فهي قالته ألف مرة، والوصف هذا يدخل في باب الرأي، وهو عند البريطانيين مقدس، اما المعلومات، خصوصاً من نوع الاتهامات، فيجب ان تكون صحيحة. متاعب توني بلير هي مع البريطانيين وليست معي، وقد ثار عليه النواب، بمن فيهم العمال، وهاجم سياسته إزاء لبنان رئيس البرلمان جاك سترو، وزير الخارجية السابق، والرسوم الكاريكاتورية عنه إما ان تظهر تبعيته لجورج بوش، أو تآمرهما على الشرق الأوسط وغيره. وقد رأيت رسماً كاريكاتورياً في"الصنداي تايمز"اليمينية يظهر فيه بوش وهو يحمل في يد صناديق كتب عليها قنابل ليزر لإسرائيل، وطائرات هليكوبتر مسلحة ودبابات ومدافع، وفي اليد الأخرى علبة صغيرة من الإسعافات للبنانيين، وفي أسفل الصورة توني بلير بحجم صغير وهو يقول:"جورج دعني أقل لك كلمة...". وفي رسم بريطاني آخر يقف جورج بوش وتوني بلير معاً امام شرق أوسط تدمره الحروب، والأول يقول: مزيداً من الحرب قبل الاتفاق، وبلير يرد: أي شيء تقوله يا سيدي. وأظهر رسم، بوش يستقبل بلير في المطار والاثنان يسيران على لسان بلير الطويل كسجادة حمراء. أبقى اليوم مع الرسوم الكاريكاتورية، فهي أحياناً أصدق من مقال افتتاحي لأن صاحبها فنان ويعبّر عن قلبه قبل عقله. وكنت بدأت جمعها قبل أسابيع بعدما لاحظت ازدياد الانتقاد لسياسة بوش داخل الولاياتالمتحدة وخارجها، ثم زاد اهتمامي بها بعد حرب إسرائيل على لبنان، فقد كانت احياناً معبّرة في شكل يعجز عنه قلم الكاتب. تظهر الدكتورة رايس في رسم كاريكاتوري كقابلة قانونية بعد ان قالت اننا نشهد آلام وضع شرق اوسط جديد. غير ان غرفة الولادة ساحة حرب، كل شيء فيها مدمر أو يحترق، بما في ذلك سرير الولادة. ووزيرة الخارجية تعود في رسم آخر امام دبابة اسرائيلية، والفكرة السابقة نفسها، إلا انها تقول هذه المرة: لا شيء مستعجلاً، لا أحد يجرّ الأطفال عبر خط الإجهاض إشارة الى معارضة جورج بوش الإجهاض، إلا ان الرسم سبق مجزرة قانا الثانية، فهم يقتلون الأطفال. وفي مكتبة تحت قسم روايات خيالية هناك كتاب عنوانه"حربنا الرائعة الصغيرة"من تأليف بوش وتشيني ورامسفيلد. ومع صواريخ"حزب الله"كان هناك رسم للبيت الأبيض، وفي حديقته صواريخ مشرعة، وعلى أرض الحديقة قلم مكتوب عليه"الديبلوماسية". ولم تنج اسرائيل من انتقاد، مع ان جماعتها في الولاياتالمتحدة من الشراسة ان يحملوا على رسام كاريكاتوري. ورأيت رسماً يعلق على قتل مراقبي الأممالمتحدة، وهناك نصب يمثل مركزهم كتب عليه"الرأي العام العالمي"وجنديان دوليان يقول احدهما للآخر: اسرائيل تصيب هذا الهدف دائماً بدقة مذهلة. وبدا اسرائيلي في رسم آخر يصب صواريخ على ارض كتب عليها"كره اسرائيل". وظهر الشرق الأوسط في رسم قُسّم الى جزءين، الأول اسمه"الشرق الأوسط القديم"والآخر اسمه"الشرق الأوسط الجديد"، إلا ان الصورة واحدة وتظهر دماراً شاملاً وأمّاً تفرّ بطفلها عبر الخراب. وأعاد رسم كاريكاتوري فكرة وليام تل، فلبنان يظهر كولد صغير على رأسه تفاحة كتب عليها"حزب الله". والإطفائي الأميركي في رسم آخر يحمل انبوب ماء عليه عبارة"وقف إطلاق النار"إلا انه لا يوجد ماء في الأنبوب. اما لبنان فيظهر في رسم كمريض، وأمامه اسرائيل تضربه بهراوة على رأسه بزعم استئصال سرطان"حزب الله". والرئيس بوش في البيت الأبيض وأمامه أسرة لبنانية زائرة، كل من فيها مصاب، وهو يقول ان المهم عدم اصابة الأجنة، اشارة الى معارضته ابحاث الخلايا الجذعية، مع انه يرفض وقف إطلاق النار فيما اسرائيل تقتل اللبنانيين. ولم ينج العرب من انتقاد، فلبنان يدمر، وهم يتطلعون الى الاتجاه الآخر ويقولون: متى ينتهي العدوان الصهيوني؟ من دون ان يفعلوا شيئاً. وأمامي بضعة عشر رسماً تهاجم"حزب الله"وإيران، والفكرة واحدة تقريباً، فلبنان سيدة على ظهرها"حزب الله"كرجل دين ايراني، أو لبنان كشجرة أرز ديموقراطية وپ"حزب الله"مثل أفعى على أحد الأغصان، وإسرائيل تمطر الشجرة بالقنابل. وأيضاً سورية وإيران كحفارتي قبور، وأمامهما قبر مفتوح تريدان ان تضعا اسرائيل فيه. وكانت هناك رسوم كثيرة عن برنامج ايران النووي. وأختتم برسم يظهر الشرق الأوسط ودماراً شاملاً في وسطه السياسة الخارجية الأميركية مدمرة معه.