نفت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت ومسؤولون بريطانيون آخرون أمس، أن يكون هناك انقسام داخل الخارجية حيال مواقف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في الحرب الاسرائيلية على لبنان، وذلك بعد تصريحات وزير الخارجية السابق جاك سترو المعارضة لسياسة الحكومة. وقالت بيكيت إن الحكومة متحدة خلف بذل مزيد من الجهود لانهاء القتال المستمر منذ 19 يوماً. وكانت وسائل الإعلام البريطانية أبرزت ما وصفته بتمرد وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو على نحو مكشوف على حكومة بلير بعدما أعلن أن عدوان اسرائيل على لبنان مفرط وغير متكافئ ويهدد استقرار لبنان ويؤدي الى تصعيد مخاطر الموقف في المنطقة. ولكن المعلقين يوضحون أن سترو الوزير المختص بالشؤون البرلمانية حالياً ليس معروفاً بخطبه النارية أو المثيرة بأي شكل من الأشكال بما فيها ما ذكره خلال اجتماعه أمس مع أعضاء مسلمين في دائرته الانتخابية في بلاكبيرن في شمال انكلترا. وكان سترو قال إن اسرائيل قتلت رجالاً ونساءً وأطفالاً من اللبنانيين الأبرياء يبلغ عددهم عشرة أضعاف الذين قتلوا في اسرائيل. وهذا الكلام كما يقول معلقون ليس إلا إقراراً للواقع. ومن الواضح أن سترو يريد تهدئة مشاعر نحو 20 ألف مسلم من أصول باكستانية يقيمون في بلاكبيرن. ولكن كيم هولز وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية المختص بالشرق الأوسط كان قال كلاماً مماثلاً لسترو منذ أكثر من اسبوع، ولكنه تعمد أن يقول كلاماً مغايراً لذلك عندما زار اسرائيل. ولكن الصحف البريطانية تؤكد ان ما قاله سترو يؤكد التقارير عن وجود انقسام كبير داخل حكومة بلير بعد رفض بلير انتقاد اسرائيل أو المطالبة بوقفها لاطلاق النيران، ومعارضة أعداد متزايدة من اعضاء حكومته لذلك. وأكدت صحيفة"ذي أوبزرفر"ان وزراء عديدين طالبوا بلير خلال الاجتماع الأخير للحكومة البريطانية بأن يبتعد عن الموقف الأميركي وأن ينتقد علناً اسرائيل بسبب حجم الدمار الكبير وزيادة أعداد الضحايا المدنيين اللبنانيين نتيجة للعدوان الاسرائيلي على لبنان. وكان الاجتماع عقد قبل يوم واحد من توجه بلير الى واشنطن لعقد قمة مع الرئيس الأميركي جورج بوش تعمد خلالها عدم المطالبة بوقف فوري لاطلاق النار أو توجيه أي نقد علني لاسرائيل. وأبرزت الصحف البريطانية أن وزراء عديدين ابتعدوا في مواقفهم عن بلير خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء البريطاني بمن فيهم نائب رئيس الوزراء جون بريسكوت ووزراء مثل هيلاري بين وزير التنمية الدولية ووزير البيئة. واللورد غروكوت المسؤول عن العلاقات داخل مجلس اللوردات. وتقول صحيفة"ذي ميل أون صنداي"انها علمت ان وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكت أعربت عن قلق عميق إزاء إخفاق بلير في أن يبتعد عن الموقف الأميركي المتشدد في ولائه لاسرائيل. ولكن بيكيت لم تعلن هذا الموقف صراحة بل تعمدت اليوم عدم التنديد باسرائيل بعد مذبحة قانا، واكتفت بوصف ما جرى بأنه"أمر مروع ومأساة". وكان تعيين بيكيت كوزيرة للخارجية مفاجأة كبيرة بسبب عدم خبرتها مطلقاً في مجال الشؤون الخارجية وكانت تشغل منصب وزيرة شؤون البيئة. وأكدت بيكيت الحاجة الى وقف دائم لاطلاق النار وقالت ان الاتصالات التي تجريها بريطانيا ستستمر لحل الأزمة. وفي تطور آخر، فإن محامين وحقوقيين دوليين مثل فيليب سانديز أستاذ القانون الدولي في جامعة لندن اتفقوا مع المطالبات بتقديم بوش وبلير للمحاكمة الدولية بتهمة مساندتهما للعدوان الاسرائيلي على لبنان وارتكاب جرائم حرب هناك. ويرى سانديز ان موافقة بلير على السماح بتوقف طائرات أميركية في مطارات بريطانية وهي تحمل شحنات من القنابل الذكية والصواريخ والمعدات الحربية المتطورة للغاية الى اسرائيل لاستخدامها في العدوان على المدنيين الأبرياء في لبنان، يجعل رئيس الوزراء متورطاً في جرائم حرب ضد لبنان.