يدفع بعض صيادلة عمان أرواحهم ثمن التزامهم أخلاقيات المهنة. يرفضون تزويد مدمني المخدرات بمواد مخدرة فيقتلون... حوادث متفرقة ومحدودة لكنها تؤشر الى خطورة تحيط بالعاملين في حقل لم يكن يوماً من الميادين الخطرة. سيناريو واحد وضحايا متعددون. يدخل مدمن في حال هيجان شديد جرّاء انخفاض نسبة المخدر في دمه، مطالباً بجرعة من أدوية طبية مخدرة أو مؤثرة في العقل. ولدى رفض الصيدلاني صرفها له من دون وصفة طبية معتمدة، ينشب عراك يفضي إلى مقتل الأخير، خصوصاً أن المدمن يكون في حال غضب شديد عندما تشتد عليه النوبة. الصيدلانية دينا المشيني لفظت أنفاسها الأخيرة خنقاً على يد مدمن اقتحم عليها الصيدلية التي تناوب فيها، لا أحد يعلم ما الذي حدث بالضبط في تلك الليلة المشؤومة. بماذا شعرت دينا؟ بمن استغاثت؟ ما هي آخر كلماتها؟... صحيح أن الوقائع مبهمة غير أن النتيجة واضحة: مقتل فتاة في ريعان شبابها بسبب التزامها قواعد مهنتها. وتعد الصيدليات المناوبة ليلاً صيداً سهلاً للمدمنين الذين نفدت المواد المخدرة التي يتعاطونها فيما لا يملكون مالاً لشرائها من السوق السوداء، إذ يقل المارة بل وينعدمون في بعض الشوارع، ما يسهل مهاجمتها والاعتداء على العاملين فيها. وطغت هذه الحوادث على مؤتمرات ولقاءات أبناء المهنة فتوصلت النقابة أخيراً إلى استحداث آلية حماية بالتنسيق مع أجهزة الأمن تزود الصيدليات بموجبها بنظام حديث يتكون من كاميرا فيديو متصلة بشبكة كمبيوتر لرصد وتصوير رواد الصيدلية وفي حال تعرض الصيدلي لخطر أو حتى استشعره يضغط على زر يطلق إشارة استغاثة تنقل إلى مراكز أمنية عدة في آن معاً. وفي غضون ثوان يخطر الجهاز الأمن العام، فيما ترسل إشارتان سريعتان إحداهما إلى رقم هاتف صاحب الصيدلية والثانية لنقابة الصيادلة. وبحسب مصدر نقابي تلزم نصوص قانون مزاولة المهنة أصحاب الصيدليات شراء أجهزة التأمين والإنذار من نقابة الصيادلة على أن يسددوا ثمنها بالتقسيط بحيث لا يشكل عبئاً مالياً. وثمة قلق كبير يكدر صفو الاعتبار الاجتماعي لمهنة الصيدلة خصوصاً أن الأهل كانوا يشجعون أبناءهم على هذا الاختصاص، إلا أنهم باتوا يتخوفون أكثر من مخاطره. ويقول علاء الشاكر الذي أقسم يمين الانضمام الى النقابة قبل نحو خمس سنوات أنه يتخذ إجراءات احترازية في كل ليلة يناوب فيها. ويقول الشاكر 29 عاماً:"أخشى أن أتعرض لاعتداء من قبل مدمن مخدرات أثناء مناوبتي لذا أظل أراقب الداخل من الباب وفي حال بدت عليه علامات مريبة تجنبته أو بقيت قريباً من زر الإنذار".