بدأت نتائج الدراسات الأكثر جدّة عن خصائص"التغذية المتوسطية"وإيجابياتها وتفوقها على أنماط التغذية الشائعة راهناً في الغرب، في الظهور. وبعد سنوات عدة من البحوث، صار من الممكن الحديث عن نمط مميّز إيجابياً للغذاء في بلدان البحر الابيض المتوسط. وأخيراً، نُشرت النتائج الاولية للدراسة الموسّعة التي أجراها علماء اسبان حول الوقاية من أمراض عدّة يقدمها النظام الغذائي المتوسطي. وأظهرت الدراسة ان الوجبات التي تتكون أطباقها الاساسية من السمك والفاكهة والخضار والقمح والاجبان، اضافة الى زيت الزيتون الصافي والجوز واللوز والبندق، في امكانها ان تخفض، خلال ثلاثة اشهر من بدء تطبيقها، خطر الاصابة بمجموعة من امراض القلب والشرايين. وبرهنوا ان ذلك الانخفاض يصل الى نسبة تتراوح بين اربعين وخمسين في المئة. وشملت الدراسة الاسبانية 772 شخصاً، يبلغ متوسط اعمارهم 70 سنة وترتفع لديهم امكانية الاصابة بأمراض القلب والشرايين. وشارك فيها 200 مركز صحي تتوزع في ثمانية اقاليم مختلفة في اسبانيا. وعرض الفريق الاسباني، الذي اشرف عليه الباحث رامون ستروك اختصاصي في الطب الباطني في مستشفى برشلونه وضم 17 باحثاً، أخيراً نتائج الدراسة المذكورة. وأعلن انها ستستمر لأربع سنوات، بحيث تشمل تسعة آلاف شخص آخرين. وأشار ستروك إلى ان فريقه راقب ثلاثة عوامل خطر لتحديد إمكانية إصابة شخص ما بأمراض القلب والشرايين. وبيّن ان توزّع تلك العوامل كان على النحو التالي: تدخين 27 في المئة، ضغط مرتفع 74 في المئة، الاصابة بمرض السكري 56 في المئة، ارتفاع في نسبة الكوليسترول 60 في المئة، سمنة 87 في المئة، وسوابق عائلية للإصابة بأمراض القلب والشرايين 12 في المئة. وبعد ثلاثة اشهر، تبين للباحثين ان نسبة السكري وارتفاع ضغط الدم انخفضت لدى الفئات التي تناولت أطباقاً متوسطية، وخصوصاً بعد إضافة المكسرات المتوسطية اليها. كما انخفض الكولسترول السيئ المنخفض الكثافة"ال دي ال"LDL، وارتفعت نسبة الكولسترول الجيد العالي الكثافة"اتش دي ال"HDL عند تلك الفئات عينها. وفي السياق نفسه، أكّد مُنسّق الفريق ان أوزان جميع الذين شملتهم الدراسة لم ترتفع، بل وانخفض بعضها"ربما بأثر من استهلاكهم الدهون الصحية التي يختلف تأثيرها في زيادة الوزن عن الدهون الحيوانية". ورأى الباحثون ضرورة التوسّع في دراسة خصائص زيت الزيتون الصافي بعد صدور بحوث كثيرة تتحدث عن ايجابيات استهلاكه على الشرايين والقلب. وأكدت الطبيبة فالنتينا رويث، التي شاركت في الدراسة، ان زيت الزيتون هو الدهن الوحيد الذي يُستخرج من"ثمرة نباتية"، وانه يحافظ على الكثير من خصائصه عند استعماله في القلي. ونصحت رويث بأن يستهلك كل شخص نصف ليتر من زيت الزيتون الصافي اسبوعياً. اما الدكتور اميليو روس، رئيس وحدة الغدد والتغذية في مستشفى"كلينيك"في برشلونه، فقد ابرز فوائد اللوز والبندق والجوز. وشدد على أهمية الأخير لأنه يتضمن 50 في المئة من الحوامض الدهنية، التي تلعب دوراً مهماً في الجهاز العصبي. كما بيّن ان المواد الثلاثة السابقة تتضمن نسبة عالية من الالياف والفيتامينات والبروتيين وغيرها من المواد التي تخفض نسبة الكولسترول في الدم. وأكدت الدراسة ان الاشخاص الذين شملتهم الدراسة تناولوا 15 غراماً من الجوز و7.5 غرام من اللوز والكمية نفسها من البندق، فانخفضت نسبة الكولسترول عندهم بنسبة 10 في المئة، ما يعني انخفاضاَ في احتمال الاصابة بأمراض الشرايين والقلب بنسبة 20 في المئة.