تساءلت مصادر شيعية رفيعة على صلة وثيقة بقيادتي"حزب الله"وحركة"أمل"عن اسباب التلكؤ في إرسال قوات دولية جديدة الى لبنان لتعزيز دور وحدات"اليونيفيل"العاملة في الجنوب ومؤازرة الجيش اللبناني في انتشاره على طول الخط الازرق وفي عمق جنوب الليطاني، اضافة الى عدم وضوح المدة الزمنية للمرحلة الانتقالية الفاصلة بين وقف العمليات العسكرية وانسحاب اسرائيل على رغم التزام الولاياتالمتحدة الاميركية والأممالمتحدة ان تمتد من اسبوع الى عشرة ايام كحد أقصى؟ وقالت المصادر الشيعية ل"الحياة"انه مضى اكثر من عشرة ايام على وقف العمليات بين"حزب الله"واسرائيل من دون ان تبادر الأممالمتحدة الى إرسال تعزيزات الى القوات الدولية العاملة في الجنوب منذ الاجتياح الاسرائيلي عام 1978، مشيرة الى ان المراجعات اللبنانية التي تتولاها الحكومة على هذا الصعيد لم تؤد الى تحديد موعد نهائي لوصول هذه القوات او للفترة الزمنية للمرحلة الانتقالية. واستطردت هذه المصادر: هل تريد الولاياتالمتحدة فعلاً الاستقرار في لبنان بدءاً من الجنوب أم انها تخطط للإبقاء على الوضع الأمني هشاً ومهتزاً ليكون مفتوحاً على ما سيرتبه الملف النووي الايراني من تطورات يمكن توظيفها للضغط على لبنان او للضغط من خلاله؟ والا ما معنى التردد في توفير الشروط الموضوعية للانتقال الى مرحلة الحل الدائم تطبيقاً للقرار الدولي 1701؟ وتابعت المصادر:"اذا كان الجواب الدولي الاميركي - الاوروبي على كل هذه الاسئلة مؤجلاً فهل يعني ذلك ان لدى اميركا وأوروبا ومعهما اسرائيل مطالب جديدة تحاول ان تفرضها على لبنان بذريعة ان البقاء على حال عدم الاستقرار سيدفع الحكومة الى التسليم بشروط جديدة تتجاوز القرار 1701 وتحديداً بالنسبة الى نزع سلاح"حزب الله"من جنوب الليطاني وفرض نقاط مراقبة على طول الحدود الدولية اللبنانية - السورية، خصوصاً ان رئيس وزراء اسرائيل ايهود أولمرت ربط موافقته على رفع الحصار الجوي والبحري المفروض على لبنان بمراقبة الحدود! إحراج الحكومة ولفتت المصادر الى ان عدم وضوح الموقف الدولي بات يشكل احراجاً للحكومة التي لم يتوقف رئيسها فؤاد السنيورة عن الاتصال بالجهات العربية والدولية مستفسراً عن مصير الضمانات في ظل اقتصار الوضع في الجنوب على وقف العمليات ومن جانب واحد على الأقل هو"حزب الله"بينما تواصل اسرائيل خرقه براً وجواً وبحراً. وسألت المصادر ايضاً:"كيف تريد واشنطن الاستقرار الدائم للبنان في الوقت الذي لم تثمر جهودها الضاغطة على اسرائيل نتائج ملموسة على الأرض لا سيما أن قادتها لا يزالون يتحدثون عن استعدادهم لخوض جولة ثانية من الحرب على حزب الله؟". وكشفت المصادر عن سر التناقض في الموقف الاميركي بدءاً من تحديد موعد نهائي للمرحلة الانتقالية وفي ضوء الحوار الذي كان دار في هذا الشأن بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش. وأضافت ان بري خاطب ولش بقوله:"إنني أخشى ان تطول الفترة الزمنية للمرحلة الانتقالية لتتحول مع مرور الزمن الى حال دائمة تستغلها اسرائيل لمواصلة احتلالها الجنوب". مضيفاً:"لدينا تجربة مريرة مع القرار 425 الذي لم ينفذ إلا عندما أجبرت المقاومة اسرائيل على الانسحاب من الجنوب في أيار مايو 2000 بعد أن مضى على صدور هذا القرار اكثر من 22 عاماً". وسأل بري ولش:"أريد أن اعرف ما اذا كانت المرحلة الانتقالية هذه ستستغرق عشر سنوات او عشرة اشهر أو عشرة أسابيع؟". فأجاب الأخير انها ستتراوح بين أسبوع وعشرة أيام. كما توجه بري بالسؤال نفسه الى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسون الذي تبنى كل ما قاله ولش بهذا الخصوص، مضيفاً ان قوات"اليونيفيل"العاملة في الجنوب ستكون الطلائع الأولى للقوات الدولية الجديدة التي ستنتشر على طول الخط الأزرق بالتزامن مع الانسحاب الاسرائيلي على ان تواكبها من الجانب اللبناني وحدات من الجيش بعدما تقرر إرسال 15 ألف جندي الى الجنوب. وأضاف بيدرسون - بحسب ما يقول زوار بري - إن عملية الانتشار لن تتأخر الى حين وصول التعزيزات الدولية الى الجنوب، وانما ستتم فوراً على ان تدعَّم بأكثر من ألف عنصر جديد تابعين للقوات الأوروبية الموجودة في البوارج المرابطة قبالة الشاطئ اللبناني وذلك في انتظار وصول التعزيزات التي تعهدت الدول بها المستعدة للمشاركة في القوات الدولية الجديدة. وأكد الزوار ان ما قاله بيدرسون لبري كان الأخير سمعه من ولش، لكنهم لاحظوا فجأة ان هناك تريثاً دولياً في ترجمة أقوال الدول الى أفعال تماماً كما حصل بالنسبة الى تعهد وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس السعي لدى اسرائيل لاقناعها بإعادة مزارع شبعا المحتلة الى السيادة اللبنانية وفي خطوة اولى انتقالية من خلال تسليمها الى القوات الدولية. وأضاف هؤلاء ان رايس أبدت تفهماً لوجهة نظر بري. وقالت أمامه"نعم"ثلاث مرات لعودة المزارع الى السيادة اللبنانية قبل أن تبدل موقفها رضوخاً لضغط تل أبيب برفضها تقديم المزارع جائزة ومكافأة ل"حزب الله"وإخراجه منتصراً من الحرب. وفهم أيضاً من الموقف الذي تبلغته رايس من الحكومة الاسرائيلية انها ما زالت نادمة على انسحابها الأحادي من الجنوب عام 2000 من دون قيد أو شرط ما أتاح لحركة المقاومة الاسلامية في فلسطين"حماس"ان تحذو حذو"حزب الله"بالضغط عليها لإجبارها على الإنسحاب من المناطق الخاضعة للسلطة الوطنية الفلسطينية. ويضيف الزوار أن كل هذه الاعتبارات أملت على قيادتي الحزب والحركة السؤال عن الجهات الضالعة في استمهال عودة الاستقرار الى الجنوب، خصوصاً أن اسرائيل بدلاً من أن تبادر الى تحديد الفترة الزمنية للمرحلة الانتقالية راحت تمعن في استفزاز المقاومة سواء من خلال الإنزال الفاشل فجر السبت الماضي في بلدة بوداي البقاعية أم عبر استمرارها في اعتداءاتها اليومية على عدد من قرى الجنوب وعلى مرأى من المقاومين. ويؤكد الزوار أن بري سارع فور حصول الإنزال الإسرائيلي الى إيفاد النائب في حركة"أمل"علي حسن خليل للقاء قيادة"حزب الله"ناقلاً إليها رسالة بعدم الوقوع في الفخ الإسرائيلي والإنجرار الى تفجير الوضع في الجنوب. ويضيفون أن قيادة الحزب تجاوبت مع طلب بري على رغم اعتبارها ذلك سابقة وحال الاحتقان المسيطرة على كوادر المقاومة وعناصرها جراء استمرار الاستفزازات ونجحت في ضبط النفس وعدم توفير الذرائع لإسرائيل للإطاحة بالقرار 1701 على رغم الموقف الملتبس من الإنزال الذي كان عبر عنه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لتطبيق القرار 1559 تيري رود لارسن، عندما رفض التعليق على الإنزال خلافاً للموقف الذي صدر لاحقاً عن كوفي أنان. لذلك فإن المصادر تحذر من أن يكون البعض في الادارة الاميركية - وطبعاً ليس المقصود بهؤلاء رايس - في وارد نقل التجربة الاميركية في العراق الى لبنان، إذ أن واشنطن أخفقت حتى الساعة في إعادة توحيد هذا البلد العربي المنكوب وكأنها تراهن على تفتيته، مشيرة الى صعوبة نقل"النموذج"العراقي الى لبنان لمواجهته رفضاً شاملاً من طوائفه وأحزابه وقواه السياسية، ومؤكدة أن لا عودة للاستقرار إلا بمبادرة المجتمع الدولي الى الضغط على اسرائيل لإلزامها تطبيق القرار 1701 من دون إدخال أي تعديلات عليه.