أطلقت حركة «النهضة الإسلامية» التونسية حملتها الانتخابية الى المجلس التأسيسي في مؤتمر صحافي في باريس أكدت خلاله أن الإشارة الوحيدة الى الإسلام التي سيتضمنها الدستور الجديد الذي سيتولى المجلس صياغته تكمن في بند واحد مفاده أن تونس بلد حر وديموقراطي وعربي ومسلم. وتخوض «النهضة» الانتخابات في فرنسا لشغل 10 مقاعد خصصت للمقيمين على الأراضي الفرنسية بلائحتين إحداهما في الشمال الفرنسي والثانية في الجنوب وتضم كل منهما 5 مرشحين بينهم أمرأتان. وتتنافس اللائحتان على المقاعد العشرة مع حوالى 40 لائحة أخرى في الانتخابات التي ستجرى في المناطق الفرنسية من 20 الى 22 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل بحيث تنتهي قبل يوم من الموعد المحدد لها في تونس في 23 تشرين الأول. ولفت رئيس لائحة الشمال الفرنسي عمر العريض الى أن هذه الانتخابات تنطوي على أهمية خاصة كونها «الأولى التي تخاض في تونس من دون أن تكون نتائجها معروفة مسبقاً». وينبثق منها مجلس تأسيسي «يبني جمهورية حقيقية تقوم على شرعية صناديق الاقتراع». وقال إن المهمة الأساسية للمجلس تتمثل بصياغة دستور جديد «يشكل قطيعة مع تجارب النظام السابق من فساد واستبداد»، ويؤسس لجمهورية «تستند الى المواطنة بمعزل عن اللون والدين». وأشار رئيس لائحة جنوبفرنسا ناجي جمال الى أن الدستور الجديد ينبغي أن يكون بمستوى تطلعات الشعب وطموحاته من خلال «نظام ديموقراطي برلماني يضمن الحريات العامة والفردية وينص على الفصل بين السلطات ويحمي حرية المجتمع المدني». وأكد جمال أن «الإشارة الوحيدة الى الإسلام في الدستور الجديد تكمن في بند واحد مفاده أن تونس بلد جمهوري حر وديموقراطي وعربي ومسلم». وذكرت المرشحة على لائحة شمال فرنسا محرزية العبيدي أن حركة النهضة حزب يعتمد توجهات إسلامية ويؤكد ذلك لكنه لا يسعى الى تضمين الدستور الجديد «ما يشير الى الشريعة أو الحجاب» وأن برنامج حركة النهضة يؤكد أن «مكاسب النساء التونسيات لن تمس». الى ذلك، ذكرت وكالة «فرانس برس» أن المحامي التونسي عبد الفتاح مورو، أحد مؤسسي «حركة النهضة» التي قال إنه «طلقها»، يتصدر لائحة لمرشحين مستقلين. ويتوقع أن يتصدر المحامي المعروف بروح الفكاهة والحيوية والمتخصص في القانون الجنائي (63 سنة) قائمة «التحالف الديموقراطي» في دائرة تونس 2 التي تشمل الضواحي الراقية للعاصمة التونسية. ويسمي مورو هذه المنطقة «دائرة الفيلة» إذ إنه سيتنافس فيها مع كبار شخصيات الساحة السياسية والمناضلين التونسيين مثل رئيس الحزب الديموقراطي التقدمي أحمد نجيب الشابي والمحامية والناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان راضية النصراوي. وقال مورو، الذي أسس مع راشد الغنوشي عام 1981 «حركة الاتجاه الإسلامي» التي تحولت الى «حركة النهضة» عام 1989، واعتقل سنتين في عهد الرئيس بن علي، إنه «طلق» رفاق دربه السابقين، بالقول إن «النهضة لم تعتذر عن ضية باب سويقة» وهو حادث حريق نشب في أحد مقرات التجمع الدستوري الديموقراطي (حزب بن علي سابقاً) في 1991 وقضى فيه أحد الحراس. ورداً على الذين يرون في ترشيحه واجهة معتدلة للحركة الإسلامية من شأنها أن تجذب أصواتاً من الوسط، قال مورو: «أنا مناضل إسلامي وسأظل كذلك». وأضاف: «لن أدعو الناس الى غض النظر وأن يمنحوني أصواتهم لأعطيها بعد ذلك الى النهضة». إلا أنه خلط الأوراق مجدداً عندما قال إنه لا يستبعد تحالفاً مع النهضة بعد الانتخابات، مؤكداً أن «كل شيء ممكن». ورداً على سؤال حول معنى ترشحه في هذه الظروف، قال مورو إنه يريد المشاركة في الجمعية التأسيسية «لإعطاء البلاد مؤسسات متينة قبل الاستحقاقات الانتخابية الحقيقية المتمثلة في الانتخابات التشريعية والرئاسية». وقال: «من السابق لأوانه التحدث عن برنامج ايديولوجي في تونس، سواء كان إسلامياً أو يسارياً متطرفاً، وما يحتاج إليه البلد هو إقامة مؤسسات تصون حرية المواطن واستقلال تونس». لكن مع اقتراب الانتخابات يقر بصعوبة قراءة المشهد السياسي بوجود أكثر من مئة حزب مرشح، ويعترف بأن دور المجلس التأسيسي المقبل ما زال غامضاً بالنسبة للعديد من التونسيين. وقال إن «الناس لا يفهمون ذلك جيداً. سيذهبون الى صناديق الاقتراع للمرة الأولى ليجدوا فيها ما بين خمسين وستين لائحة لا يعرفون ما الفرق بينها في الأساس ولا لماذا ينتخبونهم». وأضاف: «لا بد من سنوات لفهم اللعبة الانتخابية وإدراك كل رهاناتها».