أعلنت الحكومة السودانية أمس انها قدمت إلى الأممالمتحدة اقتراحاً بقبول قوات دولية تحت الفصل الثامن من ميثاقها الذي يعطي مجلس الأمن الحق في تكليف المنظمات والوكالات الإقليمية الحق في القيام بأعمال"زجرية"لإحلال الأمن والاستقرار في المناطق محل النزاع تحت إشرافه المباشر، وذلك بعدما طرحت بريطانياوالولاياتالمتحدة مشروع قرار على مجلس الأمن ينص على نقل تفويض مهمات قوات الاتحاد الأفريقي في دارفور إلى قوة أممية تحت الفصل السادس، تنتشر قبل الأول من تشرين الأول أكتوبر المقبل. لكن الرئيس السوداني عمر البشير أعلن أن حكومته شرعت في اعداد"الدبابين"، أي المقاتلين الذين"يصطادون"الدبابات، والمقاومة والمجاهدين أسوة ب"حزب الله"في لبنان تحسباً لقدوم من سمّاهم"الغزاة". وأعلن مستشار الرئيس السوداني الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل إن حكومته يمكن أن تقبل دوراً للأمم المتحدة في دارفور تحت الفصل الثامن من ميثاقها. ولمح خلال مؤتمر صحافي إلى أن الاقتراح سيُطرح في مواجهة المشروع البريطاني الاميركي الذي يطالب بنشر قوات دولية في غرب البلاد تحت الفصل السادس، مشيراً الى أن الحكومة لم تقطع اتصالاتها مع الأممالمتحدة. وشدد على أن رفض القوات الدولية لم يكن هو موقف حزب المؤتمر الوطني الحاكم وإنما هو موقف البرلمان، لافتاً الى أن الرئيس عمر البشير ومجلس الوزراء لا يستطيعان إجازة دخول هذه القوات الا بموافقة البرلمان. وعلم أن واشنطن تعتزم تكثيف اتصالاتها بالخرطوم بإرسال وفدين من الكونغرس سيصلان الى الخرطوم خلال الأيام المقبلة للوقوف ميدانياً على الأوضاع في دارفور واجراء مشاورات مع المسؤولين، يقود الأول السناتور باراك أوباما العضو الوحيد في مجلس الشيوخ الأميركي من أصول افريقية. وستعقب زيارة باراك زيارة أخرى لأعضاء في الكونغرس في الشأن ذاته. لكن الرئيس البشير أعلن أن حكومته شرعت في إعداد"الدبابين"أي المقاتلين الذين"يصطادون"الدبابات والمقاومة والمجاهدين أسوة ب"حزب الله"اللبناني للتصدي ل"الغزاة". وكذّب البشير، أمام حشد من مؤيديه في منطقة خلاوي الغبش لتدريس القرآن الكريم في ولاية نهر النيل في شمال البلاد بعدما تلقى منهم"بيعة الموت"لمواجهة أي قوات أجنبية غازية، ادعاءات اسرائيل بالانتصار في حربها على"حزب الله"، وقال إنها عجزت عن استرداد أسيريها والقضاء على تنظيم حسن نصرالله، ونزع سلاحه. وأكد البشير ان حكومته لن تقبل أي قوات دولية تحت الفصل السادس أو السابع، وتعهد افشال مخططات من اسماهم"المتربصين بالسلام". وقال:"رغم أنفهم سنحافظ على السلام". وتابع:"نحن جاهزون للحرب مرة أخرى". وكانت الولاياتالمتحدةوبريطانيا قدمتا مشروع قرار إلى مجلس الأمن ليل الخميس - الجمعة يقضي بنشر نحو سبعة عشر ألف جندي من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في إقليم دارفور، على رغم اعتراض الحكومة السودانية. وقالت نائبة المبعوث الأميركي في مجلس الأمن السفيرة جاكي ساندر في تصريحات صحافية عقب طرح مشروع القرار إن مجلس الأمن يمكنه إجازة مشروع القرار من دون موافقة الحكومة السودانية لكن عملياً لا يمكن نشر هذه القوات في دارفور قبل موافقة حكومة الخرطوم. وتوصي الوثيقة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بأن يبحث مع الاتحاد الأفريقي في كيفية نقل مهمة قوته إلى قوة أممية قوامها 17 ألف جندي - وخمسة آلاف من ضباط الشرطة الدولية ووحدات مكافحة الشغب - يخضع انتشارهم للبند السابع الذي يخوّل استعمال القوة لتطبيق التفويض. ويطلب مشروع القرار من أنان العمل على إعداد خطة ووضع جدول زمني مع الإتحاد الأفريقي لعملية نقل مهمات قوات الاتحاد الأفريقي في دارفور الى الأممالمتحدة وارسال تعزيزات للقوات الأفريقية في موعد أقصاه مطلع تشرين الأول اكتوبر المقبل. ويقع بعض بنود مشروع القرار تحت البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي تعارضه الحكومة السودانية في شدة وتعتبر أن الامر يرقى الى الغزو أو الاحتلال. وقالت مساعدة الأمين العام للمنظمة الدولية كايت غيلمور"مرة أخرى يتجاهل العالم برمته الحرب في دارفور ما يدعو إلى الاعتقاد بأن مسرحية السلام ماضية قدماً في حين أن لا شيء أبعد من ذلك عن الواقع"، داعية إلى إرسال عاجل لقوة دولية لحفظ السلام قادرة على وضع حد لما سمته الاغتيالات وعمليات الاغتصاب ونزوح السكان. واستغربت غيلمور تهديد الرئيس السوداني بمقاتلة أي قوات دولية، قائلة إنه"إذا اعتبرنا أنه سبق وأذن لعشرة آلاف جندي أممي بالانتشار في السودان فإن معارضته لقوة حفظ سلام غير مفهومة". ويأتي مشروع القرار الأميركي - البريطاني في أعقاب رسالة بعث بها أنان إلى مجلس الأمن في العاشر من آب أغسطس الجاري في شأن تصاعد العنف في دارفور. وكتب أنان في رسالته:"بينما تواصل الحكومة معارضتها الثابتة لنشر قوات للأمم المتحدة فإن الوضع على الأرض آخذ في التدهور كما أن قدرة بعثة الاتحاد الافريقي على أداء مهماتها حتى انتهاء عام 2006 مهددة بسبب أزمة مالية". الى ذلك، طالبت منظمة العفو الدولية بنشر قوات دولية في دارفور لحماية المدنيين. وقالت في بيان إن الاتحاد الأفريقي واتفاق السلام في أبوجا اثبتا فشلاً ذريعاً في دارفور.