تقضي رغداء وقتاً قصيراً مع طفلتيها نور الهدى 7سنوات وآية 4 سنوات، فهي تعمل أكثر من 7 ساعات يومياً في إحدى المؤسسات الحكومية، وتتفرغ بعدها لأعباء المنزل، قبل مجالسة الطفلتين المولعتين بالتلفزيون والكومبيوتر. تطمئن رغداء 36 سنة عادة إلى البرنامج الذي تشاهده الطفلتان من خلال سماع صوت التلفزيون، وهي مسترخية في غرفتها، أو من داخل المطبخ وهي تعمل. لكن الأمر لا يكفي، كما تقول،"بعد طغيان مشاهد القتل والدمار التي تبثها المحطات الفضائية العربية، من لبنان والعراق وفلسطين". وتشرح:"جزء كبير من المشكلة سببه تعلّق زوجها بالأخبار وتنقله بين الفضائيات بحثاً عن الأخبار والتحليلات التي تصاحبها في أغلب الأحيان، صور العنف ونتائجه". وهو الأمر الذي يوقعها في ورطة حقيقية يومية أثناء مجالسته طفلتيه، في أوقات كثيرة، و"إجبارهما"على رؤية مشاهد من المفترض ألا تشاهداها. وتضيف رغداء التي باتت، بدورها، تتابع فظائع الحرب على لبنان:"لم استطع منع الطفلتين تماماً من مشاهدة الحرب على لبنان، على رغم حرصي على إلهائهما عنها بوضعهما مع الألعاب في غرفتهما أو متابعة برامج تعليمية وقصص على الكومبيوتر. لكن والدهما لم يعر المسألة اهتماماًً كبيراً. ويبدو أن تلك المشاهد أثّرت، إلى حد ما، في نور، ربما لأنها أكثر وعياً. فلاحظت الأم أن طفلتها هذه تبعد نظرها عن الشاشة لدى عرض صور الجثث المنتشلة من تحت الأنقاض، بغتة. لم تغير رغداء كثيراً في قواعد متابعة الطفلتين للتلفزيون لكنها صارت مضطرة إلى الشرح الصعب والإجابة عن أسئلتهما المحرجة... والذكية. وتستعين بمعلمة النادي الصيفي التي تعاونت كثيراً مع الأم في تفسير ما يجري بمفردات الخير والشر القاتل والبريء... لتتوصّل، كما تؤكد، إلى"ما يقلل من وطأة الصور التي تسربت إلى مخيلة الأطفال". وترى الأم أن هذا الحل هو الأمثل، قياساً إلى ما تسمعه من زميلاتها مما لا تريد أن يحدث لطفلتيها. وربما كانت رغداء من المحظوظات، لأن ثمة أقارب، ما عدا زوجها، وجيراناً يحترمون سلوكها الحذر إزاء الطفلتين.