بدأ العد التنازلي لانطلاق مسابقة كأس العالم لكرة القدم."حاربت"قنوات فضائية من أجل نقل المباريات حصرياً! كان الشبان السعوديون، قبل نحو نصف عقد، يشاهدون المباريات المنقولة حصراً عبر قنوات فضائية قليلة في المقاهي والمطاعم! لأن معظم تلك القنوات مشفرة وتُكلف مشاهديها اشتراكاً شهرياً أو سنوياً. تسابقت المقاهي والمطاعم في السعودية على الاشتراك في كل القنوات الرياضية المشفرة وحتى في قنوات الأفلام أيضاً في ظل توسيع الخدمات. لم تكترث تلك المقاهي والمطاعم بسعر الاشتراك المرتفع الذي يفرض على الشركات والمؤسسات مقارنة بالفرد. كان الاشتراك في القنوات المشفرة يوماً لا يمثل إلا بذخاً، فالقنوات كانت في رأي البعض من الكماليات أليس التلفزيون أصلاً من الكماليات؟ كان الهاتف المحمول بذخاً أيضاً، اليوم هو في متناول الأطفال السعوديين. يقترب الكومبيوتر المحمول اليوم في السعودية من الخروج من دائرة البذخ، ليصبح"ضرورة"كالهاتف والقنوات المشفرة. فلم يعد حمله الكومبيوتر المحمول - يقتصر على رجال الأعمال، هناك طالب الجامعة والصحافي وسواهما... باتت مباريات كأس العالم لكرة القدم قريبة. لن يحتاج الشبان السعوديون إلى السؤال عن مطاعم مُشْتَركة يدفع أصحابها مقابلاً - في قنوات مشفرة تبث المباريات حصراً. سيدخلون إلى أي مطعم وأي مقهى طبعاً الحديث هنا لا يشمل المقاهي أو المطاعم الشعبية التي تقدم الفول مثلاً. ماذا لو كانت مسابقة كأس العالم لا تُنقل حصراً؟ وماذا لو كنت من الذين يحبون مشاهدة المباريات حتى المسجلة منها؟! المسافر بالطائرة سيشاهد مباريات مسجلة تماماً كما يستطيع آخرون مشاهدة الأفلام والمسلسلات الأميركية الكوميدية. الجالس منتظراً دوره عند الحلاق، والجالس على كرسي الحلاقة، كلاهما لن يفوته النظر إلى شاشة التلفزيون. أما النزيل في الفندق، فبحسب عدد نجوم الأخير، ربما يمكنه مشاهدة التلفزيون في غرفتي النوم والجلوس، وفي دورة المياه أيضاً بينما يستلقي في"البانيو"! وطالما الحديث هنا عن الفنادق والتلفزيون، فلا تستغرب لو وجدت شاشة تلفزيون تعرض أخبار الپ"سي إن إن"، في مصاعد أحد الفنادق - في دبي مثلاً. تحل الأم مشكلة بين أبنائها في السعودية لو وافقت على إدخال جهازي تلفزيون بدلاً من واحد. في هذه الحال سيكون ممكناً للفتيات مشاهدة المسلسلات من دون أن يزعجهن أخوهن الصغير الذي يرفض مشاهدة أي قناة غير"سبيس تون"وپ"ام بي سي 3". من الصعب أن تدخل إلى بيت تملكه عائلة سعودية من الطبقة المخملية، ولا تجد تلفزيوناً في الصالون وآخر في ديوانية الرجال، ليصبح عدد التلفزيونات في البيت نحو أربعة، إذا أضفنا تلفزيون البنات وتلفزيون الأخ الصغير. بدأ العد التنازلي لانطلاق كأس العالم لكرة القدم، واقترب موعد حضور القنوات الفضائية على شاشات الهاتف المحمول والكومبيوتر المحمول عبر الإنترنت. لا تستغرب لو شاهدت في 2006 رجلاً يجلس إلى جانبك في صالة المسافرين بينما يشاهد في هاتفه أو كومبيوتره المحمول مباراة أو برنامجاً حوارياً أو أخباراً أو حتى فيديو كليب في قناة غنائية. ولكن متى يتحول هذا المشهد إلى"ضرورة"من دون أن يُعد بذخاً؟ ربما عقد أو نصف عقد... وربما أقل!