الشباب في العراق شريحة مغيبة تنزلق يوماً بعد يوم في اتون التطرف المتشدد أو الانفتاح الجامح بعدما صار هذان النقيضان يستقطبان الشباب بمختلف اعمارهم وبطرق لم يعهدها الكثيون منهم، بعدما عاشوا سنوات طويلة في سجن العراق الكبير وهم يحلمون بالهروب منه الى ثقافة الجهة الاخرى. وهذه الشريحة التي تبلغ 45 في المئة بحسب التعداد العام لسكان العراق في 1997. الا ان الصحافة الشبابية بمعناها الشامل لم تطرق بابها الا أخيراً عندما أنشأت صحفاً شبابية تشرف عليها جهات معينة مثل الاتحاد العام لشباب العراق والاتحاد الوطني لطلبة العراق. وعلى رغم"الفوضى الاعلامية"التي شهدها العراق بعد سقوط النظام حين بات اصدار الصحف متاحاً للجميع، فإن أحداً لم يهتم بالشباب، اللهم الا اذا اعتبرنا اعتماد معظم هذه الصحف على جيل جديد من الصحافيين. ولكن الى اي مدى تعبر هذه الصحف عن هموم الشباب وتطلعاته؟ فالصحف التي كانت موجهة للشباب قبل الاحتلال لا تتعدى اصابع اليد الواحدة وابرزها"نبض الشباب"و"جريدة بابل"و"الزوراء"و"صوت الطلبة"و"الصحافة"التي كانت تصدر عن قسم الإعلام في كلية الاداب، وهي كلها كانت تحت اشراف اللجنة الأولمبية التي كان يترأسها عدي صدام حسين. وامام تفاقم الوضع مع آخر سنوات الحصار اتجهت غالبية الشباب إلى البحث عن كل جديد في الاعلام المرئي، عبر حيل جلبت الربح لمستثمريها لكون الصحون اللاقطة للقنوات الفضائية كانت ممنوعة في العراق. وجاء الانفتاح الاعلامي الذي تلا سقوط النظام يشهد انطلاق قنوات وفضائيات عراقية واخرى اجنبية موجهة للشباب العربي عموماً والشباب العراقي خصوصاً ومنها راديو"سوا"الذي بات الوحيد الذي يستقطب الشباب العراقي، إضافة إلى قناة"الحرة"التي لا يلقى الشباب نصيباً فيها الا عبر برنامج"بين جيلين". وتسعى"سوا"ومقرها واشنطن ولها مكاتب في دبي لتقديم رسالتها في بث مكثف من الاغاني والفواصل الاخبارية من المنظور الاميركي والمقابلات المنتقاة والمدروسة بعناية لتشكيل الاتجاهات وترسيب القناعات الايجابية نحو الادارة الاميركية سعياً لكسب الشارع العربي عموماً والعراقي خصوصاً. وقد وجدت الإذاعة سبيلها الى بيوت العراقيين المثقفين والمنفتحين على الغرب، لكونها قدمت بديلاً عما تفيض به الفضائيات، لكنها في الوقت نفسه لم تكسب جمهوراً عريضاً.