حولت الحرب مبنى التلفزيون العراقي في بغداد ركاماً ورماداً. ووقف الحارس الجديد على انقاض هذا المبنى الذي كان يبث الدعاية اليومية لنظام الرئيس المخلوع صدام حسين، آملاً "بأن نكون اصبحنا اخيراً احراراً في قول ما نريد، إلا اننا سنكون في حاجة الى سنوات لاعادة اعمار ما تهدم". الصحافي والمدير السابق للبرامج الفنية اكرم قمير يحضر يومياً لتفقد المكان والسعي مع مجموعة صغيرة لانقاذ ما يمكن ان يكون قد نجا من دمار الحرب ومن عصابات اللصوص. وداخل ابنية التلفزيون المهدمة بنسبة 70 في المئة في حي الصالحية نتيجة القصف الاميركي يمشي اكرم بين شرائط الفيديو الممزقة على الارض وما تبقى من صور لصدام. وقال: "نحن في حاجة الى غسل دماغ فعلي لنسيان صدام حسين، وتعلم كيفية انتاج برامج وبث اخبار لا تكون مركزة على شخص واحد وافراد عائلته". وتوقفت كل وسائل الاعلام العراقية عن البث بعد سقوط النظام مثل التلفزيون العراقي الارضي والفضائي وتلفزيون الشباب الذي كان يشرف عليه عدي صدام حسين. والى شبكات التلفزيون، توقفت الصحف ايضاً عن الصدور وهي كانت كلها رسمية مثل "الجمهورية" و"الثورة" و"العراق" و"القادسية" و"بابل"، ومثلها ايضاً المجلات مثل "البعث الرياضي" و"نبض الشباب". كما توقفت الاذاعتان "اذاعة بغداد" و"صوت الجماهير". وبات العراقيون حاليا يعتمدون على وسائل اعلام اجنبية لمن يملك القدرة على شراء الهوائيات التي تلتقط قنوات فضائية، او على تلفزيون "تواردز فريدوم" نحو الحرية التابع لقوات "التحالف". اما من الاذاعات الاجنبية الاكثر شهرة فهناك هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي واذاعة "مونتي كارلو". ويبدو ان العديد من الصحافيين العراقيين باتوا يخشون "التأثيرات الاجنبية" على الاعلام. ويقول الصحافي حسن هادي البياتي الذي عمل سابقاً في "اذاعة بغداد" انه حالياً، مثله مثل بقية زملائه بات عاطلاً عن العمل ويتصل بالصحافيين الاجانب المقيمين في "فندق فلسطين" عله يحصل على فرص عمل معهم. وقال البياتي: "المشكلة اليوم هي في قيام دول مجاورة مثل ايران بالتأثير على المجموعات القريبة منها. الا انني آمل بأن تعود الاذاعة العراقية الجديدة الى العمل ببرامج عراقية صرف". ويبدو ان "المقاومة" ضد تغلغل الاعلام الاجنبي بدأت تنتظم ولو بشكل عفوي، وعلى مدخل حديقة عامة مهجورة وسط دبابات محروقة يعمل عدد من الصحافيين كمتطوعين "للدفاع عن وحدة العراق" حبسب قولهم. وشرحوا، وهم يتجمعون حول مكتب بسيط، انهم "تمكنوا من الحصول على آلة بث اذاعية يرسلون عبرها رسائل للدفاع عن العراق". وقال احد هؤلاء انهم "لا يبثون بعد اخباراً بل نداءات تدعو السكان الى الهدوء اضافة الى اغان خفيفة". كما طلبت مجموعة اخرى من الصحافيين العراقيين مساعدة الصحافيين الاجانب لتأمين آلة طبع لهم تمكنهم من اصدار صحيفة مستقلة في بغداد.