نعى رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود الرئيس السابق الياس الهراوي، وقال في نعيه:"يغيب الرئيس الياس الهراوي في ظروف يفتقد فيها لبنان رجالاته الكبار في السياسة والشأن العام، وهو المواطن اللبناني الأصيل، الذي كافح وصنع له موقعاً مميزاً في العمل السياسي، فانتمى إلى الندوة البرلمانية، وكان خير ممثل للمواطنين الذين انتخبوه. ثم خبر العمل الوزاري، فانبرى له بكل جدية ومسؤولية، إلى أن قادته وطنيته إلى إجماع رفاقه في مجلس النواب، فانتخب رئيساً للبلاد، وترك عهده بصمات تاريخية في لبنان. ولعل أكثر المآثر بلاغة في عهد الرئيس الراحل، هو ان اسمه سيقترن دائماً بمسيرة إنهاء الحرب اللبنانية في العام 1990، وتوحيد البلاد وإعادة إحياء مؤسسات الدولة المقطعة الأوصال، وإرساء السلم الأهلي، ووضع الوطن على سكة التعافي والنهوض. ومعه وضع اتفاق الطائف حيز التنفيذ وبدأت معه مرحلة جديدة في تاريخ لبنان الحديث". واستذكر في الرئيس الراحل"إيمانه الكبير برسالة لبنان كوطن للعيش المشترك بين جميع أبنائه وطوائفه، وهو إيمان ترجمه طيلة حياته السياسية عملاً من اجل تعزيز متانة هذا العيش وتحصين الساحة الوطنية ضد الاستهدافات الخارجية والمؤامرات التي ارتدت وجوهاً مختلفة في الحرب والسلم على حد سواء. ولعل هذا الإيمان هو ما دفعه الى دعم مؤسسة الجيش، والمساعدة على بنائها وتوحيدها وجعلها سوراً للوطن والمقاومة والسلم الأهلي. وأنا في موقعي في قيادة الجيش كنت خير شاهد على غيرة الرئيس الهراوي ووطنيته. ويخسر العالم العربي برحيل الرئيس الياس الهراوي، مسؤولاً سياسياً كبيراً عمل من اجل لحمة العرب وتضامنهم واعلاء شأنهم في وجه استراتيجية اسرائيل الثابتة لشرذمتهم واضعافهم وافقادهم فعاليتهم الاقتصادية والسياسية والعسكرية في المنطقة والعالم. والى ذلك حمل قضايا لبنان الى قلوب وضمائر ومؤسسات الدول العربية، ليكون صوت وطنه وشعبه، وحامل هموم الارض التي اعطاها كل حياته. عايشت الرئيس الراحل الياس الهراوي، وعرفته انساناً واضحاً ومحباً لمعارفه واصدقائه وعائلته، هذه العائلة التي تبدأ بزوجته وأولاده، ولا تنتهي عند حدود مدينة زحلة ومنطقة البقاع التي غرف منها حب الأرض، فبادلته الوفاء والمحبة، وكانت له مصدر الحنين والاصالة. إني إذ أنعى الى لبنان واللبنانيين الرئيس الراحل الياس الهراوي، فأنا على يقين أن ذكراه ستنضم الى قافلة كبار من هذا الوطن، صنعوا له المجد والتاريخ، وحفروا أسماءهم في جذوره والمستقبل". ورثى رئيس الحكومة اللبنانية السابق نجيب ميقاتي الرئيس الهراوي، معتبراً إياه"شخصية سياسية بارزة تحملت المسؤولية في أدق الظروف وأصعبها، وساهمت في ترسيخ السلم والأمن والاستقرار في لبنان، وإعادة هيبة الدولة والشرعية الى مؤسسات الدولة، بعدما أطاحت بها ومزقتها الحرب الأهلية". وأضاف ميقاتي:"لقد ساعد الرئيس الياس الهراوي في تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين وساهم في تمتين العلاقات اللبنانية مع سورية والعرب ودول العالم، سعياً الى اعادة بناء الدولة ومؤسساتها. ولقد حاول الرئيس الهراوي قصارى جهده خلال سنوات توليه الرئاسة، وترك بصمات واضحة في مسيرة الوطن للخروج من الازمة والانطلاق نحو المستقبل الواعد"، لافتاً الى ان الفقيد"سيبقى في خاطر محبيه وخصومه شخصية فريدة تمثل حقبة مهمة من تاريخ لبنان المعاصر". وأعرب رئيس كتلة"المستقبل"النيابية النائب سعد الحريري عن حزنه العميق وتأثره البالغ لوفاة الرئيس الياس الهراوي"الذي كانت له أياد بيض في نقل لبنان من مرحلة الاقتتال والفوضى إلى مرحلة الأمن والسلام". وقال الحريري:"إن وفاة الرئيس الهراوي تشكل خسارة وطنية وعربية كبيرة، نظراً الى الدور البارز الذي قام به الراحل الكبير لتوحيد الوطن والوقوف في وجه مخططات الشرذمة والتقسيم ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي طوال فترة توليه مسؤولياته ودعم صمود الشعب اللبناني". وأضاف الحريري:"لقد كان الرئيس الهراوي رجل وفاء ومحبة وتضحية وإقدام . تولى المسؤولية في أصعب المراحل والأوقات وكان رفيق درب الرئيس الشهيد رفيق الحريري في إعادة لبنان الى الحياة من جديد، وإطلاق ورشة إعادة الإعمار ومسح غبار الحرب عنه، وتوفير كل مستلزمات النهوض بأبنائه". واعتبر الحريري ان"لبنان سيذكر على الدوام الرئيس الهراوي صديق العائلة الوفي في كل الأوقات وستبقى بصماته المضيئة في توحيد لبنان وإعادة لمّ شمل أبنائه وتخطي كل مآسي الحرب اللبنانية الأليمة محفورة في ذاكرة الوطن". من جهتها، وزّعت سفارة الولاياتالمتحدة الأميركية بياناً اعتبرت فيه ان الرئيس الراحل"قدم للشعب اللبناني وعداً بالسيادة والوحدة، عبر الدعوة الى الوفاق بين اللبنانيين بعد الحرب الأهلية". وأضاف البيان:"بصفته رئيساً للجمهورية، استعمل الرئيس الهراوي الصلاحيات الدستورية للرئاسة، لبناء شراكات داخل لبنان ومع المجتمع الدولي من أجل الدفع قدماً بمصالح بلده. عمل الرئيس الهراوي مع عدد من وزراء الخارجية الأميركية، وقد جسدت علاقته البناءة بالرسميين الأميركيين، بما في ذلك من محادثات مع الرئيس جورج بوش الأب، قوة العلاقة الأميركية - اللبنانية... وتستطيع وطنيته اللبنانية القوية أن تحث الجيل المقبل من القادة اللبنانيين على التفكير بلبنان أولاً. تبقى الولاياتالمتحدة ملتزمة مساعدة الشعب اللبناني على تحقيق كامل حلم الرئيس الهراوي بلبنان موحد، مزدهر، حر، وديموقراطي. وبروح الشراكة التي أبرمناها مع الرئيس الهراوي، تتطلع الولاياتالمتحدة قدماً للعمل يداً بيد مع رئيس لبناني منتخب بصورة حرة للمساعدة في تحقيق هذه الأهداف".