حذر وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية بن برادشو أمس من ان سياسة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط تتناسب تماماً مع ما يريده "الارهابيون". جاء ذلك في كلمة ألقاها برادشو في اجتماع نظمه مجلس الشرق الأوسط في حزب العمال البريطاني بالمشاركة مع أصدقاء فلسطين من النقابات العمالية في مدينة برايتون بجنوب انكلترا على هامش المؤتمر السنوي لحزب العمال الحاكم الذي بدأ أعماله فيها ليلة أول من أمس. وحضر الاجتماع المفوض الفلسطيني العام في بريطانيا عفيف صافية الذي ألقى هو الآخر كلمة في المناسبة. ويقول مراقبون ان تعليقات برادشو حول الموقف الاسرائيلي والغضب الذي نجم عن الأوضاع في فلسطين تماثلت تماماً مع ما قاله وزير الخارجية البريطاني جاك سترو في مقال أثار غضب اسرائيل وشارون في الاسبوع الماضي. وأضاف برادشو ان الديبلوماسية البريطانية تسعى الى اعادة الحياة الى عملية السلام ولكن بعض التصرفات الاسرائيلية والفلسطينية على مستوى القيادة ليست مساعدة في هذا الاتجاه. كما استبعد برادشو ما يقال عن وجود شقاق بين مقر رئاسة الوزراء البريطانية ووزارة الخارجية البريطانية حول الدور الذي يقوم به اللورد ليفي المبعوث الشخصي لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير في الشرق الأوسط. وأبرز الوزير المختص بشؤون الشرق الأوسط اصرار شارون على ضرورة وقف "العنف" لفترة من الوقت قبل أن تبدأ المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل، موضحاً ان هذا الاصرار المتواصل من جانب رئيس الوزراء الاسرائيلي يتوافق أيضاً مع مواقف "هؤلاء المتطرفين والجماعات الارهابية بل انه يوفر لهم ممارسة حق النقض الفيتو على العملية السلمية". وفي معرض رده على اسئلة من المشاركين في الاجتماع أصر برادشو على أن بلير لم يعتذر عن المقال الذي كتبه سترو في احدى الصحف الايرانية عشية زيارته لطهران وذلك خلال مكالمته الهاتفية مع شارون الاسبوع الماضي. وأوضح الوزير البريطاني ان فكرة وجود شقاق بين وزارة الخارجية البريطانية ورئاسة الوزراء البريطانية "خاطئة تماماً" و"يستغلها الاسرائيليون وهم يفعلون الشيء نفسه مع الأميركيين اذ يمارسون هذه اللعبة نفسها بين وزارة الخارجية الاميركية والبيت الأبيض وهذا يحدث طوال الوقت". وأكد برادشو ان المجتمع الدولي لا يمكنه فرض حل للصراع الاسرائيلي - الفلسطيني، وان المسألة تتطلب التعاون بين الجانبين. وكُشف في لندن أمس ان اللورد مايكل ليفي المبعوث الخاص لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير لشؤون الشرق الأوسط كان القوة المحركة التي اقنعت رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بأن يلتقي وزير الخارجية البريطاني جاك سترو بعدما كان قد قرر غاضباً الغاء هذا الاجتماع احتجاجاً على استخدام سترو كلمة فلسطين في مقال له. وكان شارون اعلن انه لن يلتقي سترو خلال زيارته اسرائيل الاسبوع الماضي بعد مقال كتبه وزير الخارجية البريطاني في الصحف الايرانية تحدث فيه عن الغضب الذي نجم عن معاملة الفلسطينيين وكيف أن ذلك ولّد "الارهاب". كما استخدم سترو في مقاله كلمة فلسطين مرتين مما أثار حفيظة المسؤولين الاسرائيليين ودفع شارون الى الغاء الاجتماع في بادئ الأمر. واتضح امس ان اللورد ليفي الذي كان وقتها يقوم بزيارة لاسرائيل تدخل بشكل مباشر لدى شارون لاقناعه بالعدول عن قراره. وقالت صحف بريطانية ان ليفي الصديق الشخصي لبلير أقنع شارون بأن يتحدث مباشرة الى رئيس الوزراء البريطاني هاتفياً من أجل ازالة أسباب هذه الأزمة الديبلوماسية. وبعد محادثة بلير أعلن شارون انه عدل عن قراره وسيلتقي وزير الخارجية البريطاني. ورفضت وزارة الخارجية البريطانية التعليق على هذه الحادثة ولكنها أكدت ان اللورد ليفي حضر لقاء شارون مع سترو وكذلك الاجتماع الآخر الذي عقده وزير الخارجية البريطاني مع نظيره الاسرائيلي شمعون بيريز. من ناحية أخرى ثارت علامات استفهام جديدة حول زيادة نفوذ اللورد ليفي داخل حزب العمال بعدما تم توسيع نطاق الدور الذي يقوم به لجمع التبرعات المالية لمصلحة الحزب الحاكم. وكانت التقارير الصحافية في لندن ذكرت ان اللورد ليفي تمكن من جمع ما يزيد على 15 مليون جنيه استرليني لمصلحة حزب العمال منذ أن وافق على ان يتولى هذه المهمة بعد الصداقة الشخصية التي جمعته مع توني بلير منذ منتصف التسعينات. وحذر بعض النواب في حزب العمال بأن هناك تضارباً في المصالح بالنسبة الى دور اللورد ليفي المتزايد حزبياً وكذلك دوره كمبعوث لبلير في الشرق الأوسط. ومن المعروف ان اللورد ليفي اليهودي الأصل يمارس لعبة كرة المضرب مع توني بلير، وعمل نجله دانيل في مكتب ايهود باراك عندما كان رئيساً للوزراء في اسرائيل. ويمتلك ليفي علاوة على ذلك منزلا خاصاً في اسرائيل.