يبدو أن المقولة التي تؤكد أن الكبار يعرفون الوقت الذي يعودون فيه، قد تأكدت على أرض الواقع، من خلال نجم فرنسا زين الدين زيدان، الذي اختار الزمن المناسب لتذكير الجماهير بأن التألق لا تزال له بقية. بعد عروض متواضعة قدمها زيزو في المباريات التمهيدية، عاد من جديد في الدورين الثاني والثالث، مذكراً بأن مهارته لم تندثر، وضرب بقوة أمام اسبانيا، وسجل الهدف الثالث بمهارة لا يجيدها إلا نجم فرنسا الأول، ثم مارس زيدان الهواية التي يجيدها وهي التفوق على النجوم الآخرين، عندما خلف وراءه كل لاعبي البرازيل، بدءاً بزميله السابق في الريال رونالدو، مروراً بكاكا وروبينيو وادريانو، وانتهاء بأفضل لاعبي العالم رونالدينيو. عرف زيدان كيف يروض البرازيليين ويذيقهم المرارة من جديد، وبات متخصصاً في إلحاق الخسارة بهم... الكرة بقدم زيدان تسبقها إرهاصات كثيرة، منها وصولها إلى عقله قبل قدمه، والنظرة الشمولية للملعب، وتوقع مكان الزميل والخصم في وقت واحد، ومعرفة زمن التمرير، والفترة التي يجب الاحتفاظ فيها بالكرة، وفوق ذلك كله، رغبة زيدان نفسه في تقديم المتعة للمشاهدين، وتفضليه سماع أهات الإعجاب التي تصدر من الجماهير داخل الملعب. لم يجاف بيليه الحقيقة وهو أسطورة الكرة الحقيقية، عندما قال إن زيدان هو من هزم البرازيل، وحتى الصحافة البرازيلية لم تتعد الدور الذي قام به زيدان، عندما أكدت أن لاعبي"السليساو"باتوا يخافون من زيدان. مع زيدان حققت فرنسا كأس العالم وكأس أوروبا، والسؤال العريض الذي يطرح في هذا الصدد: كيف سيكون شكل فرنسا من دون زيزو؟ وما مستقبل منتخب"الديوك"بعد الأسطورة زيدان. وعلى عكس زيدان ومهارته، قدم الانكليزي روني، وهو المصنف في عداد النجوم، عرضاً مخيباً، وهو الذي شغل وسائل الإعلام البريطانية عندما تعرض للإصابة، وكان خبر ابلاله منها بمثابة نصر للمنتخب الانكليزي، لكنه خذل كل من تمنى رؤيته في"المونديال"، بخروجه عن الروح الرياضية، واستحقاقه البطاقة الحمراء بضربه مدافع البرتغال. مثلما نال روني المديح في أمم اوروبا 2004، واعتبر بعد تلك البطولة الملهم الجديد للكرة الانكليزية، فهو اليوم يستحق كل التعنيف واللوم من الانكليز عموماً. ومضات أخيرة قدم مدافعو المنتخب الانكليزي دروساً مجانية في التنظيم الدفاعي، عندما تحملوا الحصار الشديد الذي فرضه عليهم لاعبو البرتغال من كل حدب وصوب، وأظهر تيري وكول وفرديناند ونيفيل وبعده كارجير بسالة منقطعة النظير في الوقوف أمام حارسهم روبنسون، ولم يجد مهاجمو البرتغال"خرم ابرة"لينفذوا منه إلى الشباك الانكليزية. ودع الانكليز"المونديال"، لكنهم تركوا ذكرى حسنة، خصوصاً مدافعيهم، وطريقة الحفاظ على المناطق الخلفية للفريق. لن يغفر الانكليز لمهاجم البرتغال رونالدو هدفه الذي أخرجهم من"المونديال"، وسيكون الدوري المقبل مواجهة ساخنة بين الجماهير الانكليزية ومهاجم اليوناتيد رونالدو.