توقع خبراء أميركيون في السياسة الخارجية ومستشارون غير رسميين للبيت الأبيض أن تمتد الحملة العسكرية الاسرائيلية على لبنان"لفترة أسبوعين أو ثلاثة"، تمهيداً"لانهاك حزب الله"و"ايجاد وقائع جديدة على الأرض"لأي مفاوضات محتملة تشمل الأطراف المعنيين وبينهم سورية. وفيما رأى البعض أن سياسة الرئيس جورج بوش"الخاضعة لاسرائيل"والمتجاهلة لعملية السلام هي وراء تفاقم الأزمة، اعتبر آخرون أن الأزمة اللبنانية تعيد"تسليط الضوء على الحرب على الارهاب"وتفيد الرئيس الأميركي وتشدده حيال ايران. وقال الخبير الاستراتيجي ومدير معهد"كاك"للدراسات الاستراتيجية الدولية اداورد هايلي ل"الحياة"إن دور واشنطن الآن"مراقبة تطورات العمل العسكري في لبنان"و"توفير غطاء ديبلوماسي لإسرائيل لاعطائها الوقت الكافي لانهاك حزب الله قبل أي مفاوضات محتملة". واعتبر أن أركان الادارة، وتحديداً نائب الرئيس ديك تشيني، مقتنعين بجدوى"استخدام القوة وتعميم مصطلح الحرب على الارهاب"لتبرير الفشل الديبلوماسي في النزاع العربي - الاسرائيلي لإدارة بوش. وانتقد السياسة الانفرادية لبوش و"احتضانه الكامل لسياسة تل أبيب"اضافة الى مقاطعته دمشق سياسياً، واعتبارها أحد الأسباب الرئيسية وراء الأزمة. وقال هايلي، وهو مؤلف كتاب"استراتيجيات السيطرة - أخطاء السياسة الأميركية في الشرق الأوسط"الصادر عن"معهد وودرو ويلسون"، إن الرئيس الحالي يختلف بالكامل عن والده بوش الأب الذي"نجح ووزير خارجيته جيمس بيكر"في الضغط على الطرفين العربي والاسرائيلي والتوصل الى اتفاقيات مدريد. واضاف أن التطورات العسكرية التي سيشهدها لبنان في الأسبوعين المقبلين، ستضع واشنطن أمام احتمالين: الأول، نجاح اسرائيل في توجيه ضربة قاسية الى"حزب الله"تتحرك واشنطن على أساسها للوصول الى حل ديبلوماسي شامل شبيه بسيناريو 1973 بين اسرائيل ومصر وجهود وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر. أما الثاني فهو فشل اسرائيل في اضعاف الحزب، ما يعني العودة الى سيناريو اجتياح 1982 و"احتلال اسرائيلي غير فعال للبنان"من شأنه"أن يوقع واشنطن في مستنقع شبيه بالعراق". من جهته، اعتبر ديفيد ماكوفسكي من"معهد دراسات الشرق الأدنى"، ان الحل السياسي يمكن أن يشمل سورية وتسوية لمزارع شبعا، مستبعدا احتمال العودة الى اجتياح لبنان. ورأى ان واشنطن تعمل على رزمة ديبلوماسية للخروج من الأزمة وتجنب خيار الاحتلال. واعتبر ماكوفسكي الذي يقدم استشارات لأركان الادارة، أن واشنطن تريد الخروج بحل يقوي الحكومة اللبنانية ويعزل"حزب الله"، مما قد يعني الدخول في مفاوضات مباشرة مع سورية واقناعها ديبلوماسياً برفع الغطاء السياسي عن الحزب، مشيراً الى ان الادارة الأميركية أبدت أخيراً رغبتها في فسخ الرابط السوري - الايراني في دعم"حزب الله"، بقلب"المعادلة السورية". وقال ماكوفسكي إن تغيير المعادلة السورية أسهل من تلك الإيرانية، ويتطلب الضغط على اسرائيل للدخول في مفاوضات سلام مع سورية، تشمل اضافة الى الاحتلال الاسرائيلي للجولان، دعم دمشق ل"حزب الله"ومنظمات فلسطينية مسلحة. وأشار الى أن الأزمة اللبنانية تعزز من شعبية بوش داخليا بتصويرها جزءاً من"الحرب على الارهاب"، كما تسلط الضوء على خطورة ايران وتبرر سياسة أميركية أكثر تشدداً معها.