المملكة تختتم مشاركتها في الدورة الوزارية للتعاون الاقتصادي والتجاري "الكومسيك"    ترمب يوجه كلمة عاطفية للأميركيين في اللحظات الأخيرة    المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي يسجل 2457 جريمة لإسرائيل ضد الفلسطينيين خلال أسبوع    خسائرها تتجاوز 4 مليارات دولار.. الاحتلال الإسرائيلي يمحو 37 قرية جنوبية    شتاء طنطورة يعود للعُلا في ديسمبر    يعد الأكبر في الشرق الأوسط .. مقر عالمي للتايكوندو بالدمام    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل المصري    "إنها طيبة".. خريطة تبرز 50 موقعًا أثريًا وتاريخيًا بالمنطقة    أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية    الموافقة على الإطار العام الوطني والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    الاستخبارات الأمريكية تكثف تحذيراتها بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات    منتدى "بوابة الخليج 2024" يختتم أعماله بإعلانات وصفقات تفوق قيمتها 12 مليار دولار    رابطة محترفان التنس..سابالينكا تحجز مقعداً في نصف النهائي.. ومنافسات الغد تشهد قمةً بين إيغا وجوف    كيف يعود ترمب إلى البيت الأبيض؟    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يرأس اجتماع المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف    محافظ الخرج يستقبل مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    انعقاد مؤتمر الأمراض المناعية في تجمع عالمي وطبي    أطفال اليمن يتألقون بتراثهم الأصيل في حديقة السويدي    الطائرة الإغاثية السعودية ال19 تصل إلى لبنان    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    إشكالية نقد الصحوة    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    إعادة نشر !    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    «DNA» آخر في الأهلي    سلوكيات خاطئة في السينما    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    تنوع تراثي    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    مسلسل حفريات الشوارع    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    أمير تبوك يستقبل القنصل البنجلاديشي لدى المملكة    مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات السورية - الاميركية ومشروع "دمقرطة" الشرق الأوسط . المحافظون الجدد يجمدون العلاقات في انتظار "خطأ" للانتقال الى "التغيير القسري للنظام" 1 من 2
نشر في الحياة يوم 08 - 06 - 2005

بدعوة من مؤسسة "فريدرك بول فاونديشن" التابعة ل"حزب الخضر" الالماني بزعامة وزير الخارجية الالماني السابق يوشكا فيشر، زار الزميل ابراهيم حميدي واشنطن للاطلاع على السياسة الاميركية تجاه الشرق الاوسط والتعاون عبر الاطلسي. وتضمنت الزيارة لقاءات مع مسؤولين في الخارجية الاميركية ومجلس الامن القومي والكونغرس، اضافة الى حوارات مع ابرز خبراء مراكز البحوث والفكر بينهم مارتن انديك وتيودور قطوف وروبرت مالي وجون الترمان وفلينت ليفريت. ولم تشمل اللقاءات أياً من ممثلي مؤسسات"المحافظين الجدد"مثل"اميركان انتربرايز"او"هيرتيج"، بل اقتصر على مؤسسات الوسط واليسار الاميركي. ويكشف الاستماع الى أرائهم عن العلاقات السورية - الاميركية و"نشر الديمقراطية"والموقف من اشراك الاسلاميين في "العملية الديمقراطية"، مدى التحول في المشهد الاميركي بعد احداث 11 ايلول سبتمبر 2001.
الانطباع الذي يخرج به زائر واشنطن بعد اسبوع من الحوارات مع دبلوماسيين اميركيين سابقين وخبراء في مراكز ابحاث كبرى، ان الاولويات تغيرت بالفعل بعد 11 ايلول. في بداية التسعينات كانت ادارة بيل كلينتون الديمقراطية تبحث جديا في"حل النزاع العربي - الاسرائيلي"باعتباره هدفا في حد ذاته. كما انها كانت ترى ان"الاستقرار مصلحة حيوية لاميركا"وان"الانخراط الفعلي مع سورية يؤدي الى توقفها عن دعم الارهاب وتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل"، وتاليا، فان اتفاقات السلام يجب ان توقع مع"انظمة قوية قادرة على فرض السلام".
يقول خبراء اميركيون ان الوضع"بات معكوسا تماما"، اذ ان"نشر الديمقرطية يقع ضمن الامن القومي لاميركا"وأن الاولوية الثانية باتت"العراق الذي صار في منزل كل اميركي". اما احلال السلام في الشرق الاوسط، فان ادارة جورج بوش تنظر اليه"من بوابة المصلحة الاميركية"الى حد ان عددا من الخبراء ربط تحقيق السلام بنشر الديمقراطية"لان الانظمة الديمقراطية هي القادرة على حماية السلام".
اما بالنسبة الى سورية، فتبدو الصورة معقدة. اذ يقول فيلنت ليفريت مؤلف كتاب"وراثة سورية، اختبار الاسد بالنار"ان الادارة الاميركية الحالية"لا تمتلك استراتيجية واضحة تجاه سورية"اذ انها تأتي دائما الى سورية ب"العصا من دون أي جزرات".
وكان ليفريت توصل الى هذا"الاستنتاج"بعد نحو سنتين من البحث لانجاز كتابه، بعدما ترك العمل كمحلل في"وكالة الاستخبارات المركزية"سي أي ايه وفي مجلس الامن القومي. ويوافق دبلوماسي الماني على هذا التوصيف، ويقول ان العلاقات بين دمشق وواشنطن"في الثلاجة"اذ ان"الاميركيين لا يعرفون مايريدونه من سورية". هذه ال"لا سياسة"الاميركية تجاه دمشق، ليست صدفة بالنسبة الى خبراء اخرين، اذ يرى مايكل دونيه من"وقفية كارنيجي"ان هناك"غموضا داخل ادارة بوش في شأن كيفية التعامل مع سورية. هناك اعتقاد ان هذا الغموض جيد مع التركيز حول ما يمكن ان تقوم به الادارة لفتح النظام السياسي السوري".
كانت العلاقات بين سورية واميركا دائما"غير شعبية"في البلدين وب"وجهين": علني فيه الكثير من التوتر,وضمني فيه الكثير من التفاهمات، الامر الذي افسح في المجال لدور اقليمي كبير لسورية لانها دائما كانت تعرف"الخطوط الحمر". وكانت سورية الدولة الوحيدة التي حظيت بعلاقات دبلوماسية بين الدول الثماني المدرجة على القائمة الاميركية للدول الداعمة ل"الارهاب"بحسب التعريف الاميركي منذ اعلان القائمة عام 1979. وفي التسعينات كان هناك انخراط كبير لتحقيق السلام بين سورية واسرائيل، وعقدت اجتماعات قمة عدة بين الرئيس الراحل حافظ الاسد والرئيس جورج بوش الاب وكلينتون، الذي سجل"خرقا"اميركيا بزيارة عاصمة"دولة ارهابية"بحسب تعريفهم.
وحصلت في السنوات الاخيرة جملة من التغييرات: انهيار قمة الاسد - كلينتون في اذار مارس 2000 بسبب رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك الانسحاب الكامل من الجولان، اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، فوز ارئيل شارون بالانتخابات و"انقلابه"على مسيرة السلام التقليدية، حصول تفجيرات 11 ايلول الارهابية وتغيير الاولويات الاميركية، بدء التفكير الاميركي في غزو العراق.
وكان الملف الاخير احد الاشكالات الكبيرة بين دمشق وواشنطن. اذ نجح اللوبي اللبناني والاسرائيلي في اقرار"قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان"عام 2001. لكن بوش ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط وليم بيرنز ووزير الخارجية كولن باول تدخلوا لدى الكونغرس لمنع تطبيقه"لانه يقيد ايدينا في السياسة الخارجية"خصوصا ان اميركا كانت على اعتاب احتلال العراق.
ومع وقوف سورية ضد الحرب، تغير سلوك ادارة بوش، وصار هناك ما يشبه الاجماع في واشنطن على"محاسبة سورية"على رغم الاعتراف بانجازات التعاون الامني لمكافحة الارهاب وتنظيم"القاعدة"، الامر الذي فتح الباب واسعا امام عدد من خطوات الضغط: تطبيق عقوبات"قانون المحاسبة"في ايار مايو العام الماضي، شن حملة مع فرنسا لخروج سورية من لبنان بعد اقرار القرار 1559، والسعي لاحكام العزلة على سورية، بعد"استدعاء"السفيرة الاميركية في دمشق مارغريت سكوبي.
ولأن باول جاء الى دمشق فور انتهاء الحرب على العراق في ايار مايو 2003 حاملا"قائمة المطالب"المتعلقة بالانسحاب من لبنان وتفكيك"حزب الله"وطرد قادة"حماس" و"الجهاد"واغلاق الحدود مع العراق والتخلي عن اسلحة الدمار الشامل واجراء اصلاحات داخلية، صار هناك اعتقاد سوري ان صقور ادارة بوش يريدون"الحصول بالسياسة ما حققوه في العراق بالحرب".
وبينما كان الدبلوماسيون الاميركيون يقولون ان بلادهم تريد"تغيير سلوك النظام"السوري، ازداد الاعتقاد في دمشق في السنة الاخيرة انهم يريدون"تغيير النظام"، الامر الذي يفسر الكثير من الخطوات اللاحقة في كون الاستجابة السورية متدرجة وبطيئة ومتأخرة في كثير من الاحيان.
وفيما ينقل مدير قسم الدراسات العربية في جامعة جورج تاون مايكل هدسون عن الرئيس بشار الاسد قوله ان اميركا"لن توقف الضغوطات مهما فعلنا"وانه مصاب ب"خيبة امل كبرى، لانه مهما فعلت سورية، فانها لا تحصل على تقدير"، فان السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى يؤكد انه"ليست هناك سياسة اميركية تجاه سورية".
ويقول مدير"مشروع الديمقراطية وحكم القانون"في"وقفية كارنيجي"توماس كارثر ان بعض المسؤولين الاميركيين يقول:"دعونا نضغط اكثر ولا نفكر بما سيحصل لاحقا"، قبل ان يشير الى ان ادارة بوش هي"ادارة اخذ المخاطر"التي لا تحمل خططا طويلة الاجل، بل رمي الافكار في الهواء وانتظار ردود الافعال. ويضيف خبير اخر ان فريق بوش"يريد استغلال الموقع الاميركي لتغيير العالم. سمه ما شئت: رؤية او جنونا".
عمليا، يلاحظ مدير برنامج الشرق الاوسط في"مركز الدراسات الدولية
والاستراتيجية"جون الترمان ان"ليست هناك لا في دمشق ولا في واشنطن رغبة قوية لتقوية العلاقات، ومقابل وجود الكثير من الاطراف التي تريد اضعاف العلاقات الثنائية، ليس هناك من يريد تقويتها"، قبل ان يستنتج ان اميركا"مهتمة باحتواء سورية وليس بالانخراط معها"من دون ان يصل ذلك الى مستوى"تغيير النظام".
لكن جوديث كيبر مديرة"منتدى الشرق الاوسط"في مجلس العلاقات الخارجية تقول:"كنت دائما اعتقد بضرورة الحوار مع سورية: نظام علماني، مقومات سياحية، بلد نام. لكن بعد تصرف الحكومة السورية قبل الحرب على العراق وبعدها، والتمديد لالرئيس اللبناني اميل لحود وانهاء التعاون العسكري والامني، اتخذت موقفا مختلفا". واذ تقول كيبر ان"القرارات السورية تتخذ ضد المصلحة السورية وان دمشق لم تفهم مغزى التحرك الفرنسي - الاميركي للانسحاب من لبنان وابعاده على المصالح الاستراتيجية لها"، تساءلت:"هل يمكن ان يكون المسؤولون السوريون بعيدين عن الواقع الى هذا الحد؟".
وتعتبر كيبر من الصحافيين الواسعي الاطلاع في واشنطن بحكم علاقاتها داخل الادارة. وهي تقول ان"سورية ستبقى منعزلة جدا الى ان يحصل شيء كبير في سورية. اميركا لن تحتل سورية، لكن دمشق ستحاسب عما تفعله في لبنان وعلى الحدود السورية - العراقية. لا نعرف كيف نتعامل مع النظام، انهم يكذبون علينا في وجهنا". وهي ترى ان"الدولتين اللتين يمكن ان تشكلا نموذجا للديمقراطية بلمسة يد، هما العراق وسورية. ارتكبنا خطأ في العراق. يجب ان لا يتكرر في سورية".
تغيير النظام ام السياسة؟
هل الادارة الاميركية في مرحلة"تغيير سلوك النظام"ام"تغيير النظام"؟ تقول كيبر:"اذا سقط النظام السوري لن يبكي احد عليه. لكننا لا نعمل على اسقاطه"، مشيرة الى ان استقبال فريد الغادري"اشارة الى انه بسبب سوء علاقتنا مع الحكومة، فاننا نريد التحدث مع الجميع".
ويوافق باتريك كلاوسون نائب مدير"معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى"، احد اذرع اللوبي الاسرائيلي، على هذا التحليل، ويقول:"هناك اهتمام قليل جدا، بسقوط نظام حزب البعث. ان ادارة بوش تدفع في اتجاه تغيير سياسات سورية خصوصا دعم المقاتلين في العراق. ليس معروفا الى الان ما اذا كانت الادارة تدفع في اتجاه تغيير النظام". وفيما يشير كلاوسون الى ان قمة جنيف بين الرئيسين بيل كلنتون والراحل حافظ الاسد تركت"طعما مرا"لدى ادارة بوش التي يبدو انها تقوم ب"سياسة عكس"سياسة
الادارات الديمقراطية، حمل روبرت مالي مدير برنامج الشرق الاوسط في"مجموعة الازمات الدولية"باراك مسؤولية عدم انجاز السلام، الامر الذي بدا واضحا في مذكرات كلينتون ووزيرة خارجيته مادلين اولبرايت والمنسق السابق لعملية السلام دينس روس.
غير ان كلاوسون يستدرك ان اسلوب سورية في كيفية التعاطي مع عملية السلام دليل الى"عدم ادراك ان العالم تغير. التركيز الان هو على الديمقراطية. الجنود الاميركيون يموتون في العراق وادارة بوش ليست مهتمة باستئناف مفاوضات السلام. وليست هناك اشارات الى ان الاسرائيليين مهتمون".
وهل يعني ذلك انتقال"العقيدة"الاميركية - الاسرائيلية من"الارض مقابل السلام"الى"السلام مقابل السلام"الى"الامن مقابل السلام"الى"الديمقراطية مقابل السلام"؟ يجيب كلاوسون :"التاريخ يعلمنا ان الديمقراطية هي الطريق للوصول الى مصالح الناس التي تدافع عنها"ثم يزيد ان"الديمقراطية ستكون جزءا اساسيا من السلام". ويضيف ان:"العهد الذي يقوم به قياديون مثل الرئيس المصري انور السادات بالسلام انتهى. لا بد من نظام ديمقراطي لتحقيق السلام".
في الاطار ذاته، يشير مالي الى ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس"طلبت من اسرائيل عدم توقيع أي اتفاق سلام مع دولة غير ديمقراطية. اولا نريد نظاما مختلفا في سورية ثم نستأنف مفاوضات السلام".
وكان مسؤولون سوريون اعلنوا استعدادهم لاستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة. كما ان قرارا صدر باعادة اعمار القنيطرة المدمرة منذ العام 1974. وسمحت السلطات السورية ب"صفقة التفاح"لبيع تفاح جولاني في سورية، في اطار اشارات لتعزيز الرغبة بالسلام.
ويقول تيودور قطوف مدير برنامج"اميدست"ان القرارات الدولية"مهمة فقط للدول الضعيفة، وهي كثيرة في الشرق الاوسط". ويقول مالي الذي حرر كتابا من قسمين عن"سورية تحت حكم بشار الاسد"العام الماضي:"عندما تكون سورية تحت الضغط فيجب ان تقوم بالكثير ويجب ان لا تصرف رأس مالها في امور صغيرة لن تجدي نفعا. سورية يجب ان لا تشعر انها بسهولة يمكن ان تخرج من تحت الضغط".
وسط هذه الصورة المتشائمة هناك القليل من الاصوات الموضوعية المدافعة عن السياسة السورية بينهم الصحافي سيمور هيرش وليفريت، اضافة الى ديفيد ليش الذي التقى الرئيس بشار الاسد مرات عدة في اطار اعداده كتابا عن الرئيس السوري بعنوان"اسد سورية الجديد وسورية الحديثة"، اذ يقول الاخير ان"المحافظين الجدد"في اميركا استغلوا عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري لتحويل سياسة اميركا من"تغيير سياسة النظام"الى"تغيير النظام"، الامر الذي كان وافق عليه خبير اخر باشارته الى ان"سورية هي التفاحة المتدلية سهلة المنال"في القياس الى ايران. وزاد ثالث :"ربما تكون سورية كبش الفداء للاخطاء الاميركية في العراق".
وبعدما يسأل ليش :"ماذا ستفعل سورية؟ هل ستنعزل اكثر؟ هل ستستخدم هذه الازمة لقيادة الدولة الى اتجاه اخر؟ يجيب:"هناك تفاؤل كبير بمؤتمر حزب البعث الحاكم. ربما ستحصل بعض الحركات التجميلية مثل الغاء محكمة امن الدولة العليا والسماح بقانون احزاب وتغييرات حزبية للخروج من"عباءة العروبة"، ويضيف ان الرئيس السوري"يبحث عن شرعيته الخاصة. لديه رؤية وواثق ان لديه افكارا لكن لابد ان يصيغها برؤية ويقدمها بقوة ويجب ان ينفصل عن ابيه".
ويوافق ليش مع ما قاله هدسون من انه لاحظ ان لدى الاسد"خيبة كبيرة، يشعر انه فعل الكثير لكن أي تقدير لم يأت من اميركا. ليست هناك جزرات دائما يأتي الاميركيون بالعصا الى دمشق".
هناك اعتقاد رسمي سوري ان الكثير من"قائمة المطالب"الاميركية"اسرائيلي خصوصا المتعلق بحماس والجهاد وحزب الله لان هذه المنظمات لا تفعل أي شيء ضد اميركا"، ما يفسر تعاون دمشق مع واشنطن في محاربة"القاعدة"ورفضها التعاون في شأن"المقاومة المشروعة". كما ان اللافت ان اميركا تطلب من سورية التخلي عن اوراق النظام ذات الدعم الشعبي، اذ يقول مصدر رسمي:"لا نفكر بالوضع الداخلي سوى في اطار الوضع العام. ليس لدينا تركيز على الوضع الداخلي لسورية، بل نحن منشدون الى نشاطات سورية الخارجية"، لكن مصدرا اخر يقول ان الحوار الدبلوماسي"بات يركز كثيرا على الاصلاح والتغيير الديمقراطي. بعض الناس يقولون لنا: اضغطوا على الحكومات بكل ما لديكم لدفعها الى التغيير البعض الاخر يقول: لا تتدخلوا. نحاول القيام بحل وسط بين القيام بالكثير وبأيد غليظة والقيام بالقليل". ويزيد ان"الاصلاح بات على الاجندة على عكس السنوات السابقة. وصار بامكاننا ان نقول لشركائنا ما لم يكن ممكنا قبل سنوات".
وربما هذا ما يفسر الاعتقاد ان مسؤولين اميركيين بدأوا الاتصال بحركة"الاخوان المسلمين"المحظورة في سورية منذ العام 1980 بموجب القانون 49، بالتزامن مع لقاء ليز تشيني مع وفد من"المعارضة"المقيمة في الخارج، واشارة رايس الى ان بلادها لا تجد مشكلة في"التعامل مع الحركات الاسلامية".
ويقول بروس جاكسون رئيس"برنامج الديمقراطيات الانتقالية"ان لارايس ولا مدير مكتب الامن القومي ستيف هادلي"يريدان تكرار اسلوب تغيير الانظمة"ويشير الى"عدم وجود برنامج لتغيير النظام او لنقل الديمقراطية"، الامر الذي يوافق عليه مصدر في وصف"الموقف الراهن"في كونه"استمرار الضغط ولن نتعامل مع الحكومة الى ان تجري تغييرا كبيرا في السياسة".
غير ان الترمان يقول:"ان الاخوان المسلمين قوة في سورية وليس معروفا ما اذا كانوا سيلعبون دورا. ممكن ان يكون الاخوان في سورية مثل الاخوان في الاردن. لم نبدأ الاتصالات بعد وسنكون حذرين في اي اتصالات
معهم. سنستمر بالضغط اذ يبدو ان الضغط دفع الى بعض الاصلاحات. الضغط المدروس ادى الى بعض التغيير"، مستدركاً:"ليس مهما ان يكون الاسلاميون في الحكم اذا كانوا ديمقراطيين. نستطيع التعايش مع منظمات اسلامية تقبل الديمقراطية ولاتحمل اسلحة"الامر الذي يستثني حركات"حماس"و"الجهاد"و"حزب الله"و"القاعدة".
وامام"الغموض"في واشنطن ازاء"النهج الاميركي"، يشير ليفريت الى ثلاثة احتمالات :"استمرار الضغوطات الاقتصادية والسياسية والاعلامية ضد سورية، التعامل معها كنظام"طالبان"في افغانستان او صدام في العراق واتباع اسلوب التغيير القسري للنظام، وخيار سياسة العصا والجزرة على الطريقة الليبية". واذ يفضل هذا الخبير اسلوب"الانخراط الشرطي"مع دمشق، فانه يشير الى ان"مجموعة"من"المحافظين الجدد"تدفع في اتجاه "التغيير القسري" وان اعضاءها فتحوا"ملفا"وهم يتصيدون"خطأ"سوريا. وهناك اعتقاد بأن جماعة الضغط الاسرائيلية ميالة الى هذا الاسلوب بصرف النظر عن النتائج، وفق ما عبر مدير"معهد واشنطن"روبرت ساتلوف ب"الفوضى البناءة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.