يعتزم ابو خالد، صاحب مقهى للانترنت في منطقة زيونة شرق بغداد، إغلاق محله ونقل الأجهزة والانتقال مع عائلته الى أربيل لافتتاح محل جديد والإقامة هناك بعد تهديدات وصلته بوجوب غلق المحل من جهة يجهلها من دون بيان الأسباب. وقال ل"الحياة"إن مراكز الانترنت في بغداد بدأت تتلقى تهديدات بالخطف والقتل، حتى باتت غالبية المراكز مغلقة و"للبيع". وتساءل ابو خالد:"هل باتت مقاهي الانترنت تشكل خطراً على أحد؟"، ويجيب من دون تفكير"بالتأكيد وإلا ما كانت حملة التهديدات المنظمة طاولت أصحابها". ودخلت خدمة الاتصالات الدولية العراق بعيد الحرب الأخيرة عام 2003 من دون رقابة أو تنظيم، وشكلت بارقة أمل للعراقيين لاستخدام تكنولوجيا المعلومات، إلا أن الشبكة العنكبوتية باتت تؤثر سلباً في المجتمع لأن الجماعات المسلحة بدأت تستخدمها لمصلحتها. وقال صاحب مقهى في بغداد، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن ميليشيات مرتبطة بالأحزاب الحكومية تهدد مراكز الانترنت لأن بين مرتاديها عناصر مسلحة مناوئة للحكومة. واضاف ان مسلحين يرتدون زي الشرطة المحلية"لا نعرف ان كانوا من عناصر وزارة الداخلية أو ميليشيات حزبية أو فرق الموت أو عناصر إرهابية، شنوا حملة لإغلاق مراكز الانترنت في شارع فلسطين وزيونة وبغداد الجديدة، واعتقلوا أصحابها بحجة الارتباط بجماعات مسلحة، فضلاً عن عمليات الدهم المستمرة للمقاهي في الأحياء الساخنة التي تشنها القوات الاميركية والعراقية على حد سواء". واشار صاحب المحل الى ان عناصر الجيش العراقي طالبت احد أصدقائه بإغلاقه أمام الزبائن بحجة انه يوفر مكاناً ملائماً للقاء المسلحين والاتصال بينهم، باعتبار ان الخدمة هي وسيلة الاتصال الأسرع والأسهل والأرخص والأكثر سرية، لافتاً الى ان العناصر الأمنية هددت صديقه بالاعتقال بتهمة توفير الدعم للمسلحين في حال فتح المحل من جديد. وكانت القوات الاميركية أغلقت كل مقاهي الانترنت في الفلوجة غرب الأنبار قبل ثلاثة أشهر للسبب نفسه. وقال سلام كامل، أحد العاملين في مركز الاتصالات في حي الكرادة، إن"زبائن المحل كلهم من شباب الحي لكن لا أستطيع التكهن بعلاقاتهم على رغم انني لم ألاحظ شيئاً مريباً". وانتشرت مراكز الانترنت في عموم بغداد وشهدت إقبالاً مكثفاً، لا سيما مع انعدام أماكن الترفيه والتسلية كالنوادي الرياضية والاجتماعية والمتنزهات ودور السينما والمسارح، لكن التهديدات الأخيرة زادت مخاوف الأسر البغدادية ودفعت أبناءها الى استخدام الانترنت في المنزل اعتماداً على جهاز الهاتف الأرضي. وكانت وزارة الداخلية أكدت في بيان أنها تشن عمليات دهم لمحلات الأقراص المدمجة التي يشتبه بأنها تحرض على العنف. وتحاول الحكومة استعادة سيطرتها الأمنية عسكرياً واستخباراتياً. ويخول قانون السلامة الوطنية رئيس الوزراء نوري المالكي فرض القيود على الانترنت. وكان البرلمان مدد حال الطوارئ شهراً آخر. وأكد مصطفى ناجي، وكان يملك مقهى للانترنت، تم اغلاقه في حي الدورة أن"مقاهي عدة خضعت لسيطرة جماعات مسلحة او كانت هي تديرها أصلا لإبعاد الشبهات عن تحركاتها". وقال خلدون محمد صاحب مقهى للانترنت في شارع الربيعي إن دوريات الشرطة طلبت منه إلغاء خدمة الانترنت والإبقاء على الاتصالات الهاتفية والفاكس من دون ان يعرف ان كان هذا الأمر اجراء حكومياً. لكن مصادر حكومية مطلعة أكدت ل"الحياة"ان أي قرار بإغلاق او تحديد حرية مكاتب ومقاهي الانترنت لم يصدر على رغم ان معلومات مؤكدة تشير الى استخدام بعضها لتوفير الاتصالات الأكثر أمناً بين المسلحين او التحريض على العنف.