هدد وزير العمل الإماراتي علي الكعبي الشركات الخارجة على قانون وقف العمل وقت الظهيرة صيفاً، بإدراج اسمها في قائمة سوداء ترسل إلى الصحف ليجرى نشرها يومياً، كخطوة عقابية أولى تتبعها خطوات أخرى أكثر تشدداً، في وقت كشفت مصادر رسمية عن احتمال توجه الدولة الى السماح بتأسيس نقابات عمالية في إطار مفاوضاتها لإقامة منطقة تجارة حرة مع الولاياتالمتحدة الاميركية. ويأتي تصريح الوزير بعد مخالفة شركات مقاولات عدة القانون، وإثارتها"زوبعة"في ضوء الزامها بعدم تشغيل العمال بين الساعة الثانية عشرة والنصف والثالثة عصراً. اذ يرى بعضهم أن توقف العمل ليس في مصلحتهم ويكبدهم خسائر كبيرة، لا سيما أنهم لم يحسبوا فترة التوقف المقررة والتي تقارب ثلاث ساعات عند تقدّمهم للحصول على عقود المشاريع، ما يعرقل الالتزام بمواعيد التسليم التي اتفقوا عليها مع الشركات المطورة لهذه المشاريع، المملوكة في الغالب للحكومة التي تعرف بتشددها في موضوع التسليم وفق البرنامج الزمني المتفق عليه. ويحاول بعض شركات المقاولات في الإمارات تعويض الوقت"الضائع"من طريق دفع العمال للعمل في هذه المشاريع حتى ساعات متأخرة من مساء كل يوم. وعلى رغم هذا اشار مسؤولون الى ان أكثر من 70 شركة خالفت القانون الجديد في العاصمة أبو ظبي وحدها، وهنالك 55 شركة مخالفة من أصل 262 شركة في الإمارات الشمالية نصفها في دبي. وأفادت مصادر معنية بملف المفاوضات"الحياة"، ان الدولة تدرس مشروع قانون يسمح لليد العاملة الأجنبية فيها بتشكيل نقابات واتحادات عمالية ترعى حقوقها مع أصحاب العمل، في اطار مفاوضات التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة، اسوة بسلطنة عمان التي اقرت تشكيل نقابات قبل توقيعها على منطقة التجارة الحرة مع اميركا. وعلى رغم ان السلطنة بدأت مفاوضاتها مع الولاياتالمتحدة في الوقت نفسه الذي بدأتها الامارات، فهي سبقتها الى التوقيع على الاتفاق. وأضافت المصادر ان هذا التحرك جاء بقرار من مجلس الوزراء الذي أوصى بإعداد قانون يسمح بتشكيل نقابات عمالية في بلد تشكل اليد العاملة الأجنبية فيه اكثر من 85 في المئة من إجمالي عدد السكان البالغ أربعة ملايين نسمة، وهي اعلى نسبة في منطقة الخليج العربي التي يعمل فيها نحو 26 مليون شخص معظمهم من شبه القارة الهندية. وأشارت المصادر إلى أن القانون في مراحله النهائية ويتوقع صدوره نهاية العام الجاري، على اعتبار ان"الأمر بات ملحاً"، في ضوء قرار الدولة انتهاج الاقتصاد الحر وركوب قطار"العولمة". وتأتي هذه الخطوة أيضاً تلبية لمطالب منظمتي العمل والتجارة الدوليتين التي بدأت الإمارات تطبيق استحقاقاتها مطلع العام الجاري، ومن شروطها تغيير قوانين العمل، والسماح بإقامة تجمعات نقابية ليس فقط للعمال الأجانب وإنما الوطنية أيضاً، وتحديد أجور العمال، وعدم تشغيل الأطفال. واستبقت الإمارات صدور قانون العمل، معلنة أنها ستبدأ تشديد قبضتها على المخالفين لقانون استخدام الأطفال في سباقات الهجن. وأصدرت تشريعاً يحظر استخدام الأطفال دون ستة عشر عاماً او اؤلئك الذين يقل وزنهم عن خمسة واربعين كيلوغراماً. وإذا كان قانون تشغيل الأطفال يلقى اهتماماً كبيراً على أعلى المستويات، فإن تردد الحكومة في السابق في تطبيق قوانين العمل الأخرى، يعود على ما يبدو، إلى خشيتها من انعكاسات ذلك على التركيبة السكانية في الدولة. وأكدت المصادر ان المسؤولين في الدولة يخشون قيام العمال الأجانب، خصوصاً الذين امضوا عشرات السنين في البلد، في إطار النقابات العمالية، بالمطالبة بحق الجنسية والتعليم والصحة، أسوة بما يحدث في الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة، حيث يعامل الأجنبي في هذه البلاد معاملة المواطن تماماً في كل الحقوق، طالما يملك تصريح عمل نظامياً، بما في ذلك المشاركة في الانتخابات البلدية. ولا يجادل أحد في حق الإمارات في الحفاظ على نسيجها الاجتماعي وأمنها الداخلي، ومكافأة المواطنين أهل البلد الأصليين الذين عانوا في مرحلة ما قبل النفط. لكن المعضلة، في رأي المحللين تكمن في أن متطلبات العولمة قد تحتم على الحكومة تجنيس مئات آلاف الوافدين، خصوصاً من شبه القارة الهندية الذين يشكلون اكثر من نصف عدد السكان، وكثر منهم أمضوا عشرات السنين في البلاد.